النظام يضيق الخناق على حي بابا عمرو في حمص.. بحثا عن جنود منشقين لجأوا إليه

إدلبي لـ «الشرق الأوسط»: الحملة الأمنية سببها كثافة التحركات الشعبية ودرجة تنظيمها الرفيعة

جنود يعذبون معتقلا
TT

لم تهدأ مدينة حمص السورية منذ اندلاع التحركات الشعبية في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، على الرغم من المحاولات الحثيثة للنظام السوري وأجهزته الأمنية لمنع المظاهرات فيها والحد من التحركات الشعبية التي تتسم، وفق ناشطين سوريين، بتنظيم دقيق، في مختلف أحيائها.

ولا تقتصر التحركات الشعبية في حمص على حي دون سواه من أحياء المدينة؛ إذ تحفل صفحات ومواقع المعارضة السورية على الإنترنت بأخبار شبه يومية واردة من حمص، التي تتربع على قائمة المدن السورية التي شهدت سقوط أكبر عدد من الضحايا منذ اندلاع الانتفاضة السورية. وتساهم العلاقات الاجتماعية القائمة بين أهالي المدينة بحكم تقارب أحيائها، لا سيما في المدينة القديمة، في فاعلية الاحتجاجات والتحركات الشعبية.

ويعد حي بابا عمرو، الواقع في جنوب غربي مدينة حمص، واحدا من الأحياء الفاعلة في المظاهرات من ناحية مشاركة الأهالي المنتظمة في الخروج اليومي ومعارضة النظام، ما جعل الحي، وفق ما يؤكده ناشطون سوريون، مسرحا لحملات أمنية وعسكرية من قبل النظام وأجهزته، راح ضحيتها «عشرات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين والمفقودين في سبيل تحقيق أهداف الثورة في إسقاط النظام الاستبدادي وإقامة نظام حكم ديمقراطي تعددي مدني»، على ما تشير إليه لجان التنسيق المحلية في سوريا.

وفي هذا السياق، يؤكد الناشط الحقوقي وممثل لجان التنسيق في بيروت عمر إدلبي لـ«الشرق الأوسط» أن خصوصية مدينة حمص تأتي من أنها «المدينة الأكثر تهميشا خلال سنوات حكم آل الأسد على مستوى التنمية الإدارية والاقتصادية، وهو ما خلق حالة استياء واسعة لدى أهلها يعبرون عنها من خلال مشاركتهم اليومية الحاشدة في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام»، لافتا إلى أن «النظام يبرر هجومه باستهداف حي بابا عمرو بالتحديد بحجة أنه يبحث عن جنود منشقين عن الجيش السوري، إلا أن السبب الرئيسي هو كثافة المظاهرات بدرجة تنظيمية رفيعة، وهذا ما يثير حنق النظام».

وكانت لجان التنسيق المحلية في سوريا، في بيان أصدرته، أول من أمس، أشارت إلى أنه «منذ مساء يوم الاثنين الماضي وحتى اللحظة يعيش الحي كارثة حقيقية وأجواء رعب»، لافتة إلى أن «عصابات الأمن والجيش و(الشبيحة) قاموا بتطويق مشفى الحكمة المجاورة لبابا عمرو، وخطفوا منه جرحى ومرضى يقدر عددهم بثمانية عشر مصابا، بعضهم في حالة الخطر الشديد».

وذكرت لجان التنسيق أن «تطويق الجيش والأمن للشوارع المؤدية إلى بابا عمرو من جهة الإنشاءات، جاء إثر انشقاقات كبيرة حدثت في حمص، وتوجه نحو مائتي جندي بين مجند ورقيب بعتادهم الكامل إلى بابا عمرو»، مشيرة إلى أن «الجيش بدأ بإطلاق رصاص كثيف وعشوائي وقذائف على المنازل وخزانات المياه بهدف إرهاب الأهالي، ثم قام باقتحام منازل الحي شارعا شارعا واختطاف الكثير من الشبان ثم اصطحبهم إلى ملعب الباسل المجاور للحي، الذي تحول إلى سجن».

وأوضح إدلبي، انطلاقا من معلومات مستقاة من المدينة، أن «عددا كبيرا من الجنود انشقوا عن الجيش في الفترة الأخيرة، إضافة إلى المائتي جندي الذين أشارت لجان التنسيق إلى انشقاقهم يوم الاثنين الماضي، يوجدون في حي بابا عمرو ومحيطه، أي في السلطانية وجوبر».

وذكرت لجان التنسيق أن عملية الجيش الأخيرة أدت إلى «مقتل عشرة مدنيين؛ عرف منهم حتى الآن: تركي مروان باكير، وجهاد حاجي، وأم طراد حجو، ومحمد غازي قصيراوي، فضلا عن سقوط عشرات الجرحى الذين لم يتمكن الأهالي من إسعافهم بسبب الحصار وحظر التجول المفروض على الحي». وأفادت أن «الجنود المنشقين حاولوا الدفاع عن أنفسهم لبعض الوقت في مواجهة القصف وإطلاق النار العشوائي تجاههم أثناء ملاحقتهم، قبل أن ينسحبوا باتجاه البساتين حفاظا على أرواح المدنيين».

ويعيش الحي في ظل هذا الوضع أزمة إنسانية تتمثل في انقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي والماء، إضافة إلى تناقص حاد في المواد الغذائية.

ووصفت لجان التنسيق المحلية في سوريا «الهجمة الشرسة على حي بابا عمرو بمحاولة يائسة جديدة من قبل النظام لتركيع أحرار سوريا، والقضاء على ثورتهم المطالبة بالحرية والكرامة والمواطنة». وناشدت «المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية الضغط بسرعة على النظام وإدانة هذه الممارسات الهمجية والجرائم ضد الإنسانية التي واجه بها الحراك الثوري السلمي في سوريا، والعمل على تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات والجرائم إلى المحاكم الدولية».