عشية جمعة «توحيد المعارضة».. توتر في قرى حوران وحملة اعتقالات تطال العشرات

عدد القتلى فاق الـ5000 شخص منذ بدء الثورة.. و«كتائب الفاروق» تعلن تنفيذ عملية ضد قوات الأمن في ريف حمص.. والكسوة تحت الحصار

مظاهرات للطلاب في دوما بريف دمشق (أوغاريت)
TT

عشية جمعة «توحيد المعارضة»، تصاعد التوتر في مناطق حوران، جنوب سوريا، حيث تم قطع الهواتف الجوالة في مدينة درعا، وشنت حملة اعتقالات واسعة شملت أغلب المدن والقرى بحوران أمس، بحسب ما قالته مصادر محلية. وأشارت المصادر إلى أن حملة الاعتقالات جاءت بعد انشقاق في الجيش حصل أول من أمس في بلدة الجيزة، عند حاجز قريتي الجيزة والمسيفرة، حيث قام رقيب وعناصره (25 جنديا) الموجودون عند الحاجز بالانشقاق بكامل عتادهم وذخيرتهم، ونصبوا كمينا لرفاقهم من قوات الأمن، وقتلوا منهم نحو 30 عنصر أمن، بحسب المصادر.

ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من التأكد من دقة هذا الخبر، في حين قال نشطاء إن حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها قوات الأمن في حوران هدفت إلى البحث عن الجنود المنشقين، حيث جرى تمشيط المنطقة، وسط حالة من الخوف والترقب سادت قرية الجيزة بسبب الوجود الأمني الكثيف حيث بلغ عدد باصات الأمن التي وردت إليها أمس أكثر من 100 باص و14 سيارة جيب مع قطع كامل للاتصالات ووضع حواجز على المداخل والمخارج، ووصول تعزيزات عسكرية. وأسفرت الحملة عن سقوط القتيل أحمد حسين الحجي في قرية الجيزة.

وفي مدينة القصير التابعة لمحافظة حمص، أعلنت «كتائب الفاروق بحمص» عن قيامها «بعملية نوعية ضد قوات الأمن ردا على اختطاف النساء في حمص وإطلاق النار على أطفال المدارس». وقالت «كتائب الفاروق» إنه تم «استهداف باص مبيت تابع للأجهزة الأمنية ويتسع لـ14 راكبا، قرب مفرق قرية الضبعة، وإن كل من فيه قتل».

وفي مدينة حمص، خرجت مظاهرة ظهر أمس في حي الوعر تحية لزينب الحصني التي اختطفت وعذبت وأعيدت جثتها مقطعة قبل أيام، وتوعد المتظاهرون بالقصاص من القتلة.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن السلطات الأمنية السورية اعتقلت 57 موطنا أمس، ففي «محافظة إدلب اعتقلت الأجهزة الأمنية خلال حملة مداهمات في بلدة محمبل 29 شخصا بينهم ضابط متقاعد ورجل مسن، وفي محافظة دير الزور اعتقل ثمانية أشخاص من بلدتي القورية والعشارة واعتقل خمسة طلاب في مدينة داعل بمحافظة درعا». وأضاف أن «أجهزة الأمن اعتقلت ثلاثة مواطنين من مدينة اللاذقية وخمسة من مدينة الحفة التابعة لها، كما اعتقل سبعة من مدينة بانياس وقرى مجاورة لها». وذكر المرصد أن الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت أكثر من سبعين ألف شخص في إطار حملتها لإنهاء المظاهرات، ولا يزال نحو 15000 منهم قيد الاعتقال.

وفي بلدة الكسوة في ريف دمشق، استمرت محاصرة البلدة لليوم الثالث على التوالي. وقال نشطاء إن تعزيزات أمنية لا تزال تصل إلى الحواجز التي تسد منافذ البلدة، وإنه يوم أمس وصلت تعزيزات من الفرقة الرابعة ترافقها سيارات «بيك أب» عليها رشاشات مضادة للطيران. وتم نصب متاريس مرتفعة ابتداء من مدخل المدينة من جهة الشرق.

واستمرت مداهمة المنازل وتمشيطها بالكامل وتخريب أساسها وسرقة الأجهزة الإلكترونية والكهربائية وكل ما غلا ثمنه، مع اعتقالات عشوائية من الشوارع للشباب المارين بعد ضربهم بوحشية وإهانتهم ومنع التجول وتعطل الحياة العامة وإطلاق النار في الشوارع، وتكثيف نشر القناصة على أسطح المدارس. وشيع يوم أمس محمد رمضان الفرا الذي قضى جراء نزيف شديد بعد قنصه من قبل قناص واستحالة إسعافه. وقدرت مصادر عدد المعتقلين في الكسوة خلال ثلاثة أيام بـ500 معتقل.

وفي سياق المظاهرات الاحتجاجية الطلابية، خرجت أمس عدة مظاهرات من المدارس في أنحاء متعددة من البلاد، ففي محافظة إدلب قام عناصر الجيش بمحاصرة مدرسة عبد الغني الصيادي في مدينة أريحا وقاوموا بضرب بعض الطلاب وإهانتهم وتفريقهم منعا للتظاهر.

وجاء ذلك في وقت تداعى فيه الناشطون لمظاهرات كبرى في جمعة «وحدة المعارضة»، وتأييد المجلس الوطني، تبنوا ومن خلال صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك»، التسميات التي اقترحها المنتسبون للصفحة خلال الأسبوع الماضي لترفع اليوم وخلال المظاهرات والتجمعات في الشوارع السورية عناوين «وحدة المعارضة لإسقاط النظام واجب وطني» وكتبوا على أسفل الشعار «نعم للمجلس الوطني المنسجم مع مبادئ الثورة».

من جهة أخرى، أعلن ناشطون في دمشق عن قيام قوات الأمن باعتقال الممثل السوري الشاب وكاتب السيناريو محمد أوسو مع ثلاثة من أبناء عمه من منزلهم في المزة.

وجاء ذلك في وقت أعلن فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أمس، أن «دورية تابعة للمخابرات الجوية في مدينة حمص اعتقلت أمس المعارض السوري البارز محمد صالح إثر كمين نصبته له قرب مسجد بلال بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من شخص ادعى أنه صحافي من قناة (الجزيرة) القطرية ويود مقابلته، وبمجرد وصوله إلى المكان المتفق عليه اعتقل وعندما حاول مقاومة اعتقاله اعتدت عليه بالضرب ووضعته في سيارة واقتادته إلى جهة مجهولة».

والمعارض محمد صالح (54 عاما) هو سجين سياسي سابق لمدة 12 سنة (1988 - 2000) وهو الناطق باسم لجنة التضامن الوطني في مدينة حمص، ولعب دورا بارزا في منع الفتنة الطائفية التي حاول النظام إشعالها بالمدينة في شهر يوليو (تموز) الماضي. وقد التقى قبل أيام بأعضاء الوفد البرلماني الروسي الذي زار مدينة حمص وشرح لهم معاناة أهل المدينة والمعارضة السورية.

وطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان «بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المعارض محمد صالح»، وأدان بشدة «استمرار السلطات الأمنية السورية بممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ». كما كرر مطالبة السلطات السورية بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية احتراما لتعهداتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي وقعت وصادقت عليها.

إلى ذلك، ذكر تقرير صادر عن شبكة الأنباء الإنسانية (ايرين) التابعة للأمم المتحدة، أن عدد القتلى في سوريا منذ بدء الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد قبل ستة أشهر، يصل إلى ضعف تقديرات الأمم المتحدة الحالية، وثلاثة أضعاف أعداد الضحايا التي اعترف بها النظام رسميا، وذلك وفقا لإحصاءات جديدة أعدها باحثون في حقوق الإنسان ونشطاء في المعارضة السورية.

وحسب التقرير الصادر عن مجموعة «أفاز»، وهي مجموعة تهتم بحشد التأييد العالمي لقضايا حقوقية مختلفة، وشريكتها منظمة «إنسان»، وهي منظمة سورية رائدة في مجال حقوق الإنسان، فإن أكثر من 5.300 شخص قتلوا منذ بدء المظاهرات. ووفقا للتقرير، قام فريق من 60 باحثا حقوقيا بالتحقق من أسماء 3.004 أشخاص قتلوا في أكثر من 127 موقعا في جميع أنحاء سوريا خلال الفترة من 18 مارس (آذار) إلى 9 سبتمبر (أيلول)، في حين تم تسجيل 2.356 شخصا آخرين في عداد الموتى، ولكن لم يتم بعد التحقق من هوياتهم.

وقالت شبكة «ايرين» إنه «تم التحقق من 3.004 حالات وفاة مسجلة عن طريق ثلاثة مصادر لكل منها، وذلك تماشيا مع البروتوكولات الدولية لتسجيل ضحايا الصراعات، من بينهم أحد أفراد العائلة على الأقل وشخصان آخران، مثل الأصدقاء أو قادة المجتمعات المحلية أو الموظفين أو أئمة المساجد». وأضافت أنه «تم تسجيل أسماء 2.356 شخصا آخرين في عداد القتلى دون أن يتمكن الباحثون الحقوقيون بمنظمة إنسان بعد من الوصول إلى مصادر ثلاثة مكتملة لتأكيد كل حالة على حدة، وذلك إما لكون هذه الوفيات قد تم الإبلاغ عنها في وسائل الإعلام الرسمية السورية أو لأن الجثث نقلت بعد الوفاة أو الإصابة، ولم تعترف بها السلطات في وقت لاحق».

ويمثل الرقم الإجمالي للقتلى، الذي وصل إلى 5.360 قتيلا، ضعف الرقم الحالي تقريبا البالغ 2.600 شخص، والذي تم الإعلان عنه يوم 12 سبتمبر من جانب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في حين قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق وفاة 2.121 شخصا لا يوجد من ضمنهم أي أفراد من قوات الأمن. أما الحكومة، فلا تعترف سوى بـ1.400 قتيل فقط.

وقالت هنرييتا مكميكينغ، المسؤولة في مجموعة «أفاز»: «كنا نعلم أن الأرقام الرسمية أقل بكثير.. لقد تم التحقق من أسماء 3.004 أشخاص، وعلى الرغم من أننا نعلم أن 2.356 شخصا آخرين قد لقوا حتفهم بالتأكيد، فإننا لم نتمكن من التحقق من أسمائهم بموجب معاييرنا الصارمة». ويتضمن الرقم الذي لم يتم التحقق منه حتى الآن أسماء 308 أشخاص تم الإعلان عن مقتلهم في وسائل الإعلام الحكومية السورية، وأسماء 674 عسكريا أعلنت السلطات عن مقتلهم، وأسماء 1.374 شخصا تم الإبلاغ عن وفاتهم ولكن لم يتم العثور على جثثهم.