السفير الأميركي فورد: الأسد يفقد دعم دوائر مهمة في المجتمع السوري

تجار يؤكدون توقف صادرات النفط السوري بسبب العقوبات الأوروبية.. ودمشق تبحث عن مشترين جدد

مظاهرة طلابية في حلفايا بحماه
TT

قال السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد، أمس، إن الرئيس السوري بشار الأسد يفقد الدعم الذي يحظى به عند دوائر مهمة في المجتمع السوري ويجازف بإدخال البلاد في صراع طائفي عن طريق تكثيف حملة قمع دموية للمتظاهرين المطالبين بالديمقراطية. وقال فورد لـ«رويترز» في مقابلة عبر الهاتف من دمشق إن الوقت ليس في صالح الأسد. وأشار إلى قوة المظاهرات السلمية التي بدأت قبل أكثر من 6 أشهر والتي وصفها بأنها سلمية كثيرا، وتطالب بالمزيد من الحريات السياسية. وأضاف فورد أن هناك ضائقة اقتصادية في سوريا وبوادر انشقاقات داخل الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد والمزيد من الانشقاقات في صفوف الجيش منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، لكنه قال إن الجيش ما زال «قويا ومتماسكا للغاية».

إلى ذلك, قال تجار ومحللون إن صادرات النفط السوري توقفت فعليا بسبب العقوبات وإن هذا قد يستتبعه خفض الإنتاج وهو ما يضعف قدرة الرئيس بشار الأسد على الحصول على الأموال لكنه لا يهدد قبضته على السلطة حتى الآن. وبعد سلسلة من الإجراءات المتدرجة عملت الحكومات الأوروبية بشكل نشط في الأسابيع الأخيرة لتضييق الخناق على الأسد بهدف كبح جماح حملته الدموية ضد المحتجين.

وبدءا من يوم غد السبت، سيحظر الاتحاد الأوروبي على الشركات الأوروبية القيام باستثمارات جديدة في قطاع النفط السوري بعد أن حظر في وقت سابق واردات النفط السوري وهي مصدر إيرادات رئيسي لنظام الأسد. وقالت سوريا إنها يمكنها الالتفاف على العقوبات ببيع النفط إلى روسيا أو الصين. لكن تجارا قالوا أمس لوكالة رويترز، إن معظم المحاولات السورية لبيع النفط أو منتجاته في الأسابيع الأخيرة باءت بالفشل بسبب قلة العروض.

وقال تاجر في منطقة البحر المتوسط اعتاد التعامل في النفط السوري «أصيبت الصادرات بشلل كامل. لا أحد يريد أن يمسها. البنوك لا تمول العمليات. والشركات الروسية المسجلة في (سوق) نيويورك لن تجازف». وتسمح عقوبات الاتحاد الأوروبي بواردات النفط السوري حتى 15 نوفمبر (تشرين الثاني) بموجب العقود الموقعة قبل الثاني من سبتمبر (أيلول) لكن تجارا قالوا إنهم لم يروا أي شحنات جديدة في الأسابيع المنصرمة.

وقال تاجر في منطقة البحر المتوسط «فيما يخص الصينيين والهنود.. قد يحاولون بالطبع شراء بعض الكميات. لكن لا توجد جدوى اقتصادية لهم والكميات أصغر من أن تبرر المخاطر». وكان رد فعل الأسواق على انقطاع الخام السوري هادئا إذ إن سوريا لا تنتج إلا 385 ألف برميل يوميا أو أقل من 0.5 في المائة من المعروض العالمي وتصدر نحو 150 ألف برميل يوميا وهو جزء ضئيل من صادرات ليبيا قبل الحرب والتي أدى انقطاعها قبل سبعة أشهر إلى اضطراب أسواق النفط. وتبحث سوريا الآن عن مشترين جدد لا سيما لخام السويداء الثقيل. لكن مزادا للنفط الخام ومزادا للنفتا لم يجتذبا أي عروض. وقالت مصادر لدى بضعة مشترين رئيسيين صينيين وروس اتصلت بهم «رويترز»، إنه لا نية لديهم لشراء الخام السوري وهو ما قد يجبر سوريا على تخزين النفط. وقالت تركيا التي كانت تدعم الأسد في السابق إنها قد تفرض عقوبات على سوريا مما يحد بشكل أكبر من خيارات دمشق لبيع نفطها ومنتجاته.

وقالت مصادر لـ«رويترز» إن شركة النفط والغاز الطبيعي الهندية (أو إن جي سي) المملوكة للدولة تدرس شحن النفط إلى الهند من مشروعها المشترك في سوريا بدلا من بيعه في أوروبا لكنها لم تتخذ بعد قرارا نهائيا.

وتستطيع سوريا تكرير ما يصل إلى 240 ألف برميل يوميا فقط لذلك فإنها لا تملك ما يكفي من الطاقة الفائضة لتكرير كل الخام الذي تبيعه إلى أوروبا حتى الآن وستضطر نتيجة لذلك لخفض إنتاج الخام في مرحلة ما. وفي علامة على الأضرار الاقتصادية التي سببتها الاضطرابات قال صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع إنه يتوقع انكماش الاقتصاد السوري 2 في المائة هذا العام بعد أن توقع في السابق نموا قدره 3 في المائة.

وقال محللون إن العقوبات بدأت تحدث تأثيرا حقيقيا على الاقتصاد السوري لكنها ستتطلب وقتا أطول لتقوض سلطات الأسد بشكل جدي. وقال أيهم كامل من مجموعة أوراسيا للأبحاث: «رغم أن وضع النظام في خطر فإنه ما زال لديه قوة عسكرية كبيرة بالإضافة إلى دعم رجال الأعمال في دمشق وحلب وإن كان هذا الدعم قد يتلاشى مع تدهور الاقتصاد». وتوقع أن يبقى الأسد في السلطة ستة أشهر أخرى على الأقل.

وقالت كاثرين هانتر من «إي إتش إس غلوبال انسايت» إنه سيكون من المهم معرفة الحدود النقدية التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي على الاستثمارات الجديدة في صناعة النفط بدءا من يوم غد. وأضافت قائلة «لا أعتقد أنه ستكون لها بالضرورة تداعيات على النظام بين ليلة وضحاها.. إذا نظرت إلى القيود على إيران.. فقد استغرقت عدة سنوات لتصبح واضحة من حيث مستويات الإنتاج الفعلي». ويشتري الاتحاد الأوروبي كل النفط الذي تصدره سوريا تقريبا ويقول محللون إن شركات النفط لها مصلحة مع النظام الحالي الذي هيأ لها ظروفا تشغيلية مواتية.

وقال دبلوماسيون أوروبيون إنهم يحجمون عن فرض عقوبات كاملة على سوريا حتى لا تتفاقم معاناة الشعب السوري بقطع الوقود اللازم لتوليد الكهرباء. وإيرادات النفط مهمة لسوريا بوجه خاص إذ إن قطاع السياحة الذي يشكل في العادة نحو 12 في المائة من الاقتصاد تضرر بشدة جراء العنف. وأفادت مذكرة داخلية من شركة نفطية اطلعت عليها «رويترز» أن سوريا قد تواجه قريبا نقصا في المنتجات البترولية سيؤثر على التدفئة وتوليد الكهرباء والاستهلاك المحلي والنقل. وقالت المذكرة «هذا سيجعل فترة الشتاء أصعب على الشعب. وهذا سيجعل نظام الأسد في موقف أصعب أمام الشعب».