مالك المغربي أصغر صحافي ليبي يواكب المؤتمرات الصحافية والمظاهرات وينشرها على حسابه في «فيس بوك»

عمره 14 سنة.. وأصبح وجها مألوفا في فندق يقيم فيه الصحافيون في بنغازي

مالك المغربي (أ.ف.ب)
TT

يحلم مالك، المفتون بعالم الصحافة وأصغر صحافي في ليبيا وسليل أسرة أسهمت في الجهاد الليبي أيام مقارعة عمر المختار الاستعمار الإيطالي وفي الثورة الليبية، بمشاريع كثيرة في ليبيا الجديدة تراوح بين وكالة أنباء ومنظمة للدفاع عن حقوق الأطفال، تقول وكالة الصحافة الفرنسية.

ومنذ أن تسلل من المنزل ببنغازي من دون أن يعلم أبوه، الذي كان يمنعه من الخروج من البيت بسبب الأوضاع، أصبح مالك المغربي (14 عاما) منذ أشهر وجها مألوفا في فندق يقيم فيه الصحافيون في مدينة بنغازي (شرق) لا تكسر جديته وهو يجلس إلى حاسوبه المحمول أو يفاجئ مختلف المتحدثين السياسيين في المؤتمرات الصحافية بأسئلته، إلا ابتسامة طفولية تنفرج لها أسارير وجهه الأسمر.

ولدى سؤال الفتى النحيل: ألم يتملكك الخوف حين شاركت في أول مؤتمر صحافي؟ يجيب باستنكار «أنا أخاف؟»، لكنه سرعان ما يقر «صحيح، شعرت بهيبة الموقف حين تحولت إلى كل الأنظار خلال مؤتمر صحافي أخذت فيه الكلام للسؤال لأول مرة. ولكني تجاوزت ذلك وألقيت سؤالي وكان عن اهتمام السلطة الجديدة بحق الأطفال في الإعلام وطلبت صحيفة حائطية»، وصفق له الحضور إعجابا.

ويقول مالك الذي انتقلت أسرته من البريقة (شرق) للسكن في بنغازي خلال الأحداث الأخيرة، إنه بدأ يهتم بالكتابة في سن الثانية عشرة و«كنت أكتب مقالات على الكومبيوتر يقرأها أفراد أسرتي فقط، وكان أول ما كتبت مقالا عن جدي حمد بن مبروك المغربي، وكان مجاهدا ضد الاستعمار الإيطالي ولقب بأسد جبل هاروش ولم يلق اهتماما في إعلام القذافي، غير أني وقعت في أخطاء كثيرة تولى والدي تصحيحها لي من خلال مقابلة أجريتها معه، وأعدت كتابة المقال وأيضا سيرة ذاتية لجدي الذي كان هو وشقيقه محمد من المجاهدين».

ونجا حمد جد مالك من إصابات خطيرة وتوفي في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي، في حين أعدم الإيطاليون شقيقه محمد في بنغازي، بحسب مالك ووالده محمد المغربي (محام). وعانى الأخير من «قمع نظام القذافي حيث حاول الإصلاح من خلال مؤسسات النظام غير أنه اصطدم بفاسدين لفقوا له تقارير فكان نصيبه الضرب والتعذيب مرارا وتكرارا».

ويروي مالك «حين بدأت الأحداث في بنغازي (في فبراير «شباط») كنا لا نزال نسكن في البريقة، كتبت مقالا بعنوان «نداء عاجل» لنجدة بنغازي وعلقته في أحد الشوارع، وفي اليوم التالي وجدته ممزقا. ثم إزاء خطورة الوضع على والدي الذي كان يساعد الثوار في البريقة انتقلت الأسرة للعيش في منزل للعائلة في بنغازي».

ثم اضطرت الأسرة إلى الفرار إلى مصر حين سيطرت قوات القذافي لفترة على المدينة واستغل مالك الفرصة لتحسين إمكاناته. ويروي مالك «أنفقت أربعة جنيهات مصرية في محل إنترنت لفتح حساب (فيس بوك) ومعرفة هذا العالم الجديد علي، ثم كل ما أملكه 50 جنيها (نحو 9 دولارات) لإصلاح حاسوبي المحمول، ولم يبق لدي ما أدفعه للتاكسي فعدت للمنزل بالمترو معدما ولكني في غاية الفرح» لإصلاح الجهاز.

وعادت الأسرة إلى بنغازي بعد أن سيطر الثوار عليها وأصبحت مقرهم. وحصل مالك على بطاقته الصحافية حين عمل مع والده في المنزل الذي تحول إلى مقر المجلس المحلي بالبريقة وكان يساعد في الطباعة ثم أطلق المجلس صحيفة لمساعدة الثوار إعلاميا.

ويقول مالك المولود في الأول من سبتمبر (أيلول) 1997، ويكبره نظام القذافي بـ30 عاما، «حصلت على بطاقة صحافي من الصحيفة لا تمكن من مواكبة الأحداث». ويضيف «وأيضا لأقهر (أبز) بها أقراني».

وأصبح مالك مدمنا على الحضور إلى ساحة التحرير ببنغازي وفندق الصحافيين، ويواكب المؤتمرات الصحافية والمظاهرات وينشرها على حسابه على «فيس بوك». وتصادف أن التقى فريقا أردنيا يعمل لشركة بث إذاعي وتلفزيوني فتدرب معهم على الفيديو لشهر وحصل على شهادة. غير أنه يقول «بعدها شعرت بفراغ كبير فقررت تأسيس نواة وكالة للأنباء أطلقت عليها (وكالة البريقة الإخبارية)، وظللت أسال عن ترجمة الاسم إلى الإنجليزية (بي إن إيه)، وأسست موقعا على (فيس بوك)، وبدأت أبث أخباري وهي منوعة سياسية واجتماعية واقتصادية».

وعن مقر وكالته، يجيب «ليس لها مقر، مقرها الآن حيث أنا لكني أعمل على توفير مقر لها». ويضيف بطموح «وأريد فتح مكتب للوكالة في سوريا» لتغطية انتفاضة الشعب السوري، ويحرص على التوضيح «سأدشنه وأعود للعمل في ليبيا التي أصبحت حرة وديمقراطية».

كما يرغب في تأسيس «منظمة تهتم بحقوق الطفل وترعاها وفي إطلاق قناة للأطفال»، متسائلا «لماذا لا يعطونا إحدى قنوات معمر (القذافي) لنؤسس فيها لجيل ليبي جديد؟».