المشاركون حثوا على الحرص من قبل العلماء على وحدة الأمة والبعد عن الفرقة

المدينة المنورة: ظاهرة التكفير لدى الديانات الأخرى تسيطر على مناقشات المؤتمر الدولي

TT

واصلت فعاليات مؤتمر ظاهرة التكفير بالمدينة المنورة أمس مناقشة ظواهر التكفير بالأمم الأخرى في الدين المسيحي واليهودي، والجذور الفكرية لظاهرة التكفير عند المسلمين، وعقدت الجلسة الرابعة للمؤتمر برئاسة الدكتور عبد الله آل الشيخ رئيس مجلس الشورى.

وتطرق الدكتور محمد عيسى الحريري، أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية العميد الأسبق لكلية الآداب بجامعة المنصورة، إلى الجذور التاريخية لظاهرة التكفير عند الخوارج وإلى فكر الخوارج وخطرها الكبير على المجتمعات الإسلامية، حيث تبنت جماعات الخوارج فقها خاصا بها يعتمد على مجموعة من القواعد الأساسية أخطرها التكفير للمخالفين لها. وتناولت هذه الدراسة تعريفا بالتكفير لغة واصطلاحا، وكذلك نشأة ظاهرة التكفير عند الخوارج، وتطور هذه الظاهرة عندهم، وما طرأ على الخوارج من انقسام إلى فرق مختلفة، ثم تناول أثر ظاهرة التكفير عند الخوارج على ما ظهر في الآونة الأخيرة من جماعات وتنظيمات اعتنقت فكر الخوارج التكفيري.

فيما قدم الدكتور رشيد بن حسن محمد علي الألمعي الأستاذ المشارك بجامعة الملك خالد من السعودية دراسة الجذور التاريخية لظاهرة التكفير عند المسلمين، وقرر فيها أن التكفير غير المنضبط بضوابط الشرع الحنيف ظاهرة قديمة نشأت أول ما نشأت في فجر الإسلام على يد الخوارج الذين كفروا أهل القبلة بالذنوب أو بما يرونه من الذنوب، واستحلوا لذلك دماء المسلمين، ثم وافقهم في الجرأة على التكفير الرافضة حيث كفروا أبو بكر وعمر وعثمان وعامة المهاجرين والأنصار، وكفروا جماهير أمة الإسلام من المتقدمين والمتأخرين، ورجح أن أصل نشأة الخوارج حدث على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، على يد ذي الخويصرة (حرقوص بن زهير السعدي) غير أن الخوارج لم يظهروا في صورة جماعة واضحة المعالم إلا بعد حادثة التحكيم لأسباب نقموها افتراء على علي، رضي الله عنه.

كما تطرق الباحث الدكتور عادل محمد أحمد سليمان، من السودان، إلى «ظاهرة التكفير في الأمم الأخرى.. مآلات التكفير في المسيحية»، وقال إن ظاهرة التكفير داخل الدين الواحد أو بين معتقدي الأديان الأخرى ليست جديدة، إنما هي قديمة قدم الأديان، فهي تعتمد أساسا على تأويل النصوص والمصطلحات الدينية لمصلحة وجهة نظر معينة. ولكن نجد أن الديانتين اليهودية والمسيحية لم تستعملا كلمة تكفير إنما كانت الكلمة المستعملة كلمة هرطقة وهي تؤدي نفس المعنى، باعتبار أن المهرطق صاحب مذهب منحرف خارج عن الطريق القويم.

وتطرق الباحث الدكتور علاء محمد سعيد، من مصر، في بحثه «جذور التكفير والعنف عند اليهود والنصارى» إلى ما ورد في الكتاب والسنة من تكفير اليهود والنصارى وخلافهم لبعضهم وجذور التكفير والعنف في كتب اليهود والنصارى ووقائع التاريخ في التكفير والعنف بين اليهود والنصارى، وقدم عددا من التوصيات، منها أن الاتباع السليم لدين الله تعالى والفهم الصحيح يحفظ الأمة من الانزلاق في تيارات الفتن والبعد عن دين الله تعالى، وأن حب الدنيا واتباع الهوى من أكبر المضلات عن دين الله تعالى، وهذا ما وقع فيه اليهود والنصارى من قبل فأضلهم عن دين الله تعالى وأوقعهم فيما أوقعهم فيه من فتن ومحن، والحرص على وحدة الأمة على الحق والبعد عن الفرقة والاختلاف.

وقدم الأستاذ الدكتور بدر بن ناصر البدر، من السعودية، بحثا بعنوان «التحذير من الغلو في ضوء القرآن الكريم» قرر فيه أن الغلو في الدين آفة قديمة ابتليت بها الأمم قبلنا، كما ابتليت بها هذه الأمة، وأن للغلو مرادفات كثيرة، منها: التنطع والتعمق والتشدد والتعنت والتطرف والعنف والتحمس، والأدلة على التحذير منها والنهي عنها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، عليه الصلاة والسلام، وذكر أن وسائل علاج ظاهرة الغلو الوضوح والشفافية والصراحة في طرح هذه القضية ومناقشتها بموضوعية، بذكر أسبابها والبحث الجاد عن علاجها، مع أهمية استقراء شبهات الغلاة ودعاواهم وحججهم أو الأمور الملتبسة عليهم، ثم الرد عليها بالحجة والدليل الشرعي والعقلي، والحوار الهادئ معهم لإقناعهم، وذلك من خلال إنشاء المراكز والجمعيات المتخصصة التي تعنى بهذه الأمور، يكون فيها باحثون متفرغون متخصصون لدراسة هذه الظاهرة، وتوفر لهم جميع الإمكانات التي تعينهم على أداء عملهم والقيام برسالتهم.