هواجس لدى الشارع السياسي المصري بصدد نيات المجلس العسكري

أبرزها الانتخابات البرلمانية والرئاسية والعودة للثكنات وهامش الحرية

المشير حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة يلتقي بالفريق أول جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية الاميركية ( إ. ب. أ)
TT

مع دوران عقارب الدقائق والساعات واقتراب شهر سبتمبر (أيلول) الحالي من نهايته دون الإعلان عن خارطة تحتوي على مواعيد محددة لإجراء الانتخابات البرلمانية، تزداد يوما بعد يوم حدة الهواجس بالشارع المصري تجاه نيات المجلس العسكري الحاكم، وبخاصة بعد إعلان عدد من القوى السياسية أن تأجيل الانتخابات التشريعية هو خط أحمر، إلى جانب رفض كثير من التيارات لفرض حالة الطوارئ.

وخلال صالون سياسي نظمته لجنة المرأة بحزب الحرية والعدالة بمحافظة المنيا مساء أول من أمس، قال الدكتور محمد سعد الكتاتني، الأمين العام لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) إن الانتخابات البرلمانية تعد أحد أهم استحقاقات المرحلة الحالية، مؤكدا أن تأجيلها أو فرض ما يدعى بـ«المبادئ فوق الدستورية» على الإرادة الشعبية يعد «خطا أحمر» غير مقبول.

وتأتي تصريحات الكتاتني متوافقة مع عدد من الآراء التي تشي بوجود تخوفات لدى القوى السياسية فيما يخص تعامل المجلس العسكري الحاكم مع عدد من النقاط أبرزها الانتخابات البرلمانية وموعد ترك المجلس السلطة لقيادات مدنية منتخبة ديمقراطيا، وكذلك آليات وضع دستور جديد للبلاد، إلى جانب ضوابط وهامش الحرية الممنوح للسياسيين والناشطين المصريين.

ومنذ مساء 11 فبراير (شباط) الماضي، حين أعلن نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان عن «تخلي الرئيس السابق عن الحكم وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد»، مرت العلاقة بين الشارع المصري والمجلس العسكري بعدة ارتفاعات وانخفاضات، كان من أبرزها معركة أسبقية وضع الدستور أو إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، وكذلك مدى مواءمة وقانونية الإعلان الدستوري بالنظر إلى نتائج الاستفتاء الذي أجري في 19 مارس (آذار) حول بعض التعديلات الدستورية.

وخلال تلك الشهور، حاول المجلس العسكري أن يحتفظ بمسافة ثابتة مع الجميع، ولكن ثمة فترات شهدت ما وصف بأنه تقارب بين بعض القوى والمجلس أكثر من غيرها. فبعد الثورة مباشرة، تنامت العلاقة بين المجلس وقوى الشباب، وشهدت الأسابيع الأولى لقاءات بين عدد من القيادات وبين ما أفرزته الثورة من ائتلافات وتحالفات. كما تواصل المجلس مع معظم القوى السياسية والشعبية من خلال رسائله على صفحته الرسمية بموقع «فيس بوك»، وهو ما مثل مسايرة لنمط الثورة التي قام بها شباب يتواصل عبر الوسائط الإلكترونية.

وبعد الاستفتاء، وجهت القوى الليبرالية اتهامات تشير إلى وجود صفقة بين المجلس وبين التيارات الإسلامية، وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين، أبرز التيارات السياسية على الساحة وأكثرها تنظيما في الوقت الحالي، حيث التقت رغبة «الإخوان» في إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، قبل وضع دستور جديد للبلاد، مع ما أعلنه المجلس وفقا للإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس الماضي.

إلا أن ذلك التقارب شهد فتورا وتباعدا، بل وهجوما علنيا، من جانب «الإخوان المسلمين» عقب توقعات بتأجيل موعد الانتخابات البرلمانية، والتي حدد لها الإعلان الدستوري مدة 6 أشهر لبدء إجراءاتها (تنتهي بنهاية الشهر الحالي).

ورغم لقاء ممثلين بارزين من المجلس العسكري، على رأسهم الفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة، بأكثر من 30 من ممثلي الأحزاب والقوى السياسية من مختلف التيارات لمناقشة المطالب المنادية بتعديل قوانين الانتخابات والاتفاق على جدول زمني وسياسة عامة للمرحلة الانتقالية، فإن كثيرا من تلك القوى السياسية أبدت عدم ارتياحها بعد اللقاء الذي استمر لنحو 7 ساعات صباح الأحد الماضي، معلقة بأن الأمر بدا وكأن المجلس يستمع إليهم، ولكنه سينفذ ما يريده في نهاية الأمر.

وينتظر الشارع اليوم إقرار مجلس الوزراء لتقرير اللجنة العليا للانتخابات، تمهيدا لرفعه إلى المجلس العسكري، وهو التقرير الذي يشمل موعد قبول طلبات المرشحين وتحديد مراحل الانتخابات، بينما ما زالت أغلب القوى السياسية تطالب بتطبيق نظام القائمة النسبية الكاملة (غير المشروطة) في الانتخابات المقبلة لسد المنافذ على «فلول النظام السابق»، وكذلك منح الفرصة لشباب الثورة من أجل خوض غمار الانتخابات.

ويرى محللون أن المجلس العسكري مطالب بتبديد الغموض الدائر حول عدد من النقاط بأسرع صورة ممكنة من أجل بث الطمأنينة في قلوب المصريين، ومن أبرز تلك النقاط المثيرة للهواجس هي الإجراءات المتعلقة بالانتخابات البرلمانية والرئاسية وموعد عودة الجيش لثكناته وتركه السلطة، وهامش الحرية الممنوح للناشطين والحق في التظاهر والإضراب عن العمل لأصحاب المطالب الفئوية، وبخاصة بعد إعادة تفعيل مواد بقانون الطوارئ.

وفي الوقت الذي أكد فيه قياديون بالتيارات الإسلامية «خيبة أملهم» من اجتماع المجلس العسكري مع القوى السياسية، حيث قال عادل عبد الغفار، القيادي بحزب النور السلفي، عقب الاجتماع إن «المجلس سيفعل ما يريده بصرف النظر عن آراء الجميع»، وكذلك الدكتور سعد الكتاتني الذي قال إن «الاجتماع لم يكن له أي فائدة، بل كان مضيعة للوقت، وجاءت نتيجته مخيبة للآمال، وبخاصة بعد بيان صادر عن المجلس جاء فيه إن قيادات المجلس العسكري تحيط علما برغبات وآراء الأحزاب السياسية وسيضعونها في الاعتبار»، قال الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين عضو مكتب الإرشاد، لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان المجلس العسكري للخطوط العريضة لموعد إجراء الانتخابات هو خطوة مطمئنة ومن شأنها تبديد كثير من هواجس الشارع المصري.