فضائح مالية بالجملة تزيد احتقان الساحة الفرنسية قبل أشهر من المنافسة الرئاسية

شهادة حفيدة ملك إيطاليا تتحدث عن «حقائب» من الأوراق النقدية تنقلت بين سويسرا وفرنسا

TT

قبل أيام أحدثت الأسرار التي كشف عنها رجل الأعمال اللبناني - الفرنسي روبير برجي ضجة سياسية وإعلامية كبيرة بسبب ما كشفه من نقله حقائب المال من قادة أفارقة إلى رئيس الجمهورية السابق جاك شيراك وأمين عام قصر الإليزيه وقتها دومينيك دو فيلبان. وقدر برجي ما نقله بـ10 ملايين دولار.

وبعدها برز اسم لبناني آخر هو زياد تقي الدين الذي تبين أنه لعب دورا رئيسيا في توفير سيارة خفية ورباعية الدفع من طراز «مرسيدس» للعقيد الليبي المخلوع معمر القذافي مجهزة بشكل يصعب كشفها وتفجيرها، وأن كل ذلك تم بموافقة وزارة الداخلية الفرنسية التي كان يشغلها وقتها الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي وبموافقة جهاز الأمن الخارجي (المخابرات) الفرنسي. وقدرت أجهزة الأمن الفرنسية أن القذافي ربما كان يستخدم حاليا هذه السيارة في هربه من طائرات الأطلسي وقوات الثوار.

غير أن اسم تقي الدين رجع بقوة إلى الواجهة بصدد قضية أخرى هي العمولات التي قبضت بمناسبة التوقيع على عقد بيع غواصات «أوغوستا» إلى باكستان، وبصدد عقود سلاح خليجية. وتطورت الأمور مؤخرا عندما أوقفت الشرطة نيكولا بازير، مدير مكتب رئيس الوزراء الأسبق إدوار بالادور، وهو قريب جدا من ساركوزي وعرابه في زواجه الثالث من كارلا بروني. كذلك قامت الشرطة بتوقيف تييري غوبير، وهو صديق حميم آخر لساركوزي، الذي كان وزيرا في حكومة بالادور وناطقا باسم حملته الانتخابية التي خاضها في عام 1995 مرشحا لرئاسة الجمهورية ومنافسا لشيراك. وتحوم ظنون قوية مفادها أن عملات الغواصات الباكستانية والصفقات الخليجية استخدمت لتمويل حملة بالادور.

ووجه الخطورة في الصفقة الباكستانية أن اعتداء ضرب فنيين فرنسيين في كراتشي في عام 2002 أوقع بينهم 12 قتيلا. والغالب أن سببه ليس «القاعدة» كما قيل وقتها، بل توقف دفع العمولات عن الصفقة إلى الطرف الباكستاني. وقد رفض وزراء الدفاع الفرنسيون المتعاقبون الكشف عن كامل مستنداتها بحجة أنها تمس «الدفاع» الفرنسي.

غير أن ما «حرك» المياه الراكدة شهادة أدلت بها الأميرة هيلين دو يوغوسلافيا، حفيدة ملك إيطاليا أومبرتو الثاني التي أكدت فيها أن زوجها السابق تييري غوبير (صديق ساركوزي) رافق عدة مرات زياد تقي الدين إلى سويسرا، وأنهما نقلا منها «حقائب كبيرة مليئة بالأوراق النقدية». وأكدت الأميرة هيلين التي جاء طلاقها عاصفا أن زوجها السابق كان يعطي الحقائب المالية إلى نيكولا بازير. وخلال الأيام الماضية أوقفت الشرطة الفرنسية بازير وغوبير ووضعتهما رهن الاحتجاز المؤقت للتحقيق معهما في هذه المعلومات.

وتأتي هذه التطورات لتزيد الجو السياسي في فرنسا احتقانا بعد سلسلة طويلة من الفضائح المالية، ليس أخفها تلك المرتبطة بثرية فرنسا الأولى ليليان بتنكور وما قيل عن «مغلفات» كانت توزع على سياسيين بعضهم اليوم في أعلى هرم السلطة. وكان كتاب لقاضية فرنسة أثار زوبعة سياسية وإعلامية عندما أوردت معلومات بهذا الخصوص، وهي حاليا ملاحقة قضائيا. وتساهم هذه الفضائح التي تتكاثر قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجرى في الربيع القادم في زيادة الاحتقان. فما كادت فضيحة مدير عام صندوق النقد الجنسية تهدأ بعض الشيء حتى انطلقت فضائح أخرى، الوجه الجامع بينها العمولات والفساد والأموال.