نيويورك تعيش كابوس الإرهاب وتتحول إلى ثكنة عسكرية غير مسبوقة

الشرطة تغلق الشوارع المحيطة بالأمم المتحدة بالشاحنات وآلاف رجال الأمن

TT

تعيش مدينة نيويورك، وعلى وجه التحديد المنطقة المحيطة بمبنى الأمم المتحدة، هذه الأيام كابوس الإرهاب؛ فقد تحولت المدينة إلى ثكنة أمنية غير مسبوقة، ربما استعدادا لحضور الرئيس باراك أوباما الذي يلقي خطابه أمام الجمعية العامة غدا، كما قال مواطن أميركي من أصل عربي لـ«الشرق الأوسط».

وقال عصام المعلا، منسق الحملة الوطنية لدعم «الدولة 194» الذي يزور المدينة في مثل هذا الوقت من كل عام، وهو وقت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ من 13 سبتمبر (أيلول) وحتى الثلاثين من الشهر نفسه: «صحيح أن المدينة تشهد تعزيزات أمنية في مثل هذا الوقت من كل عام، لكن ما نراه هذه الأيام من وجود أمني مكثف لم يسبق أن شاهدته من قبل».

فمداخل الشوارع الممتدة من الشارع الأول المحاذي لنهر «إيست» إلى الشارع الثاني الموازي له، مغلقة بالكامل أمام حركة السير، وكذلك الشوارع المتقاطعة مع الشارعين، بدءا من الشارع «41» وحتى «49»، ليس برجال الشرطة والأمن وسياراتهم فحسب؛ بل بشاحنات ضخمة محملة، كما قال المعلا، بأكياس الملح التي تستخدم عادة لتذويب الثلوج من الشوارع أيام الشتاء، وذلك لمنع أي محاولات اقتحام للسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية.

في هذه الشوارع وتقاطعاتها ومداخلها، يحرس كلا منها ليس شرطيا أو اثنين؛ بل العشرات في آن معا، كما أن كل جانب من جوانب الشوارع محاط بسواتر حديدية لا تسمح للمارة بأن يقطعوا الشارع من جانب إلى الجانب الآخر. وينتشر رجال الأمن أيضا فوق أسطح المنازل.

وليس من قبيل المبالغة القول إن أعداد الشرطة ورجال الأمن المدججين بالسلاح والكلاب البوليسية وسياراتهم في هذه الشوارع الممنوعة بالطبع على السيارات المدنية، باستثناء تلك السيارات التي تقل الوفود المشاركة وكبار المسؤولين من وإلى فنادقهم، تفوق عدد المارة والمتجولين وهم كثر ومعظمهم، إن لم يكن جميعهم، من المسؤولين وأعضاء الوفود المشاركة في جلسات الجمعية العامة إضافة بالطبع إلى رجال الصحافة ومراسلي الصحف والتلفزيون ووكالات الأنباء الذين يعدون بالمئات إن لم يكن بالآلاف وتكتظ بهم فنادق المدينة الباهظة التكلفة.. فرجال الشرطة والأمن تجدهم عند كل منعطف بالعشرات.

وإضافة إلى رجال الشرطة الثابتين أو الراجلين عند المرافق والتقاطعات المؤدية إلى مبنى الأمم المتحدة والفنادق القريبة منه، هناك أيضا رجال الشرطة المحمولون بالسيارات الصغيرة منها والكبيرة، وفوق هذا وذاك، فمن الشرطة من يتنقل على الدرجات الهوائية لأسباب لا أدريها. ولا ينسى ذكر طائرات الهليكوبتر التي تحلق في سماء المنطقة.

ويزداد عدد رجال الشرطة بكلابهم البوليسية عند مداخل الفنادق الذين لا يسمحون لأي شخص بدخولها، ليس فقط بالتأكد من هويته؛ بل أيضا بأنه من نزلاء هذا الفندق. وحتى في داخل الفنادق هناك العشرات من رجال الأمن المنتشرين في طرقات الأدوار وفي كل مكان. ويقف عند مدخل كل دور من سلم درج خاصة في الأدوار المخصصة للزعماء وكبار المسؤولين، ليس شرطيا عاديا بسلاحه الفردي؛ بل جندي يرتدي زي المعركة يحمل بندقية ربما «إم 16»، وأنا هنا لست خبيرا في السلاح.

ورغم ذلك، فإن الإجراءات الأمنية لن تقف حائلا أمام مظاهرة فلسطينية عربية تضم بضعة آلاف، سيسمح بتنظيمها في الساعة الثانية عشرة حسب التوقيت المحلي لمدينة نيويورك (الساعة الرابعة بتوقيت غرينتش) من يوم الجمعة المقبل، في مكان محدد أمام الجمعية العامة التي تعقد جلساتها في مبنى قريب من المبنى الأصلي الذي يخضع لبعض الصيانة، وذلك تأييدا للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي سيبدأ في إلقاء خطاب طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، أمام الجمعية العامة في الوقت نفسه.