عباس يقدم الطلب الرسمي للاعتراف بدولة فلسطين.. ويؤكد: دقت ساعة الربيع الفلسطيني

قدم تعهدا بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة.. ورسالة لطلب فوري أمام مجلس الأمن

محمود عباس يرفع نسخة من الطلب الرسمي الذي قدمه للأمين العام للأمم المتحدة خلال إلقاء خطابه أمس (أ.ب)
TT

ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) خطابا سيذكره له التاريخ، واضحا وصريحا، بعيدا عن المجاملات، خاصة إزاء الولايات المتحدة التي ترفض فكرة التقدم بطلب العضوية الكاملة للأمم المتحدة، وقال فيه إنه «لا أحد لديه وجدان يمكن أن يرفض طلبنا للعضوية الكاملة»، وأجاب فيه عن كل التساؤلات، ورد على كل المشككين.

كان يوم أمس ماطرا في الخارج، مما اعتقد البعض أنه قد يحول دون وصول الكثير من الناس إلى مقر الأمم المتحدة، لكن القاعة بمدرجاتها اكتظت بالناس أعضاء وصحافيين وزوارا، مما أدى إلى بعض الاحتكاكات بسبب التدافع لدخول القاعة بينما كان أبو مازن يلقي خطابه.

ودخل الرئيس الفلسطيني القاعة في الساعة الثانية عشرة وسبع دقائق، لتضج القاعة بالتصفيق من الأعضاء والمدرجات والذي تواصل لأكثر من 3 دقائق، وقوطع خطابه الذي استمر نحو 50 دقيقة بجولات تصفيق وقوفا أكثر من 7 مرات.

بدأ الخطاب بتهنئة السودان الجنوبي على حصوله على عضوية الأمم المتحدة، والأمين العام للأمم المتحدة على فوزه للمرة الثانية برئاسة الأمانة العامة للأمم المتحدة. وبعده مباشرة كان أبو مازن واضحا وصريحا في رفضه لطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل الذي اعتبره مطلبا حديثا، وقوبل هذا الرفض بالتصفيق الحاد. وعندما تطرق إلى خطاب الرئيس الراحل ياسر عرفات في الأمم المتحدة، والذي ناشد فيه المجتمع الدولي عدم إسقاط غصن الزيتون من يده عام 1974، ضجت القاعة أيضا بالتصفيق.

واعتبر أبو مازن قرار الاعتراف بإسرائيل على 87 في المائة تنازلا فلسطينيا كبيرا، مؤكدا أن منظمة التحرير الفلسطينية باقية حتى الانتهاء من قضايا الحل النهائي، في إشارة إلى ما أشيع عن أن طلب الدولة سينهي وضع منظمة التحرير.

وحدد أبو مازن خطة طريق فلسطينية من خمس نقاط، أولاها قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية، وحل قضية اللاجئين وفق المبادرة العربية وقرار الأمم المتحدة 1949، والإفراج عن أسرى الحرية والمعتقلين.. وثانيا رفض العنف والإرهاب بما فيه إرهاب الدول، في إشارة واضحة إلى الإرهاب الإسرائيلي.. وثالثا التمسك بالمفاوضات التي قال إنها لن تستأنف دون وقف للاستيطان ودون مرجعية لهذه المفاوضات.. ورابعا المقاومة الشعبية لمواجهة الاحتلال.. وأخيرا التأكيد على أن التحرك الفلسطيني ليس هدفه عزل إسرائيل، رافضا الاستيطان.

وقال أبو مازن إن لحظة الحقيقة قد أتت، وإن الشعب الفلسطيني ينتظر سماع موقف العالم، وأضاف «هل سيسمح العالم بأن نبقى الشعب الوحيد المحتل في العالم، وأن نبقى محتلين إلى الأبد؟»، وتابع القول «بعد 63 عاما من الاحتلال أقول كفى كفى كفى». واستطرد «في وسط الربيع العربي، دقت ساعة الربيع الفلسطيني أيضا».

وتطرق أبو مازن إلى الشفافية في عمل السلطة والحكومة الفلسطينية، وأشار في هذا الصدد إلى شهادات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدول المانحة، وعرج أبو مازن في خطابه على موضوع المصالحة التي تمنى الإسراع بها. واختتم خطابه بالقول إنه قدم طلب العضوية إلى الأمين العام بان كي مون، قبل أن يخرج من القاعة لتعج القاعة بالتصفيق وقوفا.

وجاء تقديم طلب العضوية بعد أسابيع من التكهنات بشأن إمكانية تراجع السلطة الفلسطينية عن هذه الخطوة، التي أثبتت عزم عباس طلب العضوية الكاملة، وليس بصفة مراقب مثلما اقترح البعض. وكان طلب عباس، والذي سلم إلى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون صباح أمس في الساعة الـ11.45 بتوقيت نيويورك، يتضمن 3 أجزاء، أولها وثيقة تقديم الطلب الرسمي للانضمام إلى المنظمة الدولية، وثانيها رسالة إلى مون تطلب منه تقديم الطلب الرسمي إلى مجلس الأمن في أقرب وقت ممكن. أما الوثيقة الثالثة فهي تعهد بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة.

والتقى عباس مع وفده المرافق مع بان صباح أمس في مقر الأمم المتحدة، ومن ثم انتقل إلى قاعة ليسلم أمين عام الأمم المتحدة الطلب الرسمي أمام المصورين، لتلتقط عدسات الكاميرات رسميا الطلب الفلسطيني. ووقف عباس إلى جوار بان كي مون وسلمه الطلب رسميا، وهما يتصافحان لدقائق عدة، قبل أن يجلسا في اجتماع مغلق مختصر، قبل أن يتوجه عباس لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة.

وكان الاهتمام بالشأن الفلسطيني في الأمم المتحدة خاصة يوم أمس غير مسبوق، إذ وزعت البطاقات المخصصة للصحافيين لدخول قاعة الجمعية العامة للاستماع إلى عباس منذ الساعة السابعة صباحا، أي قبل أكثر من 5 ساعات من إلقاء عباس خطابه.