أوباما يدفع بمزيد من النساء للوظائف المهمة في البيت الأبيض

بعد أن كان الخلاف حول دور المرأة في بداية إدارة الرئيس الأميركي مستعرا

TT

تصاعدت حدة الخلاف حول دور المرأة في إدارة الرئيس باراك أوباما خلال العامين السابقين من رئاسته، إلى الحد الذي أجبره على اتخاذ خطوات لطمأنة الشخصيات النسائية البارزة ضمن الفريق العامل معه على تقديره لوجودهن وإسهاماتهن.

وخلال مأدبة العشاء التي أقيمت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، شكا الكثير من كبار مساعدات الرئيس إليه بصورة مباشرة من أن الرجال يتمتعون بسهولة الوصول إليه وعادة ما يتم تجنبهن في مناقشات السياسة الرئيسية.

دفعت تلك التوترات بالرئيس أوباما إلى الدفع بمزيد من النساء إلى الوظائف المهمة في البيت الأبيض، وحرصه على مشاركتهن في اجتماعات الفريق المعاون له، والحضور النسائي في الصفوف الأولى لحملة إعادة انتخابه.

وتقول المستشارة البارزة فاليري جاريت في مقابلة يوم الاثنين: «في البداية كانت هناك بعض القضايا بشأن إحساس النساء بتهميشهن في الفريق الرئيسي في البيت الأبيض. لم تشارك غالبية النساء في الحملة الانتخابية ومن ثم لم يكن لهن علاقة مباشرة بالرئيس».

تم التركيز على قضية التمييز ضد النساء في البيت الأبيض في كتاب جديد مثير للجدل نشر يوم الثلاثاء بعنوان «الرجال الثقات: وول ستريت وواشنطن وتعليم رئيس»، للصحافي روت سوسكيند.

استعان سوسكيند في كتابه بأكثر من 700 ساعة من المقابلات التي أجراها مع العاملات في البيت الأبيض من بينها واحدة مع الرئيس ونقل عن سيدات بارزات في البيت الأبيض وصفهن صعوبة بيئة العمل بالنسبة للنساء، نتيجة الدور المهيمن إلى حد بعيد للرجال مثل المستشار الاقتصادي لورنس إتش سومرز ورئيس موظفي البيت الأبيض رام إيمانويل.

يأتي اعتراف يوم الاثنين من قبل مسؤولي البيت الأبيض عن الاستياء بين كبار الموظفات في البيت الأبيض، في وقت يحاول فيه مساعدو أوباما إظهار كتاب سوسكيند على أنه غير دقيق. روي الكتاب بتعاون من البيت الأبيض، لكن البيت الأبيض قد يرد على المؤلف مثيرا تساؤلات عن إدارة أوباما في المراحل الأولى من إدارته. وقد بدأت الحملة الإعلامية الشعواء سوسكيند في الإعلام يوم الثلاثاء بظهوره في أكثر من برنامج مثل «توداي» على قناة «إن بي سي» و«فريش إير» على إذاعة الراديو العام وبرنامج «ديلي شو» على قناة «كوميدي سنترال».

من أبرز الشخصيات التي نقل عنها سوسكيند في الكتاب مدير الاتصالات السابقة في البيت الأبيض، أنيتا دون، التي نقل عنها قولها «يمكننا جر هذا المكان للمحاكمة بسبب بيئة العمل العدائية. لأن المتطلبات القانونية التي تجيز رفع قضية التمييز ضد المرأة متوافرة فيه».

من جانبها، قالت دون، إن تصريحاتها أخرجت من سياقها وقالت لـ«واشنطن بوست» يوم الجمعة، إنها أخبرت سوسكيند «بشكل واضح» بأن البيت الأبيض لم يكن بيئة عمل عدائية.

وقد سمح سوسكيند يوم الجمعة لمراسل «واشنطن بوست» بمراجعة المقتطفات المسجلة من المقابلة الأصلية والتي أجريت عبر الهاتف في شهر أبريل (نيسان)، وفي هذه المحادثة روت دون إلى سوسكيند عن محادثة أجرتها مع جاريت.

وقالت دول: «أتذكر ذات مرة أنني أخبرت فاليري أنني قلت إنه لولا الرئيس لتقدمنا إلى المحكمة بشكوى ضد هذا المكان على أنه معاد للمرأة، لأن الشروط القانونية التي تجيز رفع قضية التمييز ضد المرأة متوافرة فيه».

هناك بعض الحوادث الأخرى التي نقلتها إلى سوسكيند كريستينا رومر، الرئيس السابقة لمجلس المستشارين الاقتصاديين، التي كانت خلافاتها مع سومرز موضع أحاديث كثيرة، بما في ذلك الكتاب الذي صدر من قبل حول إدارة أوباما للصحافي جوناثان ألتر.

ونقل سوسكيند عن رومر قولها إنها بعد استثنائها من قبل سومرز في أحد الاجتماعات «شعرت بأنني كم مهمل».

لكن رومر، حاولت يوم الجمعة إنكار تلك التصريحات بالقول: «لا أتخيل أنني قلت هذا من قبل».

وأضافت: «قيل لي قبل الذهاب إلى واشنطن إنه ستكون هناك سيطرة ذكورية على الفريق المعاون للرئيس. لكن ما كان مختلفا في إدارة أوباما هو وجود الكثير من النساء في وظائف مهمة، وعندما تنشأ المشكلات يعمل الرئيس بجد على حلها. وقد شعرت بالاحترام وكوني جزءا من الفريق ومدى أهميتي للفريق».

بدأت الشكاوى من التمييز ضد النساء في البيت الأبيض في بداية عملة الإدارة. ففي المقابلات التي أجريت مع كبار الموظفات في البيت الأبيض في تلك الفترة، شكت النساء من أن كبار المساعدين يشيعون بيئة ذكورية على أجواء العمل. فكانت كرة القدم عادة ما يتقاذفها الفريق المعاون في بعض الأحيان وفق إحدى الروايات، لكن اللغة البذيئة دائما ما كان يتم تجنبها.

كانت بعض الجهود الأولى التي بذلت لتمكين النساء قد تعثرت، فغادرت أول مديرة لاتصالات البيت الأبيض، إيلين موران، سريعا بعد فترة عمل عصيبة. أما الأخريات اللاتي لم يغادرن فلم يشعرن بالراحة في المكان وفشلن في التواصل مع غالبية الأحداث المهمة، بحسب أحد المسؤولين.

وبحسب مسؤولة أخرى، فإن الرئيس كان يتجاهل في بداية الأمر الشكاوى التي يسمعها من النساء، خاصة في الفريق الاقتصادي، وكان يرى هذا المناخ القاسي على أن الأجواء المتوترة في البيت الأبيض تعززها المنافسة بين أشخاص غاية في الكفاءة في أعمالهم.

لكن مع تصاعد التوترات وخاصة تلك القائمة بين رومر وسومرز، طلبت جاريت من أوباما دراسة القضية. وقالت، في مقابلة روت فيها محادثتها مع أوباما، قلت: «حسنا سيادة الرئيس أعتقد أن لدينا بعض المشكلات فيما يتعلق بالطاقم خاصة السيدات الجدد، هم جزء من الفريق ولا بد من إيصال الإحساس إليهن بأنك تقدر آراءهن». بعد ذلك اجتمع الرئيس مع أعضاء الفريق المعاون له من النساء، وعقد الاجتماع في مقر الإقامة في البيت الأبيض في ليلة الخامس من نوفمبر 2009 بعد ساعات قلائل من حادثة إطلاق الرصاص العشوائي في فورت هود بتكساس، والتي هيمنت على اهتمام الرئيس.

وتصور إحدى الصور الرسمية للبيت الأبيض أوباما، ويده على ذقنه يستمع باهتمام والسيدات جالسات وعلى وجوههن تعبيرات جادة.

وقال أوباما بحسب رواية سوسكيند عن الجلسة: «أنا أرغب منكم أيتها السيدات الحديث إلى بصراحة لأنني تنامي إلى مسامعي مؤخرا وجود بعض المشكلات في البيت الأبيض. أنا أريد أن أعرف مشاعركن».

استمرت مأدبات العشاء منذ ذلك الحين، على الرغم من عدم مشاركة الرئيس أوباما بها. وقد وافقت على النساء على أنه ما من ضرورة للقاء الرئيس مرة أخرى. ووصفت جاريت ردود أوباما في تلك الليلة بأنها تمكينية للمرأة.

وقد بدت الشكاوى تتراجع تدريجيا خلال العام الماضي، نظرا لبذل المسؤولين جهودا أكبر لتعزيز مشاركة المرأة، وتغيرت الحلقة الضيقة حول الرئيس لجلب مستشارات جدد إلى المبنى.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»