الفائزة بقيادة حزب العمل الإسرائيلي تطمح لأن تكون غولدا مائير ثانية

دعت نتنياهو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية

زعيمة حزب العمل الإسرائيلي الجديدة شيلي يحيموفتش (أ.ب)
TT

فازت الكاتبة الصحافية شيلي يحيموفتش برئاسة حزب العمل الإسرائيلي، أمس، بعد أن هزمت معلمها وزير الدفاع السابق، عمير بيرتس، بفارق أصوات كبير (54 في المائة مقابل 45 في المائة)، وبذلك فتحت عهدا جديدا في حزب العمل المنهار، يفتح آفاقا لإعادته إلى صدارة الحلبة الحزبية.

وقد بارك ليحيموفتش منافسها بيرتس ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الموجود في نيويورك، ووزير الدفاع، إيهود باراك، ورئيسة حزب «كديما»، تسيبي ليفني. وقالت يحيموفتش، فجر أمس، إنها تشكر مهنئيها، ولكنها في الوقت نفسه تؤكد أنها ستكون منافسة عنيدة لأحزابهم، وستحاول أن تعيد حزب العمل إلى رئاسة الدولة. وتوجهت بالدعوة إلى نتنياهو أن يوقف حملته العدائية للدولة الفلسطينية ولا يلقي خطابا في الأمم المتحدة وفقا لما صرح به في «خطاب الحقيقة». وقالت له: «الحقيقة هي أن سياستك أدت إلى عرقلة جهود السلام. فلا تقل حقيقة وهمية، اعترف بالدولة الفلسطينية وأعلن على الملأ أنك تؤيد مفاوضات سريعة وناجعة من أجل إقامة هذه الدولة إلى جانب إسرائيل».

وحزب العمل، كما هو معروف، يعتبر القائد الأول للحركة الصهيونية، وآيديولوجيته سيطرت على الحركة طيلة ثمانين عاما، وهو الحزب المؤسس لإسرائيل. ولكنه، ومنذ اغتيال رئيسه إسحاق رابين في سنة 1995، يتدهور باستمرار. وعندما خسر الحزب الحكم سنة 2001 لصالح حزب الليكود بزعامة أرييل شارون، تحطمت أكثريته بشكل مهين. وقد أطاح برئيسه آنذاك، إيهود باراك وانتخب الزعيم العمالي النقابي عمير بيرتس. لكن هذا لم يسعفه، وهبط يومها من 31 نائبا إلى 19. وقد ارتكب بيرتس خطأ حياته، عندما دخل في ائتلاف واحد مع إيهود أولمرت وقبل أن يتولى وزارة الدفاع، بدلا من وزارة المالية التي أرادها.

وقد تورط بيرتس في حرب لبنان، والتصق اسمه بإخفاقاتها، فعاد باراك إلى رئاسة الحزب. وهبط في انتخابات 2006 إلى 13 مقعدا. ولم يفلح باراك في الحفاظ على وحدة الحزب، ثم انشق بنفسه عنه مع أربعة نواب آخرين، أقاموا حزبا جديدا هو «حزب الاستقلال» وبقي حزب العمل هشا محطما مع ثمانية نواب، هم أيضا لم يكونوا موحدين. وهنا ظهرت شيلي يحيموفتش، التي كان عمير بيرتس قد أدخلها إلى عالم السياسة. وبعد ولاء تام له لفترة قصيرة، اختلفت معه وهاجمته بشدة بسبب قبوله وزارة الدفاع واعتبرته خائنا للطبقات الفقيرة. وعندما قرر العودة للتنافس على رئاسة الحزب من جديد، شمرت عن سواعدها وخاضت حربا قتالية ضده وتغلبت عليه. وساعدها كثيرا على الفوز، نتائج استطلاعات الرأي التي أشارت إلى أن حزب العمل بقيادتها سيقتنص 8 نواب من حزب «كديما» وسيحظى في الانتخابات المقبلة بـ22 نائبا ويصبح الحزب الثاني في إسرائيل.

ويحيموفتش في الحادي والخمسين من العمر، مطلقة وأم لولدين. ولدت في إسرائيل لعائلة مهاجرة من بولندا ممن نجوا من براثن النازية. تسكن في تل أبيب. عرفت بأسلوبها النقدي اللاذع. حتى عندما كانت تلميذة في الصف التاسع من المدرسة الإعدادية، طردت بسبب رفعها شعار احتجاج على سياسة الإدارة. أدت خدمتها العسكرية في قاعدة لسلاح الجو وسرحت برتبة ضابط. درست علم السلوكيات في الجامعة، وانضمت كطالبة إلى جمعية حقوق الإنسان والمواطن. وانضمت إلى حزب «مبام» الاشتراكي الصهيوني اليساري، وبدأت تعمل مراسلة صحافية في جريدته، ثم انتقلت للعمل في الإذاعة الرسمية، وفي سنة 1993، بدأت تقدم برنامج لقاءات صحافية شهيرا يدعى «كله حكي»، جعلها تقف في مصاف كبار الصحافيين، بسبب جرأتها العالية وأسئلتها النبيهة وحدتها في الحوار، ثم انتقلت إلى العمل التلفزيوني في سنة 2000.

اعتزلت يحيموفتش الصحافة ودخلت معترك السياسة في سنة 2005، عندما أقنعها بذلك عمير بيرتس. فانتخبت للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) سنة 2006، وبرزت كبرلمانية لامعة، حيث نجحت في تمرير 35 قانونا يدفع بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية إلى الأمام وفقا لمفاهيمها الاشتراكية الديمقراطية.

أما مواقفها السياسية، فقد اختارت الوسط الليبرالي مكانا لها. وهي تؤمن بالتسوية السلمية على أساس دولتين للشعبين، وبأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. ولكنها اتخذت مواقف استهجنها عليها رفاقها في اليسار الصهيوني، بل هاجموها أيضا. ففي انتخابات بلدية تل أبيب يافا، أيدت للرئاسة الجنرال رون خولدائي، ووقفت ضد النائب دوف حنين، الذي ترأس قائمة انتخابية ضمت جميع قوى اليسار. وقد فسرت موقفها هذا، بأنها لا تستطيع تأييد الشيوعي حنين، كونه يرفض الوقوف إجلالا للنشيد الوطني (هتكفا)، علما بأن حنين يرفض النشيد كونه لا يأخذ باعتبار المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48) ويمس بطموحاتهم القومية.

وخلال معركة الانتخابات الداخلية لحزب العمل، أطلقت تصريحا تعرضت بسببه لانتقادات لاذعة في اليسار، هو أنها ترفض مقاطعة المستوطنات، وترفض الادعاء بأن تحويل أموال كبيرة لها هو أحد أسباب النقص في الميزانيات للقضايا الاجتماعية.