توقعات بإعلان حكومة انتقالية خلال أيام.. واستمرار للمعارك في بني وليد وسرت

مسؤول في مخابرات القذافي يؤكد معلومات «الشرق الأوسط» حول وجود القذافي مؤخرا في سبها قبل تحريرها

الثوار يقصفون مواقع لأنصار القذافي في سرت أمس (رويترز)
TT

بينما يترقب الليبيون أول حكومة انتقالية في البلاد في مرحلة ما بعد سقوط نظام العقيد الهارب معمر القذافي، قالت مصادر عسكرية وسياسية من المجلس الوطني الانتقالي والثوار لـ«الشرق الأوسط» إن الثوار بصدد الحصول على مساعدات فنية وتقنية من بعض دول التحالف الغربي للمساعدة في اعتقال العقيد الهارب منذ سقوط معقله الحصين في ثكنة باب العزيزية بالعاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي.

ويحول استمرار فرار القذافي دون استكمال عملية تحرير ليبيا والإعلان الرسمي عن انتهاء حقبة ولايته للسلطة التي دامت نحو 42 عاما وفقا لما أكدته مصادر المجلس التي طلبت عدم تعريفها.

وكشفت المصادر النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن احتمال انضمام عناصر من أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية والفرنسية والقطرية على الأرض لمساعدة الثوار في العثور على القذافي واعتقاله تهميدا لتقديمه للمحاكمة.

وأوضحت أن مشاركة هذه العناصر تأتي بطلب من المجلس الانتقالي لدعم الجهود التي تقوم بها وحدة من القوات الخاصة دشنها المجلس الشهر الماضي لتعقب أثر القذافي ومحاولة اكتشاف مخبئه.

وتأكيدا على صحة المعلومات التي انفردت «الشرق الأوسط» بنشرها مؤخرا حول تواجد القذافي في سبها التي انتزع الثوار المناهضون له السيطرة عليها من قوات القذافي العسكرية وكتائبه الأمنية، قال أحد ضباط القذافي بعد اعتقاله يوم الاثنين الماضي جنوب سبها، إن القذافي «اتصل به هاتفيا» قبل 10 أيام وإنه «يتنقل بشكل سري» في مناطق الجنوب الليبي الصحراوية، بحسب ما أكده بركة وردكو قائد كتيبة درع الصحراء لوكالة الصحافة الفرنسية ببنغازي.

وأوضح وردكو في اتصال هاتفي من أم الأرانب (90 كلم جنوب شرقي سبها) أن «العميد بلقاسم الأبعج الذي قبضنا عليه مؤخرا قال لنا إنه كان على اتصال هاتفي بالقذافي قبل 10 أيام وإن القذافي كان يتنقل بشكل سري بين سبها وغات في أقصى الجنوب الغربي قرب الحدود مع الجزائر».

وكان شاهد عيان قد أكد لمسؤولي السفارة الليبية بالقاهرة أنه شاهد القذافي شخصيا وهو يتجول في سبها، مشيرا إلى أنه أقام لبعض الوقت في حي المنشية، وهي المعلومات التي تم نقلها على الفور لمسؤولي المجلس الوطني وانفردت «الشرق الأوسط» بنشرها مؤخرا.

لكن مع تقدم الثوار لإحكام سيطرتهم تماما على المدينة التي تبعد نحو 660 كيلومترا جنوب العاصمة الليبية طرابلس، فر القذافي مجددا إلى مكان آخر يعتقد أنه «واحة تراغن» النائية والقريبة من الحدود البرية لليبيا مع النيجر.

وتعتبر سبها إلى جانب مدينتي بني وليد وسرت مسقط رأس القذافي، من المدن الليبية التي لا تزال تدين بالولاء للنظام السابق.

وفيما ساد الهدوء النسبي جبهة القتال بين قوات القذافي والثوار حول مدينة سرت الساحلية، دارت أمس اشتباكات متقطعة بين الطرفين في بني وليد على بعد 170 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس.

واكتفى طرفا القتال بتبادل القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة وراجامات الصواريخ دون الإقدام على خوض معارك مباشرة بعد القتال الضاري الذي نشب مؤخرا وانتهت نتيجته على ما يبدو لصالح قوات القذافي.

ويواجه الثوار الذين يعانون فوضى في القيادة الميدانية وخللا في الحصول على المعلومات مقاومة شرسة من قبل آلاف من مؤيدي القذافي الذين يعتقد أن ابنه الثاني سيف الإسلام يقودهم من الداخل.

وفى سرت استمر نزوح السكان بالمئات من المدينة التي يحاصرها الثوار وتتعرض لقصف من قوات القذافي.

وأوضح أسامة مطاوع صويلي أحد قادة قوات الثوار أن سيارة تقل أسرة كاملة دمرت بعد تعرضها للقصف بنيران مدافع مضادة للطائرة وقاذفات آر بي جي وأسلحة خفيفة من قبل قوات القذافي بالقرب من المدخل الغربي لسرت.

وقال صويلي «نحاول إخراج جميع العائلات. ونقوم بتسيير ما بين 400 إلى 500 سيارة يوميا. كما نحاول نوعا ما تجويع قوات القذافي»، مشيرا إلى أن المدينة أصبحت بلا مياه أو كهرباء كما أغلقت المتاجر ولم يعد لدى الأهالي ما يأكلونه.

وأظهرت لقطات فيديو مصورة من داخل سرت بثتها قناة «الرأي» الفضائية من العاصمة السورية دمشق انعدام مظاهر الحياة الطبيعية في المدينة التي تحولت إلى مدينة أشباح حيث خلت الشوارع من المارة وأغلقت معظم المحالات أبوابها.

من جهة أخرى، بدا أمس أن أول حكومة يشكلها المجلس الانتقالي بعد اجتياح طرابلس أوشكت على الظهور للعلن، حيث أعلن عبد الحفيظ غوقة المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي أن الحكومة الانتقالية في ليبيا ستعلن في غضون الأيام القليلة المقبلة وستشمل 22 حقيبة وزارية. وكانت القائمة الأصلية للحكومة التي عرضها رئيسها الدكتور محمود جبريل على المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني وأعضائه الأسبوع الماضي في معقل الثوار ومقر المجلس بمدينة بنغازي بشرق ليبيا تضم 34 وزيرا.

لكن غوقة قال أمس في المقابل في ومقابلة بثتها وكالة رويترز «صغرنا الحكومة باعتبار أن ما قدم كان يزيد على 36 حقيبة و4 نواب لرئيس الحكومة المؤقتة وهذا أمر غير مقبول بالنسبة للمجلس الوطني الانتقالي».

وبعدما لفت إلى أن الحكومة المرتقبة يجب أن تكون حكومة مصغرة، قال غوقة «(هذه) حكومة أزمة، حكومة مؤقتة، (وبالتالي) يجب أن تكون أقل في العدد والتخصصات».

وأضاف: «اتفقنا بالنسبة للعدد وبالنسبة لأهم الحقائب اتفقنا عندها سيكون (هناك) 22 حقيبة ونائب واحد لرئيس الحكومة».

وفى تأكيد على أن رئيس الحكومة محمود جبريل سيتخلى عن إصراره على الاحتفاظ بحقيبة وزارة الخارجية إضافة إلى منصبه، أعلن غوقة أن جبريل لن يشغل حقيبة الشؤون الخارجية، وأضاف: «لا نريد الجمع بين المنصبين فرئيس الحكومة شيء ووزارة الخارجية شيء آخر... تم طرح اسم وتم التوافق عليه. ستعلن التشكيلة وستتضمن رئيسا للحكومة ووزيرا للخارجية. بعض الأعضاء سيستمرون مثل الاقتصاد أو التعليم أما باقي الحقائب الرئيسية والسيادية جميعها ستتغير..».

ويشغل عبد الله شامية منصب وزير الاقتصاد ويشغل سليمان السهلي منصب وزير التعليم.

وقال غوقة «ما زلنا في مرحلة التحرير. لا تزال الحرب دائرة. يجب أن يكون التركيز على أهم الملفات كالدفاع والأمن والصحة».

ونفى غوقة تقارير أشارت إلى انقسامات بين مسؤولي المجلس تعرقل الاتفاق على الحكومة الجديدة وقال: «لا وجود لخلافات لكن في الرؤيا... لم يكن هناك خلافات إلا حول أهمية الحقائب والاقتصار على أقل عدد من الحقائب حين تنتهي الأزمة وتضع الحرب أوزارها..».

وقال غوقة «إعلان التحرير بعد أن تتحرر سرت وبني وليد. إذا ما تحررت سرت وتمت السيطرة بالكامل... إذا تمت السيطرة على سرت وبني وليد وإذا ما سيطرنا أيضا على جميع المنافذ الحدودية» وعبر عن اعتقاده بأن هذا سيحدث خلال بضعة أيام.