«منبر الإخوان النقال» يثير جدلا في الإسكندرية

كتبوا عليه شعارهم واتخذوه منصة للقاء أسبوعي أزعج الكثير من الأهالي

TT

«منبر نقال».. يتصدر واجهته شعارهم الأثير، السيفان المتقاطعان والمصحف الشريف، وكلمة «وأعدوا..» المقتبسة من الآية القرآنية «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل».. للوهلة الأولى تظن أن هذه بدعة، أو مشهد في كادر سينمائي عابر، لكن مع زخم اللافتات التي أحاطت بمسجد «عصر الإسلام» بمنطقة سيدي جابر بالإسكندرية والحشود الهائلة من البشر، سرعان ما تدرك أن اليوم هو الثلاثاء، موعد الحديث الأسبوعي لإلقاء أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين درسا على الحضور.

البعض تساءل عن جدوى هذا «المنبر النقال» ما دام بالمسجد منبر، والبعض رآه حيلة جديدة من «الإخوان» للدعاية لأفكارهم وشعاراتهم السياسية، والتي يلاحقها - أحيانا - الكثير من الاعتراضات القانونية، خاصة من القوى السياسية المنافسة لهم، وفي ظل انتخابات برلمانية محتدمة على الأبواب. لكن آخرين لم يندهشوا من الأمر، خاصة أن المسجد أصبح بمثابة قلعة لـ«الإخوان» في عروس المتوسط. ومن المسجد انطلقت مؤخرا صيحات تحذير شديدة اللهجة أثارت لغطا في الأوساط السياسية على لسان قيادي إخواني (الدكتور حسن البرنس)، أكد فيها أن الجماعة لديها الاستعداد لتقديم شهداء جدد بعد الثورة في حال صدور قرار بتأجيل الانتخابات البرلمانية.. ولم يكد غبارها يهدأ، حتى دلف إلى المسجد في لقاء الثلاثاء الكثير من القيادات الإخوانية كمؤشر على القوة والنفوذ. عم سعيد محمد، رجل مسن، من رواد المسجد ومن أهالي المنطقة، يروي قصة «المنبر النقال» قائلا: «فوجئنا بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) بقيام عشرات من الشباب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بإحضار هذا المنبر.. ولما سألناهم عن سبب ذلك قالوا إن الشيخ المحلاوي سيخطب في الناس يوم الثلاثاء.. وقد رددنا عليهم قائلين إنه يوجد بالمسجد منبر خاص به.. فقالوا وفقا للمثل العامي المصري: زيادة الخير خيرين.. وبالفعل حضر الشيخ المحلاوي وألقى درسا دينيا من خلال المنبر الذي يحمل الشعار الإخواني.. وبعدها بأيام فوجئنا بمرشد جماعة الإخوان، ثم صبحي صالح، ثم نائب المرشد محمود عزت.. وغيرهم من القيادات الإخوانية.. وكان القاسم المشترك في حديث الجميع تناول الأمور السياسية والترويج لأفكار الجماعة».

يتابع عم سعيد: «هذا المنبر الخشبي الجديد ظل موجودا داخل المسجد في أحد الأركان ومثبت عليه شعار (الإخوان) وكلما حضر أحد قياداتهم جاء الشباب الإخواني وقاموا بنقل المنبر ليتوسط المسجد حتى يقف القيادي الإخواني الضيف ليخطب من عليه».

وبنبرة حزينة قال فؤاد حسين، شيخ مسن من رواد المسجد: «لقد تعرض أكثر من أربعين مقعدا للتلف نظرا للتزاحم الشديد في المحاضرات الإخوانية من قبل أعضاء الجماعة. لقد فوجئنا بهم في المسجد رغم عدم قيام أي منهم بالمساهمة في الإنفاق على عمليات الترميم والإصلاح الدورية التي تتم فيه». وأضاف: «لقد انصرف عن الصلاة بالمسجد معظم سكان المنطقة بعد السيطرة الإخوانية والزحام الشديد، مما يتعذر معه أن يؤدي أهالي المنطقة صلاتهم في هدوء بالمسجد».

ولا يعتبر الشيخ حسن عبد البصير، إمام المسجد، الحضور الإخواني فيه أمرا طارئا، ويراه «حضورا واقعيا غير مقلق يعكس الواقع في الشارع المصري»، كاشفا عن أن جماعة «الإخوان» هي من أسست هذا المسجد في عام 1985، وكان الشيخ وجدي غنيم، الداعية الإسلامي الإخواني المعروف يقوم بإعطاء دروس منتظمة فيه قبل أن تقوم مديرية أوقاف الإسكندرية بضم المسجد لها.

ورغم وجود لوحة حديدية واضحة مثبتة على الحائط الخارجي للمسجد تقول: «هذا المسجد تابع لمديرية أوقاف الإسكندرية، فإن واقع الحال يقول غير ذلك، حيث إن السيطرة الإخوانية قد ألغت أي دور لوزارة الأوقاف على المسجد الذي صار تابعا لجماعة الإخوان المسلمين، ومنبرا مهما للترويج لأفكارهم». ومن جهته قال وكيل أول وزارة الأوقاف بالإسكندرية الشيخ محمد أبو حطب لـ«الشرق الأوسط» إنه لا علم له بأي سيطرة لجماعة الإخوان المسلمين أو غيرها على المساجد، مشيرا إلى أنه في حال ورود مذكرة له من إمام أي مسجد باستخدام المساجد في الدعاية السياسية لأي فكر حزبي أو غيره فإنه من سلطته إصدار قرار بمنع هذا الأمر ومخاطبة السلطات المسؤولة لتنفيذه، وهي حاليا ممثلة في قيادة المنطقة الشمالية العسكرية.