وثيقة رئاسية بشأن نفقات طالباني في نيويورك تفتح ملف «الإيفادات الحكومية»

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: لا تعدو أن تكون زوبعة في فنجان

اطفال عراقيون يحاولون الحصول على الماء من «حنفية عامة» في حي الفضيلية شرق العاصمة بغداد أمس (أ.ب)
TT

فتحت وثيقة صادرة عن رئاسة الجمهورية وموجهة إلى وزارة المالية تتضمن صرف مبلغ قدره مليونا دولار أميركي (ما يعادل تريليوني دينار عراقي) واحدا من الملفات الغامضة في إطار عمليات الفساد المالي والإداري من جهة، والنزاهة من جهة أخرى. وفي حين تلتزم كل من الرئاسة ووزارة المالية الصمت حيال هذه الوثيقة التي تم تداولها في وسائل الإعلام العراقية فإنها فتحت الباب أمام هذا الملف الذي يمكن أن يعيد إلى الواجهة قصة الرواتب والامتيازات والمنافع الاجتماعية.

وتقول الوثيقة ما نصه أنه بناء على «أمر فخامة رئيس الجمهورية يرجى التفضل بتمويل حسابنا الجاري المفتوح لدى مصرف الرافدين فرع المنصور بالرقم 3060 بمبلغ قدره 2000000 دولار، فقط مليونا دولار أميركي (ما يعادل 2.4 مليار دينار عراقي)، لغرض تغطية نفقات إيفاد فخامته إلى الولايات المتحدة الأميركية». وطبقا للوثيقة فإن الهدف من تحويل هذا المبلغ هو «السفر» للمشاركة في أعمال الدورة 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك اعتبارا من 19 – 9 - 2011. وفي حين لم يعرف ما إذا كان المبلغ المطلوب رصده كتكاليف سفر وإقامة لوفد رئاسي كبير يأتي ضمن السياقات المقبولة، والتي لا تدفع باتجاه تهم فساد مالي جديدة، إلا أنه وفي ضوء الخلافات السياسية الجارية الآن بين الكتل وتحديدا الخلاف بين رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بشأن القضايا العالقة بين الطرفين وفي المقدمة منها قانون النفط والغاز وسعي الرئيس طالباني النأي بنفسه عن هذا الخلاف، فإن محاولة تسريب هذه الوثيقة يجعل من إمكانية زج التحالف الكردستاني برمته في هذا الخلاف عملية واردة.

لكن القيادي الكردي وعضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني شوان محمد طه أبلغ «الشرق الأوسط» بأنه «سمع بهذه الوثيقة من وسائل الإعلام وأمر تقدير تكلفة الإيفاد أو النفقات الرئاسية متروك للحكومة العراقية وبين الرئاسة كمؤسسة ووزارة المالية كمؤسسة حكومية»، معتبرا أن «الوفد الرئاسي وفد حكومي عراقي ويضم الجميع، وبالتالي فإن تحديد نفقات الإيفاد التي لم تفصلها الوثيقة لا بد أن يكون قد درس من قبل المعنيين والفنيين وليس رئيس الجمهورية تحديدا». وفي حين لو كانت ستؤثر على الأجواء السياسية الحالية أو أن لها علاقة بما يجري حاليا فقد اعتبر طه أن «تسريب هذه الوثيقة التي هي كتاب رسمي أصلا لا يعدو أن يكون مجرد زوبعة في فنجان ليس أكثر».

من جانبه، اعتبر مقرر هيئة النزاهة في البرلمان العراقي خالد العلواني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المبلغ المطلوب صرفه طبقا لهذه الوثيقة أو ربما يكون قد صرف مبلغ كبير، لا سيما وأننا نعرف أن الإيفادات الرسمية من هذا النوع تتحملها في غالبيتها، إن لم تكن كلها الجهة المستضيفة، وبالتالي فإن الأمر يدخل في إطار العمليات التي كثيرا ما تجري خارج القانون»، مشيرا إلى أن «هناك مستويات للإيفاد وهي معروفة في وزارة المالية وتحدد وفقا لسعر صرف الدولار في السوق، ولكن المشكلة هي ليست فقط في كم يصرف إيفاد لهذا الشخص أو ذاك أو لهذا المسؤول أو ذاك، بل كثيرا ما تواجهنا إيفادات غير معقولة وغير منطقية، حيث تصل أيام الإيفاد أحيانا إلى 100 يوم». وأوضح أن «لجنة النزاهة البرلمانية تتابع هذا الأمر وسيكون لها رأي انطلاقا من تكلفة هذا الإيفاد الرئاسي لأننا نعتقد أن المبالغ مبالغ فيها وأنه لا بد أن يعاد النظر في سقوف الإيفادات وفي صيغها».

وطبقا للجداول الخاصة بالإيفادات الحكومية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من وزارة المالية، فإن الإيفادات الحكومية تقسم وفق القانون إلى عدة مجاميع تشمل المجموعة الأولى من الإيفادات دولا من بينها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا واليابان وغيرها، وهي تشمل المبالغ الأعلى من بين نفقات السفر. وطبقا لقانون السفر والإيفاد الصادر عام 2005 فإنه لم يشر إلى إيفادات الرئاسات الثلاث، ومنها رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان، بل شمل نفقات الوزير ومن هو بدرجته مبلغ 600 دولار عن كل ليلة يقضيها خارج العراق. أما وكلاء الوزارات وأصحاب الدرجات الخاصة فيستحقون مبلغا قدره 350 دولارا عن كل ليلة على ألا تزيد على عشرة أيام. أما أقل من مدير عام فيستحق مبلغا قدره 150 دولارا عن كل ليلة على ألا تزيد على عشرة أيام.