مصر: أزمة الزواج الثاني للمسيحيين تطفو على السطح مجددا

احتجاجات على عدم منح تصاريح بالطلاق

TT

عادت أزمة الزواج الثاني للمسيحيين بمصر تطفو على السطح مرة أخرى، بعدما أرسل نحو 120 مسيحيا أرثوذكسيا إنذارات قضائية إلى الكاتدرائية المرقسية (المقر البابوي) بالعباسية (شرق القاهرة) لإخطار قيادات الكنيسة بانسحابهم من الطائفة الأرثوذكسية، احتجاجا على ما قالوا إنه تعنت من الكنيسة في منحهم تصاريح بالطلاق ثم الزواج الثاني، مؤكدين في الوقت ذاته على احتفاظهم بديانتهم المسيحية.

وبرر المنسحبون من الطائفة الأرثوذكسية قرارهم بأن خروجهم عن الملة سيساعدهم على الاحتكام للشريعة الإسلامية أمام القضاء ويمنحهم الحرية في الحصول على الطلاق عن طريق القضاء، فيما قرر عدد منهم التحول إلى الطائفة الإنجيلية التي ما زالت تطبق لائحة 1938 التي تنظم الأحوال الشخصية للمسيحيين والتي أوقفت الطائفة الأرثوذكسية العمل بها منذ عام 2008.

ولائحة 1938 للأحوال الشخصية التي أصدرها المجلس الملي في عهد البابا الراحل كيرلس السادس، أباحت الطلاق لـ9 أسباب هي: الغياب، الجنون أو المرض المعدي، الاعتداء الجسدي، إساءة السلوك والانغماس في الرذيلة، إساءة العشرة والنفور، ترهبن أحد الزوجين، الزنا، الفرقة، تغيير الدين، إلا أن تعديلا طرأ على تلك اللائحة عام 2008 في عهد البابا الحالي شنودة الثالث قصر الطلاق على سبب واحد هو الزنا؛ استنادا لنص الإنجيل، وأجبر التعديل المسيحيين الذين حصلوا على أحكام بالطلاق قبل تاريخ صدور هذه اللائحة على رفع قضايا جديدة أمام القضاء وفقا لأحكام التعديل الأخير. ويرى المسيحيون العلمانيون أن التعديل الذي طرأ على اللائحة عام 2008 أدى إلى لجوء الراغبين في الطلاق للحل السهل، وهو تغيير الملة أو الدين، بعدما عقدت الكنيسة حياتهم، رغم أن المسيح جاء من وجهة نظرهم لتكون حياتهم أفضل.

وقالت مصادر كنسية مقربة من البابا شنودة لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد قوة ستجبر الكنيسة على مخالفة تعاليم الإنجيل»، مؤكدة أن البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس أصدر تعليماته للأنبا بولا رئيس المجلس الأكليريكي للأحوال الشخصية بالإنابة (وهو المجلس المختص بمنح تصاريح الزواج والطلاق للمسيحيين) ببحث جميع حالات طلب الطلاق وفحصها بدقة قبل إصدار القرار، للتأكد من مدى صحة وجدية هذه الطلبات للنظر فيها بما يتوافق مع تعاليم الإنجيل ودون النظر لأي اعتبارات أخرى.

وأضافت المصادر: «المسيحيون ليسوا موظفين ليستقيلوا من الكنيسة، وهذه الاستقالات وعددها نحو المائة لن تؤثر في موقف الملايين الذين يؤيدون موقف الكنيسة من الطلاق والزواج الذي يحكمه نص الإنجيل (لا طلاق إلا لعلة الزنا)»، وقالت المصادر: «من يرغب في الحصول في الطلاق فليذهب إلى القضاء ليحصل عليه ثم يتزوج زواجا مدنيا، ولكن عليه ألا يطلب اعتراف ومباركة الكنيسة لهذا الزواج».

من جانبها، نفت الكنيسة الإنجيلية تلقيها أي طلبات من مسيحيين أرثوذكس للانضمام للطائفة، وقالت في بيان لها: «لو تقدم طالبو الطلاق بطلبات انضمام ستتم دراستها حسب الحالة وستغلب الناحية الإنسانية لطالبي الزواج الثاني».

وشهدت الفترة الماضية عدة مظاهرات، وكان العشرات من «المسيحيين» المطالبين بحقهم في الطلاق والزواج الثاني قد طالبوا بعزل الأنبا بولا بسبب ما قالوا إنه تعنت في منح تصاريح الطلاق والزواج الثاني، وحاول بعضهم منعه من الخروج من اجتماع المجلس الأكليريكي إلا أن أمن الكنيسة تدخل واشتبك مع المتظاهرين وأطلق عليهم كلاب الحراسة فيما عرف باسم «موقعة الكلب».