ثوار 17 فبراير لـ «الشرق الأوسط» : القذافي يحاول التبرؤ من المسؤولية عن الحكم طوال 34 سنة

قالوا إن كلمته الصوتية الجديدة محاولة لتأليب القبائل الليبية.. وعرقلة التجربة الديمقراطية الجديدة

TT

اتهم ثوار «17 فبراير» العقيد معمر القذافي بمحاولة التبرؤ من المسؤولية عن الحكم طوال 34 سنة بزعم أنه سلم السلطة للشعب منذ عام 1977، وقالوا إن كلمته الصوتية الجديدة التي تم بثها أمس محاولة لتأليب القبائل الليبية، وعرقلة التجربة الديمقراطية الجديدة.

ووصف القذافي الأحداث الجارية في ليبيا بأنها مهزلة، ودعا في تسجيل صوتي جديد بثته قناة «الرأي» التي تتخذ من سوريا مقرا لها، إلى عدم تصديق الإطاحة بالنظام، وقال إن «ما يحصل في ليبيا مهزلة شرعيتها معلقة مع قنابل الجو التي لن تدوم»، لكن معارضي الزعيم المخلوع سخروا من التسجيل، وقال هاني سوفراكيس ومحمد امحيميد، من قيادات ثورة «17 فبراير» إن القذافي انتهى ولن يعود مرة أخرى، بعد أن أصاب ليبيا بالتخلف طيلة 42 عاما من حكمه، وذلك على الرغم من بطء تقدم الثوار للسيطرة على آخر معاقل القذافي في بني وليد وسرت وسبها والجفرة وعدة جيوب أخرى في الصحراء بجنوب غربي البلاد.

وتولى القذافي السلطة في ليبيا عام 1969 عبر انقلاب دبره مع ضباط في الجيش الليبي ضد حكم الملك إدريس السنوسي وألغى الدستور والبرلمان وحظر قيام الأحزاب. ويقول الليبيون إن الزعيم المخلوع ظل الحاكم الأوحد لليبيا لأكثر من أربعة عقود، وإنه مسؤول مسؤولية كاملة عن كل ما حدث في البلاد خلال تلك الفترة على الصعيدين الداخلي والخارجي، لكن القذافي ألقى بالمسؤولية في إدارة البلاد منذ عام 1977 على القبائل الليبية.

وعبر الهاتف من طرابلس، قال محمد امحيميد، القيادي في ثورة «17 فبراير» التي أطاحت بحكم القذافي، إن الكلمة الجديدة التي أذيعت أمس «محاولة على ما يبدو من القذافي لإبعاد نفسه عن أي مؤاخذة على القرارات السياسية والأمنية والاقتصادية التي اتخذها في العقود الثلاثة الأخيرة الأهم من فترة حكمه»، مشيرا إلى أن مدينة سبها التي أطلق منها القذافي بيانه عام 1977 عن «سلطة الشعب»، وتغيير الاسم الرسمي لليبيا، إلى اسم طويل هو «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية»، ستحرر بأيدي الثوار خلال الساعات القريبة المقبلة.

وفي كلمته الجديدة المسجلة، قال القذافي إن «النظام السياسي في ليبيا هو نظام سلطة الشعب الذي يمارسه كل الليبيين، رجالا ونساء، في المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية، وهذا النظام من المستحيل الإطاحة به. كيف يطاح بنظام متجسد في كل المواطنين الذين هم بالملايين». ورفض القذافي الاعتراف بسقوط نظامه، قائلا «أما التشدق بالإطاحة بنظام القذافي فهذا مدعاة للضحك، ومدعاة للسخرية بأصحابه، فليس للقذافي نظام سياسي حتى يمكن الإطاحة به. فالقذافي خارج السلطة منذ عام 1977 عندما سلم السلطة للشعب أمام العالم، وقامت الجماهيرية أي دولة الجماهير».

وقال امحيميد، وهو قيادي سياسي وقانوني في الثورة، إن القذافي استند على ما يبدو على البند الثالث من إعلان بيان «سلطة الشعب» الذي مضى عليه نحو 34 عاما، وإنه بهذا يسعى للنأي بنفسه عن تحمل أي مسؤولية في حال مساءلته مستقبلا. وينص البند الثالث من البيان المشار إلى أن «السلطة الشعبية المباشرة هي أساس النظام السياسي في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية، فالسلطة للشعب ولا سلطة لسواه، ويمارس الشعب سلطته عن طريق المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية والنقابات والاتحادات والروابط المهنية ومؤتمر الشعب العام، ويحدد القانون نظام عملها».

وأشار امحيميد إلى أن القذافي تجاهل في كلمته أنه وافق على قرارات مؤتمر الشعب العام في ذلك الوقت باختياره أمينا عاما لمؤتمر الشعب العام، باعتباره «المفكر الثائر والقائد المعلم».

وقال القذافي إنه لم يكن يوجد نظام للحكم حتى يتم إسقاطه لصالح نظام جديد، وإن الشعب الليبي المتكون من قبائل اختار ألا يمثله أحد، وتطرق إلى اجتماع «لألفي قبيلة ليبية» قال امحيميد إن المقصود به «اجتماع هزيل» عقد مع تصعيد حلف الناتو لعلمياته ضد نظام القذافي في مايو (أيار) الماضي، وأعلنت فيه عدة قبائل (منها القذافة التي ينتمي إليها العقيد الليبي والورفلة والمقارحة المؤازرة له منذ عقود)، «مقاومة العدوان والتمسك بالنظام الجماهيري البديع والتمسك بك (بالقذافي) إلى الأبد قائدا ورمزا وعنوانا وضميرا حيا».

وقال القذافي في كلمته أمس: «يكفي أنه عندما اجتمعت أكثر من ألفي قبيلة عبر شيوخها وزعمائها وأعلنت للعالم أن الشعب الليبي المتكون من هذه القبائل لا يمثله أحد، ردا على ادعاء دول الناتو وعملائها، بأن مجلسا انتقاليا في بنغازي يمثل الشعب، ردت قبائل الشعب الليبي كلها عبر ملتقاها العام لألفي قبيلة بأن الشعب الليبي موجود ولا يمثله أحد».

ودافع القذافي عن نظرياته في الحكم التي وضعها في الكتاب الأخضر الشهير. وأضاف: «إذن لا شرعية إلا لسلطة الشعب. لا شرعية إلا للمؤتمرات الشعبية الأساسية التي في عضويتها كل أفراد الشعب الليبي رجالا ونساء، وما عدا ذلك فهو باطل وغير شرعي، ولن يجد أرضا يقف عليها، فسلطة الشعب دونها الموت، هذا ما قاله الليبيون وهاهم يموتون دون سلطة الشعب الآن».

يأتي هذا في وقت بدأت فيه المجالس المحلية الشعبية تستعد لإجراء انتخابات ديمقراطية لأول مرة منذ أكثر من أربعين سنة، بعيدا عن نظريات القذافي، حيث بدأت تلك الانتخابات بالفعل في بلدة زوارة في غرب ليبيا، ويستعد فيها المجلس الانتقالي الذي يدير البلاد لاختيار حكومة والإعداد للانتخابات البرلمانية والدستور. لكن القذافي قال أمس: «لا تفرحوا ولا تصدقوا بأن هناك نظاما أطيح به، وهناك نظاما فرض على الشعب الليبي بالقصف الجوي والبحري.. هذه مهزلة شرعيتها معلقة في الجو مع قنابل طائرات الناتو التي لن تدوم».

ومن جانبه، قال هاني سوفراكيس المسؤول عن الإعلام في ثورة «17 فبراير»، وعضو لجنة إدارة الأزمة التابعة للمجلس الانتقالي الليبي (في مصر)، التي تضم 14 عضوا: «أظن أن القذافي لم يعد له اعتبار شخصي. تأثيره على الشعب الليبي انتهى. وكثرة التعليق عليه تزيد من حجمه الحقيقي».