نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي: حان وقت تغيير النظام الشمولي.. والتسوية السياسية لا تزال ممكنة

وفد نيابي روسي ينهي زيارته لدمشق ويؤكد أن المعارضين متفقون على أن لا بديل إلا الحوار

مظاهرة طلابية في الطيبة بحوران أمس (موقع أوغاريت)
TT

دعا نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي إلياس أوماخانوف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى «تقييم ما هو موجود في سوريا بشكل عادل من أجل عدم تكرار السيناريو الليبي الذي شاهده العالم بأسره»، وذلك في ختام زيارة وفد نيابي روسي لدمشق، التقى فيه بمجموعة من المعارضين السوريين. وأضاف في مقابلة مع التلفزيون الرسمي السوري «التقينا مع الكثير من ممثلي المعارضة وكانت هناك وجهات نظر مختلفة ولكن الجميع كانوا متفقين على مسألتين أساسيتين أولاهما التطور السلمي وأنه لا بديل عن التحول السلمي للإصلاحات وثانيتهما الحصول على موافقة المجتمع السوري للتوصل لهذا الهدف وأن يكون هناك وقفة ضد التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسوريا».

ونقلت وكالة أنباء «إيتار تاس» عن أوماخانوف الذي ترأس الوفد الروسي إلى دمشق، أنه وبعد لقاء الوفد مع شخصيات من المعارضة السورية، «صار على يقين من أنها تؤيد مواقف روسيا في مجلس الأمن الرافضة لأي تدخل أجنبي وفرض أي عقوبات أممية على سوريا نظرا لإدراكها أن أي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي يمكن أن يتحول إلى تدخل عسكري مباشر». وأضاف بحسب وكالة ريا نوفوستي الروسية أن «المعارضين السوريين ومنهم قدري جميل ومي الرحبي وعارف دليلة، لا يرون بديلا للحوار»، مشيرا إلى أنهم «يعون أن سوريا صارت ساحة لتصادم مصالح البلدان المختلفة وأن إسقاط النظام قد يؤدي إلى انتهاك خطير لحقوق الأقليات التي تتمتع بالتوازن القائم بينها في سوريا اليوم». ونقلت وكالة «أنباء موسكو» عن أوماخانوف قوله: إن هناك خلافا بين فصائل المعارضة حول من وكيف يجري المباحثات مع السلطة في سوريا.

وأشارت مصادر مطلعة في موسكو، على صلة بالواقع السوري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الأسماء التي أشار إليها أوماخانوف لا تعكس تمثيلا حقيقيا لمواقع المعارضة التي التقى الوفد الروسي معها». وأشارت المصادر إلى أنه «في الوقت الذي يعكس فيه عارف دليلة المواقف الحقيقية لـ(مجموعة إعلان دمشق) المبدئية، يقف قدري جميل على طرفي نقيض من المواقف الانتقادية لهؤلاء والرافضة لدعم موسكو لمواقف النظام السوري وسياساته».

وكشف أوماخانوف في تصريحاته عن أن انطباعا تولد لدى أعضاء الوفد الروسي حول أن المعارضة السورية مشتتة ولا يوجد لها تمثيل كامل في سوريا. وقال: «هناك من يعيش في الخارج وهناك أيضا المتطرفون الذين يرفضون أي حوار مع السلطة، هؤلاء يرتبطون بالإسلام الأصولي الذي هو مصدر آيديولوجيتهم وأساس للمجموعات التي تنشط في بعض المدن والبلدات وترعب سكانها». وأضاف أن «ثمة إحساسا بأن المعارضة لا تمثل أكثرية السكان، إلا أن الجميع يدركون أنه لا بديل للحوار». وقال: «إنهم يدركون أن سوريا تحولت إلى ساحة للصراع بين مصالح دول مختلفة، ما يثير مشاعر القلق تجاه أن الإطاحة بالنظام يمكن أن تؤدي إلى انتهاك حقوق الأقليات القومية، التي تتسم بالتوازن في الوقت الحاضر، وأن الفرق بينهم يكمن في كيفية رؤيتهم لتركيبة المعارضة التي يمكنها المشاركة في الحوار مع السلطة».

وإذ اعترف بأن التسوية السياسية لا تزال ممكنة في سوريا، عزا أوماخانوف سخط الأوساط الاجتماعية إلى حدة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى «وجود الفرصة للإصلاح الذي اعترف الرئيس بشار الأسد بضرورته وعزمه على إجرائه». وأكد «أن ذلك ليس مجرد خطوة تكتيكية لتهدئة الأوضاع بل اتجاه استراتيجي». وإذ أشار إلى أن «الوقت قد حان لتغيير النظام الشمولي من خلال الإصلاحات الديمقراطية»، قال: إن الوضع في سوريا «أكثر استقرارا مما تعرضه شاشات التلفزيون وإن هناك يقينا من إمكانية قلب الصفحة الدرامية في سوريا».

من جهته، أكد المعارض السوري مروان حبش، الوزير الأسبق في الحكومة السورية، أن الشخصيات السورية المعارضة التي التقت بوفد برلمان الاتحاد الروسي في دمشق، طالبت موسكو بالوقوف إلى «جانب الشعب السوري لأن مصالحها المستقبلية مع الشعب وليست مع النظام الاستبدادي». وقال حبش، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «لقد أبلغنا الوفد الروسي وجهة نظرنا التي تنحاز لحقوق السوريين المطالبين بالحريات والكرامة». وأضاف: «وبعد أن تحدث رئيس الوفد الروسي عن طبيعة مهمته، وعن زيارته لبعض المناطق في سوريا والتقائه مع مواطنين فيها وعن رغبته في معرفة وجهة نظرنا في أسباب وطبيعة الحراك الحالي عاد وسأل عن الدور الذي يجب على روسيا القيام به تجاه سوريا».

وذكر حبش الذي اعتقل لقرابة ربع قرن نتيجة مواقفه السياسية: «لقد اتفقت وجهات نظر (شخصيات المعارضة) على ضرورة إنهاء النظام الاستبدادي الأمني وتأسيس دولة ديمقراطية تعددية تداولية ولا للتدخل الخارجي في الشأن الداخلي». وتابع: «هذا ما يجب أن تساعد الدولة الروسية به الشعب السوري، ومصالحها هنا مع الشعب السوري، ورغم تباين بعض وجهات النظر حول أسباب الثورة الشبابية في سوريا وحول محركيها، نفت الشخصيات المنتمية إلى هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي دور المؤامرة الخارجية في قيام هذه الثورة (وهي الرواية الرسمية) وأن تحاول بعض الجهات الخارجية فيما بعد استغلال ما يحدث لتنفيذ أجنداتها الخاصة».

وعلى صعيد آخر نقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن مسؤول أميركي قوله: إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أطلعت أول من أمس في نيويورك نظيرها الروسي سيرغي لافروف، على موقف واشنطن، الداعي إلى اتخاذ قرارات أكثر تشددا مع الحكومة السورية، وإن الوزير الروسي وإن لم يعلن عن اتفاقه مع الموقف الأميركي، فقد «وافق على مناقشة كيفية معالجة مجلس الأمن لهذه القضية في وقت لاحق»، مؤكدا ضرورة الحوار بين الحكومة والمعارضة في سوريا.