برلماني عراقي: الدستور لا يذكر رئيس الوزراء.. وبعض ممارسات المالكي غير دستورية

سليم الجبوري لـ «الشرق الأوسط»: الأحزاب الإسلامية ارتكبت أخطاء قاتلة في تعاطيها مع العملية السياسية

سليم الجبوري
TT

قال سليم الجبوري، القيادي في الحزب الإسلامي وعضو مجلس النواب العراقي عن القائمة العراقية بزعامة الدكتور إياد علاوي، إنه «ليس هناك في الدستور العراقي أي ذكر لوصف رئيس الوزراء، وإنما تم ذكر رئيس مجلس الوزراء، وعليه فإنه ليس هناك أي صلاحيات لرئيس مجلس الوزراء أصلا»، مضيفا أنه «في الدستور العراقي ليس هناك بند أو مادة أو سطر واحد يعطي صلاحية واحدة لرئيس مجلس الوزراء، وإنما الصلاحيات تعطى لمجلس الوزراء بمسؤوليتهم التضامنية كمجلس وليس كشخص وليس من حق رئيس مجلس الوزراء اتخاذ أي قرارات إلا بالرجوع إلى المجلس لأنه (المجلس) هو الذي يدير الحكومة وليس رئيس مجلس الوزراء».

وقال الجبوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» خلال وجوده في لندن بدعوة من مجلس العموم البريطاني، إن «الدكتور إياد علاوي هو الوحيد الذي انطبقت عليه تسمية رئيس الوزراء، حيث اجتمعت لديه صلاحيات تشريعية وتنفيذية حتى أنه في اتخاذ قراراته لم يكن بحاجة للرجوع إلى مجلس آخر كما هو الآن مع مجلس النواب»، منبها إلى أن «المادة 73 من الدستور تتحدث عن صلاحيات رئيس الجمهورية والمادة 78 تتحدث عن مهام رئيس الجمهورية وليست هناك مادة تذكر صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، وعندما نأتي إلى السلطة التنفيذية فإن الدستور يحددها برئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وليس برئيس مجلس الوزراء».

وكشف الجبوري عن أن «الكثير من الصلاحيات التي مارسها ويمارسها نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء، لا تعود إلى الإطار الدستوري والبعض منها غير دستورية»، مشيرا إلى أن «رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي من حقه وباعتباره المسؤول الذي يسهر على صيانة الدستور محاسبة من يخرج عن الدستور، وكذلك البرلمان بآليات معينة»، مستدركا «وحتى البرلمان ما عادت تعنيه تجاوزات السلطة التنفيذية على الدستور».

من ناحية ثانية، قال الجبوري «في فترة ما كان هناك خوف ناتج من المكون الاجتماعي (سني أو شيعي) وأنا لا أسميه مكونا مذهبيا، والدستور العراقي عكس هذه المخاوف، إذ حمل في طياته هذا التخوف وفي بداية الصراع النفسي بين الأطراف السياسية من الغلبة وخشيت الأطراف السياسية النافذة ألا يتسيد طرف على آخر وألا يصل حاكم متسلط وهذه الأفكار كانت مركبة في ذهنية بعض من كتب الدستور وقد يكون هذا أمرا طبيعيا في السنوات الأولى بعد التغيير ولكن من غير الطبيعي أن يستمر ذلك ولهذا تبلور المجتمع إلى كتلة كردية تريد أن تحافظ على مصالح الكرد، وكتلة شيعية تعتبر نفسها اليوم هي الحاكمة وتريد أن تثبت وجودها بدعم إيراني وكتلة أخرى سنية مشروعها غائب تقريبا أو غير متجانس وأيضا تبحث عن سند دولي لها وفي البداية وجدت أن الاهتمام العربي ضعيف، لكن هذا الاهتمام (العربي) تبلور بمشروع قد يكون مشتركا حتى مع تركيا بدعم الشخصيات أو التوجهات السنية»، منبها إلى أن «المنعطف الذي حدث هو وجود القائمة العراقية التي أعطت صيغة المشروع الوطني، حتى لو كان هناك أشخاص في العراقية هم في تفكيرهم طرح مشروع سني، لكن ذلك انصهر في مشروع وطني شامل يمكن أن يكون بداية لتأسيس عملية سياسية من نوع آخر».

وحول مخاوف البعض من تقسيم العراق، قال الجبوري إن «صياغة الدستور أعطت صلاحيات للطرف الحاكم أدت إلى ردود فعل الأطراف السنية اليوم على تصرفات هذا الطرف بالذهاب إلى المطالبة بالفيدرالية وتشكيل إقليم سني، هذا بعد أن كانوا يعارضون مشروع الفيدرالية تماما وفي تصورنا نحن نتخوف من هذا الأمر ولا نعتقد أنه حل لأن تكوين إقليم سني وآخر شيعي سيقود إلى تقسيمات أخرى ضمن الإقليم الواحد ناتجة من تركيبة اجتماعية معقدة تحكمها عشائر وزعامات».

وفي إجابته عن سؤال يتعلق بإصرار بعض الأطراف السياسية على إلصاق صفة «السنية» بالقائمة العراقية، قال الجبوري إن «هذا الأمر يعود للأشخاص الموجودين في (العراقية) ولانطباع الجمهور حولهم وهذا ليس بعيدا عن حالة سياسية جرت بعد 2003، وخاصة أن غالبية قادة العراقية كانوا ضمن قائمة التوافق السنية رغم أن ما يطرحونه هو مشروع وطني شامل بعيدا عن الطائفية أو المذهبية»، مشيرا إلى أن «قيادة علاوي للقائمة يعطيها ميزة إيجابية جدا، وخاصة أن شخصيتة (علاوي) ليست منحازة إلى عنوان طائفي أو مذهبي معين وهي شخصية متزنة بهذا الاتجاه، وخاصة نحن في مرحلة يصر فيها الجمهور العراقي إلى كسر هذه الحواجز المذهبية التي تضع الكتل السياسية ضمن عناوين وقوالب مذهبية، كما أن وجود علاوي كزعيم للقائمة يعطيها مصدر قوة حتى لا تفسر الانتقادات الصادرة من القائمة على تصرفات بعض القوى السياسية بأنها صادرة عن خلفية مذهبية أو طائفية وإنما ناتجة من مشروع معين، وللأسف جزء من تهميش المشاريع الوطنية يتم تداوله على أنه ناتج عن خلفية مذهبية معينة وهذه واحدة من الإشكاليات التي كنا نواجهها في الفترة الماضية».

وعن تجربة الأحزاب الإسلامية العراقية مع العملية السياسية، قال الجبوري «الأحزاب الإسلامية التي تصدت للحكم، شيعية وسنية، كانت عندها أخطاء وبعضها أخطاء قاتلة عندما طرحت النظرية الإسلامية من دون أن يكون لها مشروع سياسي ومن دون أن تهيئ الجمهور لهذه النظرية وحملت الإسلام أكثر مما يحتمل وأدخلت تحت عباءة هذه العناوين ممارسات صدرت عن هذه الأحزاب وشخصيات شوهت حتى الممارسة السياسية، ولا ينكر وجود المتشددين الذين البعض منهم لا يؤمن بالعملية السياسية من شيوخ ومرجعيات دينية أدخلوا أنفسهم فيما لا يجب إقحام ذاتهم في رؤى وأفكار لم تكن موفقة وولدت رد فعل سلبيا في الشارع العراقي».