مظاهرات ضخمة في أنحاء سوريا.. والرستن خارج سيطرة الأمن.. وأنباء عن اشتباكات بين منشقين في تلبيسة والقصير

9 قتلى حصيلة جمعة «وحدة المعارضة».. بينهم طفلة

لقطة مأخوذة من «يوتيوب» لمظاهرة ضد نظام بشار الأسد في دمشق أمس
TT

مثل كل يوم جمعة، ثمة من يراهن على أن حركة التظاهر في سوريا ستسجل تراجعا كبيرا، أمام استمرار النظام في فرض حله الأمني والعسكري، ولكن مثل كل يوم جمعة، يخرج المتظاهرون السوريون معلنين ثباتهم أمام القمع واستمرارهم في الثورة حتى إسقاط النظام، وعادت بعض بؤر الاحتجاجات التي شهدت تراجعا في الأسابيع الماضية لتثبت حضورها في مظاهرات يوم أمس، مثل أحياء القابون والحجر الأسود والميدان في دمشق. وتواصلت الانشقاقات في صفوف الجيش السوري، حيث أعلن عن انشقاق 25 جنديا في درعا والزبداني ودركوش في جسر الشغور.

وكان المشهد في حمص مثل كل أسبوع، مظاهرات رغم الدبابات والقناصة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 9 مدنيين قتلوا في منطقة حمص على يد قوات الأمن السورية. وأضاف في بيان أن عدد قتلى أمس ارتفع إلى 9 في محافظة حمص، حيث قتل 6 أشخاص في أحياء الخالدية وباب الدريب والبياضة، كما قتلت طفلة في مدينة القصير وقتل شاب في تلبيسة وقتل ظهرا شاب في قرية الزعفرانية. وفي ريف حماه ومحافظة إدلب كانت المظاهرات الحاشدة في بلدات طيبة الإمام وحلفايا ومعرة النعمان وكفر نبل، تعويضا لتراجعها في مدينة حماه بسبب القمع الشديد. وظلت الأوضاع الأمنية متوترة في مدينتي دوما والكسوة في ريف دمشق، وفي بلدات تلبيسة والرستن والقصير في محافظة حمص. وقالت مصادر محلية إن الرستن كانت يوم أمس «خارج سيطرة النظام».

وفي القصير في حمص، خرجت مظاهرات من عدة جوامع المدينة لتلقي في ساحة المدينة، حيث جرى إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين أسفر عن سقوط نحو 5 إصابات اثنتان منها خطيرة. وتحدثت مصادر محلية عن حصول انشقاق كبير في الجيش وتدمير 4 عربات للجيش، حيث احتدم الوضع هناك في ساعات بعد الظهر. وقال ناشطون إن إطلاق نار كثيف من رشاشات ثقيلة جرى في القصير من قبل قوات الأمن والجيش والشبيحة، لتفريق أكثر من 10 آلاف متظاهر جابوا شوارع القصير في جمعة «وحدة المعارضة»، كما وردت أنباء انشقاقات في الجيش.

واستمر إطلاق النار في المنطقة الغربية من المدينة والبساتين المحيطة بها، كما تم إطلاق النار بشكل عشوائي على المنازل أثناء ملاحقة المنشقين، مما أسفر عن 7 جرحى على الأقل في الساعات الأولى، بينهم الطفلة رقية الإسماعيل البالغة من العمر 5 سنوات.

وفي مدينة حمص، ورغم الوجود الكثيف للجيش والأمن في الشوارع وفي مختلف الأحياء، خرجت مظاهرات في أحياء دير بعلبة والقرابيص والإنشاءات وباب السباع وكرم الزيتون، ومن جامع الخيرات في الحمرا وتير معلة. وفي الغوطة قامت قوات الأمن بحملة مداهمات للمنازل، واعتقالات عشوائية على الهوية، بحسب ما قالته مصادر محلية، التي أوضحت أن عناصر الأمن انتشروا في كل أنحاء حي الغوطة وفي الحدائق. وقالت المصادر إن شهيدين على الأقل سقطا في حمص يوم أمس برصاص قوات الأمن.

وفي مدينة الرستن في ريف حمص خرجت مظاهرة عدت الأكبر بين المظاهرات التي شهدتها المدينة منذ بداية الاحتجاجات، وقدرت الأعداد بـ30 ألف متظاهر غصت بهم الساحة والشوارع التي تصب فيها، في حين فقد الأمن السيطرة على المدينة.

كما خرجت مظاهرة حاشدة في بلدة تلبيسة القريبة من الرستن، وجرت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش ومنشقين. وخرجت مظاهرة في مدينة تدمر التاريخية وسط البادية السورية. ولا يوجد أنباء عن احتكاكات مع قوات الأمن هناك.

وفي دمشق، خرجت مظاهرة طيارة قبل صلاة الظهر قرب مقبرة الجورة في حي الميدان، وبعد الصلاة خرجت مظاهرة أخرى من جامع الغواص وهتفت لنصرة الشيخ كريم الذي عزل عن الخطابة وكان مريدوه ينتظرون أن يعود للخطابة يوم أمس، الجمعة، إلا أنهم فوجئوا أن ابنه خطب بدلا منه، فخرجت معظم المظاهرات في الميدان تهتف للشيخ راجح: «لعينك راجح لعينيك نحن رجالك حواليك». وخرجت مظاهرة ثالثة في الميدان من جامع زين العابدين، واتجهت باتجاه الحقلة عقب صلاة الجمعة وأخرى من جامع الحسن. وفي حي نهر عيشة القريب من الميدان، انطلقت مظاهرة حاشدة من مسجد عبد الله بن أبي حذافة السهمي بعد أن امتلأ المسجد والشوارع المؤدية له، وأخرى خرجت قبل الصلاة من أمام مسجد الماجد في القاعة واتجهت نحو ساحة الحرية (الحقلة)، ومظاهرة حاشدة من جامع حسين خطاب بالقاعة. وفي منطقة كفرسوسة، حي اللوان، انطلقت مظاهرة بعد الصلاة من جامع الفاتح. وفي حي القابون انطلقت المظاهرة من جامع الفتح وتم إحراق العلم الروسي وهتف المتظاهرون مطالبين بإعدام الرئيس. وفي حي القدم انطلقت مظاهرة من جامع القدم، وعلى الفور هاجمتها قوات الأمن وجرى إطلاق الرصاص الحي، مما أجبر المتظاهرين على اللجوء إلى الجامع، حيث تمت محاصرتهم واقتحام الجامع. وفي الحجر الأسود خرجت مظاهرة انتصرت للكسوة المحاصرة وهتفت مطالبة بإعدام الرئيس. وكذلك في حي العسالي والماذنية.

وفي تطور جديد خرجت مظاهرة طيارة من جامع المعري في شارع بغداد وسط العاصمة، دمشق، وجرى إطلاق نار على المتظاهرين أسفر عن سقوط أنس الفقيه قتيلا. وفي منطقة الصالحية خرجت مظاهرة حاشدة من جامع موسى سكر.

وفي ريف دمشق قالت مصادر محلية إنه تم قطع الاتصالات الأرضية والجوالة بشكل تام عن مدينة دوما منذ ساعات الصباح الأولى. وقامت قوات الأمن بتنصيب حاجز مؤقت أول شارع القوتلي وتم إطلاق الرصاص على سيارة مدنية. وقالت مصادر محلية إن هناك انتشارا كثيفا لعناصر الأمن والشبيحة بجميع أرجاء المدينة وبشكل مكثف في أغلب الشوارع، وبالأخص عند جامع الكبير، حيث جرت محاصرة الجوامع مع انتشار أمني قرب محمصة سكاف ومدرسة العناتر ومدرسة الهاشمية. وقد منعت حركة الدخول والخروج في المدينة، قبل اقتحام مسجد الساعور قرب مدرسة الهاشمية لتفريق المصليين، وجرت اعتقالات عشوائية، بينما جابت سيارات الإسعاف تقل قوات الأمن والشبيحة، كما نصب رشاشات «بي كيه سي» عند بوظة صلاح. ونشر القناصة والشبيحة على أسطح المنازل عنوة في شارع القوتلي وخورشيد. وحصل إطلاق نار كثيف عند جسر مسرابا وعند المساكن وفي محيط مدرسة تشرين وجانب البلدية وعند مسجد النعمان أيضا.

ورغم الوضع الأمني المتأزم خرجت مظاهرة من منطقة الحجارية عند جامع الفوال ومن مسجد الروضة ومن مسجد قاقيش، وتم تفريقها من قبل قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي، قبل أن تنسحب قوات الجيش لتتمركز في ساحة البلدية.

وفي الزبداني (45 كلم شمال دمشق)، توفيت امرأة متأثرة بجروحها، أمس، الجمعة. وكانت قد أصيبت بجروح مساء الخميس برصاص قوات الأمن أثناء مطاردة ناشطين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وخرجت يوم أمس مظاهرة في الزبداني، وفي بلدة كفر بطنا، قامت قوات الأمن والجيش بمحاصرة المتظاهرين في الجامع الكبير ومنعوا خروجهم من الجامع، لكن مظاهرة صغيرة عادت للخروج من مكان آخر في البلدة، وتفرقت قبل وصول قوات الأمن إليها. هذا وتجمع أهالي بلدات وادي بردي كفير الزيت - ديرقانون - دير مقرن للتضامن مع المدن المحاصرة.

كما تظاهر بعض المصلين داخل الجامع العمري في درعا البلد حيث انطلقت منه الاحتجاجات في مارس (آذار) الماضي وذلك بعد طول انقطاع جراء احتلال الأمن للجامع طوال الأشهر الماضية.

وفي البوكمال على الحدود السورية - العراقية أصيب اثنان برصاص قوات الأمن، أحدهم جراحه خطرة، إثر إطلاق قوات الأمن النار على مظاهرة خرجت من عدة مساجد باتجاه الساحة العامة واعتقلت قوات الأمن 6 من المتظاهرين. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «إن 6 من عناصر قوات حفظ النظام أصيبوا في كمين في منطقة القورية في شرق البلاد». وخرجت مظاهرة حاشدة من حي شواخ في دير الزور واتجهت إلى شارع التكايا حيث تجمع المتظاهرون هناك، بينما قال ناشطون إن مظاهرات أخرى خرجت في عدة أحياء في المدينة.

وفي اللاذقية طوقت قوات الأمن منطقة بستان الصيداوي ونفذت حملة اعتقالات واسعة. ومع ذلك خرجت المظاهرات في قرى حوران مثل داعل واليادودة والصنمين وغيرها. وكان هناك انتشار كثيف للأمن والشبيحة في أرجاء المدينة وتمت محاصرة جامع الرحمن في الطابيات والحسين في مشروع الصليبة وجامع الفتاحي وجامع حورية - غريب - في الصليبة لمنع المصلين من الخروج.

أما في إدلب فقد طوق الجيش المسجد الكبير في بلدة حاس، وتم منع المصلين من الخروج في مظاهرة بعد الصلاة. وفي مدينة معرة النعمان انطلقت مظاهرة حاشدة بعد صلاة الجمعة من جامع بلال رغم وجود كثيف لعناصر الجيش والأمن على سطح نقابة المعلمين واتحاد شبيبة الثورة وفي ساحة الحرية.

إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جهاز المخابرات الجوية في مدينة حمص السورية أفرج فجر أمس عن المعارض السوري البارز محمد صالح الذي كان اعتقله أول من أمس.

واعتقل صالح في كمين نصب له بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من شخص ادعى أنه صحافي من قناة «الجزيرة» القطرية ويود مقابلته. وأضاف المرصد أن التحقيق مع صالح دار حول لقائه الوفد البرلماني الروسي الذي زار مدينة حمص قبل أيام، مشيرا إلى أن صالح تعرض للضرب المبرح من قبل عناصر خلال ساعات اعتقاله.

وكان صالح التقى قبل أيام بأعضاء الوفد البرلماني الروسي الذي زار مدينة حمص وشرح لهم معاناة سكان المدينة والمعارضة السورية. يشار أن صالح (54 عاما)، سجين سياسي سابق لمدة 12 سنة (1988 - 2000) وهو الناطق باسم لجنة التضامن الوطني في حمص، وقد لعب دروا بارزا في منع الفتنة الطائفية التي حاول النظام إشعالها بالمدينة في شهر يوليو (تموز) الماضي. وأدان المرصد السوري لحقوق الإنسان بشدة استمرار السلطات الأمنية السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ.

وكرر المرصد مطالبة السلطات السورية بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي في السجون والمعتقلات السورية احتراما لتعهداتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي وقعت وصدقت عليها.