الدول العربية ترجئ تقديم قرار ضد إسرائيل للوكالة الدولية للطاقة النووية

سفير الجامعة العربية بفيينا: قرار المجموعة العربية خطوة مدروسة ومبادرة لإبداء حسن النية

TT

عدلت الدول العربية هذا العام عن تقديم نص قرار ضد إسرائيل في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية وأرجأت ذلك إلى عام 2012، حسبما أعلن السفير السوري لدى الوكالة أمس.

وقال بسام صباغ: إن الدول العربية قررت إرجاء تقديم مشروع قرار للمؤتمر إلى العام المقبل، مؤكدا بذلك معلومات أدلت بها مصادر دبلوماسية قبل أسبوع. ويعكس هذا القرار «حسن النية» لدى الدول العربية ويعرب عن رغبتهم في نجاح المؤتمر الإقليمي المقرر في 2012 حول منطقة منزوعة السلاح النووي في الشرق الأوسط، حسبما قاله الدبلوماسي في كلمته أمام المؤتمر العام الـ55 للوكالة المنعقد حتى يوم الجمعة. وأقر قرار مماثل قبل عامين في المؤتمر العام بشكل غير متوقع. حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويطلب مشروع النص مجددا من إسرائيل التي لم تقر قط بامتلاكها برنامجا نوويا توقيع اتفاقية حظر الانتشار النووي على غرار دول كثيرة من المنطقة ومن ضمنها إيران وسوريا.

وقال صباغ: إن إسرائيل «طورت نشاطاتها النووية خارج أي نوع من الرقابة الدولية.. وهي تملك ترسانة عسكرية هائلة لا تهدد المنطقة فحسب، بل العالم أجمع»، وذلك في خطاب مترجم. وتشكل إسرائيل بالنسبة إلى الدول العربية الخطر الرئيسي الذي يهدد بزعزعة استقرار الشرق الأوسط. وتعتبر القوى الكبرى من جهتها أن إيران تشكل الخطر الرئيسي من حيث انتشار السلاح النووي في المنطقة. ويخشون أن تكون الجمهورية الإسلامية تسعى إلى التزود بسلاح ذري تحت غطاء برنامجها المدني، الأمر الذي تنفيه طهران.

وقد ظلت الدول العربية ترفع قرارها للمؤتمر العام للوكالة بعنوان «القدرات النووية الإسرائيلية» منذ عام 1990 والذي يلزم، في حالة فوزه، المدير العام برفع تقرير يقدمه لمجلس الأمناء وللمؤتمر العام عن القدرات النووية الإسرائيلية، المسكوت عنها لعدم توقيع إسرائيل على اتفاقية حظر الانتشار النووي، رغم عضويتها في الوكالة، وبالتالي لا تطبق عليها فروض اتفاقات الضمان والالتزام وفتح أبوابها للمفتشين النوويين للتحقيق والتحري كما يحدث الآن في سوريا وإيران.

وكان مشروع القرار العربي قد حقق بفوزه في دورة المؤتمر العام 2009 ما لم يتحقق للعرب في أي محفل من قبل إذ أجبر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وللمرة الأولى على البحث عن وسيلة يدخل بها على القدرات النووية الإسرائيلية مما أدى للدعوة للتحضير لمنتدى محلي تشارك فيه كل دول المنطقة لدراسة إمكانية أن تصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، ولم يقتصر الأمر على عمل الوكالة بفيينا بل مثل ذلك الفوز العربي اعتبر دعما قويا ساعد في نجاح مؤتمر عقد يونيو (حزيران) 2010 بنيويورك لمراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي مما أدى بدوره للاتفاق على عقد مؤتمر آخر بتاريخ 2012.

مما يعني أن الحراك العربي الفعال والفوز الذي حققته المجموعة العربية بفيينا كان هو الأساس لمكاسب عربية غير مسبوقة يتوقع الجميع أن تتواصل حتى تؤدي لمزيد من الانتصارات.

لكل أثار تجميد مشروع قرار القدرات النووية الإسرائيلية الكثير من الإحباط إذ لم يتبق للتذكير بضرورة أن يخضع العالم «القدرات النووية الإسرائيلية» للمساءلة وتسليط الضوء على وضعها الخطير غير استنكارات تضمنتها البيانات الصادرة باسم كل دولة ومشروع القرار المصري الذي لا يذكر إسرائيل بالاسم.

السفير ميخائيل وهبي، سفير الجامعة العربية بفيينا، برر في حديثه مع «الشرق الأوسط» قرار المجموعة العربية بتجميد مشروع قرارها هذه الدورة بكونه خطوة مدروسة ارتأتها المجموعة كمبادرة لإبداء حسن النية، ولعدم شق الإجماع الدولي وصولا لهدف أكبر وأهم ألا وهو عقد المنتدى الذي دعت له الوكالة بتاريخ 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم لبحث إمكانية أن تصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، وكذلك الاجتماع الذي حدد له 2012 لمراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي، مضيفا أنهم يترقبون ويدرسون ويحصون كيف ستكون ردود الفعل الإسرائيلية وبموجبها يمكن أن يعيدوا النظر في كل شيء تماما.

وحسب ما ذكر عدد من الدبلوماسيين العرب لـ«الشرق الأوسط» فإن موافقة إسرائيل على المشاركة في اللقاءين القادمين أمر له أهمية قصوى يجب الحرص عليها خاصة أن إسرائيل، من قبل، لم تكن تقبل المشاركة في أي لقاءات دولية تجمعها وأطراف تدينها.

هذا فيما يعتقد دبلوماسيون أن قرار التجميد العربي يعود أساسا لخوف عربي تنامى من أن لا يحظى بتأييد كبير من الدول المشاركة في المؤتمر.

وفي بيانه أمام المؤتمر العام للوكالة أمس لم ينسق رئيس مفوضية الشؤون النووية الإسرائيلية مع مبادرة «العرب» إبداء حسن نية بسحب مشروع قراراهم، وإنما مضى متحدثا عما وصفه بمحاولات عربية لتسميم الأجواء، وكيف أن العرب يسعون لشغل الأنظار عن تجاوزاتهم بالتركيز على إسرائيل، مشتكيا أنهم يرفضون إسرائيل كعضو في مجموعة ميسا الجغرافية التي تضم دول الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، منددا أن يكون للمجموعة العربية بيان عن القدرات النووية الإسرائيلية، معددا لما قال: إنه التزامات تلتزم بها إسرائيل.

من جانبها سألت «الشرق الأوسط» المندوب الأميركي لدى الوكالة، السفير غلين ديفيز، عن موقفهم هذه الدورة حيال مشروع القرار المصري؟ فكان جوابه أنهم لا يعرفون بعد.

هذا فيما استنكر مصدر دبلوماسي أميركي آخر فكرة أن تكافئ بلاده العرب لتجميدهم مشروع قرارهم بعدم الامتناع في حال أصرت إسرائيل على عرض مشروع القرار المصري للتصويت. مضيفا أن العرب ما كان عليهم تقديم مشروع القدرات النووية الإسرائيلية أصلا، مذكرا أن الولايات المتحدة الأميركية ظلت ترجوهم العام الماضي، ممثلة في غيري سيمور، مستشار الرئيس أوباما الذي حضر إلى فيينا وعرض على المجموعة العربية سحبه فرفضوا ليعودوا ويسحبوه الآن، مضيفا أن كل هذا لا يعني عدم تقديرهم للموقف العربي.

ومعلوم أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة بمنطقة الشرق الأوسط غير الموقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية بينما وقعت عليها الدول العربية كافة وإيران، هذا فيما تؤكد عدة مصادر أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية تقدر بما بين 200 إلى 400 رأس نووية لا تقر أو تعترف بها رسميا، وكذلك لا تقر إسرائيل أنها هاجمت المفاعل النووي العراقي، وأنها ضربت ودكت منطقة دير الزور السورية يوليو (تموز) 2007 لاشتباهها أن الموقع كان مفاعلا نوويا تحت التشييد بتعاون كوري شمالي.