ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي: هذه مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة على السواء

كبار القادة الأمنيين الإسرائيليين يطالبون نتنياهو بتأييد الدولة الفلسطينية

TT

توجه عدد من كبار قادة الجيش والمخابرات الإسرائيلية السابقين إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يطالبونه بإحداث تغيير جذري في سياسته تجاه عملية السلام والموقف الإسرائيلي الرافض لمشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة. ودعا هؤلاء القادة نتنياهو للمبادرة باعتراف إسرائيلي رسمي بالدولة الفلسطينية قبل أي دولة أخرى، أو الخروج بمبادرة سياسية إسرائيلية تقلب الأمور رأسا على عقب في الأمم المتحدة وفي المنطقة.

وكان في مقدمة هؤلاء رئيس أركان الجيش الأسبق، الجنرال أمنون لفكين شاحك، الذي صرح بأن مصلحة إسرائيل تقتضي توجها عكسيا لتوجه الحكومة اليوم، وأضاف أن سياسة نتنياهو تقود ليس فقط إلى عزلة سياسية دولية، بل إلى انتشار الحقد والكراهية في العالم، وتلحق ضررا بعلاقات إسرائيل بأقرب أصدقائها في العالم.

ودعا العميد في الاحتياط رون بن يشاي، الناطق الرسمي الأسبق بلسان الجيش الإسرائيلي، إلى تعامل إيجابي مع مشروع أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس) للاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرا إياه «خطوة كاسرة للجليد، من شأنها أن تخدم مستقبلا النضال الفلسطيني ولكنها ستخدم وبشكل مفاجئ إسرائيل والولايات المتحدة على المدى البعيد، رغم اهتزاز صورتيهما في المدى القصير». ودعا بن يشاي حكومة إسرائيل للخروج من الخندق والتحلي بشجاعة للخروج من الطريق المسدود والعزلة السياسية.

وقال جلعاد شير، الذي شغل سابقا منصب مدير مكتب رئيس الحكومة ورئيس طاقم المفاوضات، إن اعترافا إسرائيليا بالدولة الفلسطينية قد يعيد المكانة العالية لإسرائيل في العالم. ودعا إلى توجه إسرائيلي جديد، يسعى أولا إلى ربط خطوة الفلسطينيين أحادية الجانب بالقرارات الدولية التي تعترف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وفي مقدمتها قرار التقسيم 181 الذي استند إليه إعلان استقلال إسرائيل، وثانيا اعتبار إعلان الجمعية العامة عن الدولة الفلسطينية فترة اختبار لأدائها ونياتها، يتوجب على الأمم المتحدة خلالها مراقبة سلطة القانون، وحقوق الإنسان، والمساواة، ونيات السلام فيها، واحترامها للمواثيق والأسس والمعاهدات التي على أساسها تستكمل المفاوضات حول الحل النهائي.

وانضم الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة (الشاباك) في إسرائيل، عامي أيلون (66 عاما)، إلى هؤلاء وكان أكثر وضوحا، فدعا نتنياهو إلى أن يفاجئ العالم ويصوت في الأمم المتحدة لصالح الاقتراح بقبول فلسطين عضوا كاملا في المنظمة الدولية. وقال أيلون، الذي كان أيضا قائدا لسلاح البحرية في الجيش الإسرائيلي وحصل على عدة أوسمة شجاعة في الجيش، إنه قلق جدا من عجز الحكومة الإسرائيلية عن التعاطي مع الهزات الأرضية السياسية المحيطة بها، «فنحن في عزلة سياسية غير مسبوقة، المسيرة السياسية جامدة، الفلسطينيون يتوجهون إلى الأمم المتحدة، الدول العربية تشهد ثورات وتغيرات هائلة، هذا كله يحتاج إلى مبادرة سياسية من إسرائيل. علينا أن نصوت لصالح المشروع الفلسطيني ونعلن استعدادنا لمباشرة مفاوضات معهم على خط الحدود بين الدولتين». وعلينا أن نعلن أننا مستعدون لسحب المستوطنين من المستوطنات القابعة في قلب الضفة الغربية والإبقاء فقط على المستوطنات التي نتفق مع الفلسطينيين على أن تكون جزءا من إسرائيل في إطار تبادل الأراضي».

وأضاف أيلون أن على القادة السياسيين الإسرائيليين أن يكفوا عن خداع المستوطنين اليهود وأن يقولوا لهم الحقيقة المرّة، أن مشروعهم الاستيطاني وصل إلى نهايته. فحدود الدولة الفلسطينية سوف تمر بشكل أو بآخر على الخط الأخضر (حدود 1967)، مع بعض التعديلات الطفيفة. وهذا يعني أن عليهم أن يعودوا إلى إسرائيل ويهجروا المستوطنات. أعرف أن هذا صعب عليهم، ولكن هذا هو الحال. الدولة أرسلتهم في مهمة وتريدهم اليوم أن يعودوا. من يُرِد منهم البقاء في مكانه فعليه أن يدرك أنه سيصبح مواطنا في الدولة الفلسطينية ويقبل بقوانينها». وأكد أيلون أنه يفضل أن يبدأ سحب المستوطنين الآن، وعدم الانتظار حتى يتم الاتفاق. وقال إن هذه هي مصلحة إسرائيل كما يراها.

وصرح رئيس «الشاباك» الأسبق، آفي ديختر، الذي شغل منصب وزير الأمن الداخلي في الحكومة السابقة، بأن على حكومة نتنياهو واجب إحداث تحول في المنطقة عن طريق إطلاق مبادرة سياسية تستند إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وفي جلسة خاصة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، قبل يومين، قالت رئيسة حزب كديما المعارض، تسيبي ليفني، إن الغباء الدبلوماسي الذي يميز الحكومة الإسرائيلية يؤدي إلى حشر الولايات المتحدة في الزاوية. وطالبت بالمبادرة فورا للعودة إلى العملية السياسية التي حاول بنيامين نتنياهو منعها، وبالنتيجة اضطر الفلسطينيون إلى التوجه إلى الأمم المتحدة. ووصفت لفني وضع إسرائيل اليوم بأنه شبيه بالوضع «عشية يوم الغفران»، وذلك في إشارة إلى اليوم الأول من حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

من جهة ثانية أقام العشرات من قادة وناشطي حزب التجمع الوطني الديمقراطي الليلة قبل الماضية مظاهرة احتجاج أمام السفارة الأميركية في تل أبيب، ورفع المتظاهرون عدة شعارات، بينها «أميركا دمية إسرائيلية»، و«نعم لفلسطين.. لا للفيتو الأميركي»، و«أميركا.. سقط القناع عن القناع»، و«ليسقط الحصن الأخير للاستعمار في العالم»، و«لا للتنازل عن حق العودة مهما طال الزمن». وقال رئيس التجمع واصل طه، إن هذه المظاهرة هي بداية نشاط الحركة الوطنية ممثلة بالتجمع ضد السياسة الأميركية الإسرائيلية الرافضة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وأضاف: «نحن نعتقد أن التوجه إلى الأمم المتحدة خطوة في الاتجاه الصحيح، ونتوجه إلى القيادة الفلسطينية بالاستمرار في هذا الاتجاه لأن ذلك يزيد من عزلة إسرائيل ويفضح سياستها الرافضة للسلام العادل، كما يفضح السياسة الأميركية المعادية لمطالب شعبنا الفلسطيني في نيل حقوقه، وفي الوقت الذي تدّعي فيه دعمها للربيع العربي فإنها تفضح نفسها عندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني.