الفلسطينيون يهتفون في شوارع الضفة الغربية للدولة «194»

المظاهرات تعم المدن والقرى بمشاركة يهود.. والمستوطنون يردون بمسيرات مضادة

TT

هتف مئات آلاف الفلسطينيين في شوارع الضفة الغربية، أمس، تأييدا للقيادة الفلسطينية في تحركها الحالي نحو مجلس الأمن لطب العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. وشاركت جماهير كبيرة في مسيرات ومظاهرات ومهرجانات عمت جميع مدن الضفة الغربية، رفعت خلالها أعلاما فلسطينية وصورا للزعيم الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالي محمود عباس، وشعار «الدولة 194»، وغنوا معا لفرقة «العاشقين» التي شاركت الفلسطينيين هذه الاحتفالات «أعلنها يا شعبي أعلنها.. دولة فلسطين أعلنها».

ورغم أن الفلسطينيين حرصوا على الطابع السلمي في مظاهراتهم، فإن مواجهات تفجرت فعلا في أماكن بعيدة عن سيطرة السلطة الفلسطينية، إذ اشتبك متظاهرون مع الجيش الإسرائيلي على حواجز رئيسية في الضفة، في وقت كان فيه المستوطنون يهاجمون قرى وشوارع أبعد في رام الله وشمال الضفة.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، في حديثه الإذاعي الأسبوعي، أمس، الذي خصصه لمخاطبة الجماهير الفلسطينية حول الدولة العتيدة، «نتطلع إلى دولة مستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967 ولن نرضى بأقل من ذلك».

وأضاف «لقد حملنا للعالم قصة نجاح شعبنا وسلطته الوطنية في اجتماع المانحين في نيويورك، وسنحملها إلى المحافل الدولية الأخرى، فقد أثبتنا لأنفسنا أولا، لا بل وللعالم أجمع، ومن خلال الإصرار على النجاح، بأن دولة فلسطين التي نُريد، سوف تكون دولة منفتحة ينعم أبناؤها بالحرية ويعيشون في ظل سيادة القانون».

وتابع «لقد آن الأوان لتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في إلزام إسرائيل بوقف ممارساتها وانتهاكاتها، لا بل وإنهاء احتلالها الذي طال أمده».

وأردف «إنني على ثقة بأن شعبنا قد استخلص من تجربته الملموسة دروسا ستمكنه من عدم الانجرار لأي مربعات تحرفه عن طريق الخلاص التام من الاحتلال، شعبنا سيظل متمسكا بخيار المقاومة السلمية اللاعنفية، وتحقيق المزيد من عناصر القوة الذاتية التي تمكنه من مواصلة الصمود على طريق انتزاع الحرية والاستقلال الناجز».

ولهذا الغرض (الاستقلال)، تزينت الضفة أمس بالأعلام الفلسطينية وبالمتظاهرين الذين يحدوهم الأمل بنجاح القيادة في وضع فلسطين على خارطة العالم.

وفي وقت وقفت فيه السلطة وراء هذه المظاهرات ودعمتها، بالمال والرجال، منعت حماس التي تسيطر على قطاع غزة أي مظاهرات مؤيدة للمسعى الفلسطيني، الذي وصفته بأنه مجرد «قفزة في الهواء».

وفي رام الله، تجمع مئات الآلاف تأييدا ودعما للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وانطلق المتظاهرون في مسيرة كبيرة من أمام ضريح عرفات إلى ميدان يحمل اسمه وسط المدينة. وهناك غنت فرقة «العاشقين» للدولة المرجوة، وغنى معها المحتفلون ودبكوا ورقصوا وهتفوا ضد الاحتلال.

وتكرر هذا المشهد في كل مدن الضفة أمس، وتميز الاحتفال في مدينة نابلس، بحضور يهود مؤيدين للدولة، إذ حضر المهرجان المركزي قرابة 30 عضوا من حركة «ناطوري كارتا» الإسرائيلية.

وقال متحدث باسم الحركة مخاطبا الآلاف في دوار الشهداء، «إن الفلسطينيين لهم كل الحق في الأراضي التي احتلتها إسرائيل»، واصفا الصهيونية في إسرائيل بأنها «عدو الله والناس».

وقال الحاخام إسرائيل هيرش، مسؤول حركة «ناطوري كارتا» اليهودية، «نشعر بالألم جراء تعرض إخوتنا الفلسطينيين للتعذيب والحرمان على أيدي الصهيونية والإمبريالية، ونحن نعلن أن الصهاينة لا يمثلون الشعب اليهودي ولا ينتمون للشعب اليهودي».

وأضاف هيرش أن «اليهودية الحقيقية تسير على خطى أبينا إبراهيم وليس على خطى الصهيونية التي خالفت التوراة، فلا يوجد في التوراة إقامة دولة لليهود على الإطلاق».

وطالب هيرش دول العالم كافة، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ودعم القيادة الفلسطينية في الأمم المتحدة. وقال «نحن نصلي يوميا من أجل إقامة الدولة الفلسطينية فلتحيَ فلسطين فلتحيَ فلسطين فلتحيَ فلسطين».

ومرت هذه الفعاليات بهدوء بخلاف ما كانت حذرت منه أجهزة الأمن الإسرائيلية، غير أن اشتباكات محدودة وقعت في رام الله والخليل، وتفجرت أعنف الاشتباكات عند حاجز قلنديا في رام الله، قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من فض المظاهرة هناك باستخدام أسلحة جديدة تجرب لأول مرة.

وقال متظاهرون إن قوات الاحتلال المرابطة على حاجز قلنديا، استخدمت، لأول مرة، ما يعرف بجهاز «الصرخة» ضدهم، وغازا مسيلا للدموع يسبب إغماء فوريا.

ويعمل جهاز «الصرخة» الجديد على إصدار موجات صوتية بترددات عالية جدا لا يمكن للأذن البشرية استيعابها، ويؤدي ذلك إلى الإغماء في بعض الحالات.

وتعتبر هذه الفعاليات الشاملة «بروفة» لأخرى ستنطلق يوم الجمعة، ومن المقرر أن تكون أكبر، خصوصا أنها تأتي في اليوم الذي سيلقي فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابه في الأمم المتحدة.

وفي المقابل، واصل المستوطنون أمس، شن هجمات على قرى وتجمعات فلسطينية، للتأكيد على أن هذه الأرض «إسرائيلية»، بحسب ما يزعم قادتهم.

وحاول المستوطنون أمس، اقتحام ضاحية البالوع شمال رام الله، وهاجموا سيارات ومنازل الفلسطينيين فيها، دون أن تستطيع السلطة التدخل بسبب تبعية المنطقة أمنيا للجيش الإسرائيلي، وفعلوا الأمر نفسه في قرية يعبد في جنين.

وجاء ذلك، بعد ساعات من تسيير المستوطنين مسيرات على أبواب المدن الفلسطينية، حملوا فيها الأعلام الإسرائيلية، وأطلقوا عليها اسم مسيرات «السيادة» وشعارات تقول «هذه الأرض كانت وستبقى للأبد أرض الشعب اليهودي».

وطلبت السلطة على لسان مازن غنيم، وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان من الفلسطينيين، أن يكونوا حذرين من هجمات المستوطنين، وأن يتصدوا لهم في المناطق التي لا تستطيع السلطة العمل فيها.