وزير الخارجية الفلسطيني: نواجه حربا ضروسا.. والمعركة ستستمر حتى لحظة التصويت

رياض المالكي في حوار مع «الشرق الأوسط»: لا ضغوط عربية لإثناء أبو مازن.. و3 سيناريوهات لما يمكن أن يحصل

رياض المالكي
TT

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، إن السلطة الفلسطينية لا تملك إلا خطوة واحدة، ألا وهي تقديم طلب العضوية الكاملة للأمم المتحدة، وأكد في حوار مع «الشرق الأوسط» خلال وجوده في نيويورك ضمن الوفد الفلسطيني المرافق للرئيس محمود عباس لحضور اجتماعات الدورة 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن واشنطن تشن «حربا شعواء» ضد الطلب الفلسطيني بقوة «من ضغوط وعمليات ابتزاز، لأعضاء مجلس الأمن الدولي، ناهيك عن أعضاء الجمعية العامة». كما أشار إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات من الممكن أن تحصل بعد تقديم الطلب الفلسطيني، من بينها الحصول على عدد أصوات كافية للتصويت على الطلب (9 أصوات)، لكن هذا الأمر يقوضه الفيتو الأميركي الذي تهدد واشنطن باستخدامه. وأعرب عن ثقته في الحصول على العدد من المطلوب من أصوات أعضاء مجلس الأمن، وأكد أن المعركة «لم تبدأ بعد كي تنتهي، وأنها ستكون طويلة». ونفى وجود ضغوط عربية لإثناء أبو مازن عن تقديم الطلب، متسائلا «إذا فشلت أميركا وأوباما في أن إثنائه فكيف يستطيع أي طرف آخر إثناءه؟». وفيما يلي نص الحوار:

* لنبدأ الحديث عن فترة ما بعد أن قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.. ما هي الخطوة التالية.. ماذا بعد؟

- نحن لا نملك إلا خطوة واحدة، ولا يجوز أن تكون لدينا خطوة أخرى ما دمنا سلمنا طلب العضوية إلى مجلس الأمن. إن مجرد التفكير بواحدة بينما نتحدث عن الموضوع الرئيسي، وهو محاولة للتلاعب في المواقف. السيد الرئيس قال إنه يريد أن يكون صادقا مع نفسه وشعبه ويتعامل بكل شفافية في هذا الموضوع. وعليه فإننا ما دمنا نتحدث عن تقديم الطلب فإنه لا بد من إعطائه الفرصة. وكما تعلم فإن الإجراء الأول هو أن يوجه رئيس مجلس الأمن (لبنان) حاليا، لعقد جلسة للمجلس، وذلك لإخطار الأعضاء بطلب العضوية. وهنا سنرى نحن ماذا ستكون عليه ردود أعضاء المجلس، لكن هناك نظاما ضابطا لعملها يحدد فترة زمنية قدرها 35 يوما تنظر خلالها في القضايا التقنية، دون الأخذ بالاعتبار القضايا السياسية. وقد لفت الرئيس (عباس) نظر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى أنه يعلم أنه قد تكون هناك معوقات ذات طابع سياسي. سيعود الرئيس إلى رام الله وسيتابع من هناك تقارير نيويورك ويبحث ما هو مطلوب عمله. وأود أن أؤكد أنه حتى الآن لم يحسم شيئا.. ونحن سنتحرك ضمن هذه العملية. نحن نعلم أننا نواجه معركة ضروسا، ليس من قبل إسرائيل، بل من قبل الإدارة الأميركية التي تحاربنا بقوة.. إن واشنطن تشن علينا حربا شعواء، من ضغوط وعمليات ابتزاز، لأعضاء مجلس الأمن الدولي، ناهيك عن أعضاء الجمعية العامة.

والآن سنتحدث عن الإمكانيات، الأولى: عندما يتبين للإدارة أن الطلب الفلسطيني لا يحظى بالأصوات الضرورية وهي تسعة أصوات (من أصل 15) فإنها قد تستعجل واشنطن دفع الطلب إلى وضع «النسخة الزرقاء» استعدادا للتصويت عليه. والنتيجة إفشال الطلب وإحراج الفلسطينيين ومسانديهم في المجلس، بالقول إن الفلسطينيين لا يحظون حتى بالحد الأدنى من الأصوات. إن التعجيل بالتصويت في هذه الحالة هو تجنيب واشنطن استخدام الفيتو الذي قد يحرجها عالميا وحتى لا تشعر بالعزلة وتقوض سمعتها في العالم العربي وأمام الشارع العربي المنتفض الذي سينظر إليها على أنها عدوة. الإمكانية الثانية: في حال تبين أن الطلب الفلسطيني سيحظى بالحد الأدنى من الأصوات وهو 9، سنطلب من لبنان طرح الطلب على التصويت وهذا سيضع واشنطن أمام استخدام الفيتو وهو ما لا تريده وتتجنب حصوله. والإمكانية الثالثة والأخيرة هي أن تبحث واشنطن عن أسباب إجرائية واهية، لإعادة الطلب من جديد أو عدم قبوله أو تعليق مناقشته لفترة زمنية غير محددة، تحد من قدرة الفلسطينيين على التحرك في الأمم المتحدة، وكذلك الحد من مجالات التحرك في مجلس الأمن.. وفي النهاية تعليق بحث الطلب.

* وهل حسب معلوماتك لديكم الحد الأدنى من الأصوات وهو 9 في الوقت الحاضر؟

- أنا أقول إننا حاولنا ولا نزال نحاول توفير هذا العدد مع معرفتنا بأن الإدارة تعمل بشكل كبير لإقناع أكبر عدد ممكن من الأعضاء بعدم التصويت لصالح الطلب الفلسطيني مستخدمة كل الوسائل، وهذا مثل على المعركة الضروس التي نخوضها. أميركا تدعي أننا لن نحظى بالأصوات التسعة.. ونحن نقول إن المعركة لم تبدأ حتى تنتهي.. وإن المعركة طويلة ولدينا دعم من هذه الدول وعلاقات مع دول أخرى كثيرة للتأثير على بعض الأعضاء في المجلس ودفعها إلى التصويت لصالحنا. باستطاعتنا نبحث عن النصر والهزيمة فقط عند ظهور نتيجة التصويت.. والحديث في هذا الموضوع مبكر.. أكرر القول إن لدينا علاقات مميزة مع دول في المجلس مما يجعلنا واثقين من الحصول على هذا العدد، بل وأكثر وسنواصل العمل ضمن هذه القناعة.

* هل بالإمكان اطلاعنا على أسماء الدول المحسوم صوتها لصالح الطلب الفلسطيني.. لقد تضاربت التسريبات بشأن العدد، فهناك من كان مبالغا بالتفاؤل ليقول إن الطلب الفلسطيني سيحصل على 14 صوتا. وهناك من تحدث عن ضمان الأصوات التسعة الضرورية.. وأخر قال إن العدد حتى الآن سبعة ويجري العمل من أجل إقناع بلدان مثل نيجيريا والبوسنة إلى آخره..

- من الخطأ أن نذكر الأسماء.. ما هو مؤكد أننا سنوفق بالتغلب على المعوقات والضغوط الأميركية.. وسنحصل على الأصوات التسعة إن لم يكن أكثر.. المعركة لم تحسم بعد وهي محتدمة وستتواصل لأسابيع مقبلة وحتى لحظة التصويت. إذن لن أتحدث عن أصوات مضمونة، بل أؤكد أننا سنكون جاهزين لمتابعة الطلب إلى حين التصويت.

* هناك إشاعات عن ضغوط عربية حتى من دول أعضاء في لجنة المتابعة العربية مورست في اللحظات الأخيرة التي سبقت تسليم الطلب، لإثناء الرئيس محمود عباس (أبو مازن) عن التوجه إلى مجلس الأمن.. مدى صحة هذه المقولة؟

- إذا فشلت أميركا وأوباما في إثنائه فكيف يستطيع أي طرف آخر إثناءه؟ لقد هدد الأميركيون بقطع العلاقات والمساعدات ووقف المفاوضات وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية واتخاذ إجراءات فعلية على الأرض. ورغم ذلك وقف الرئيس شامخا مؤكدا أن مصلحة الشعب الفلسطيني أهم بكثير. وأود أن أقول إنه لم يكن هناك أي ضغوط عربية، فهناك قرار إجماع عربي بهذا الشأن. وقد عقدت لجنة المتابعة 5 اجتماعات وخرجت بقرار التوجه إلى الأمم المتحدة. وبالتالي هذا هو الموقف العربي الذي نستند إليه وعليه لذهابنا إلى الأمم المتحدة. كنت حاضرا في كل هذه الاجتماعات واجتماعات عدم الانحياز. وليس هناك ما يشير إلى أن هناك خروجا عن الإجماع العربي.

* الآن وقد انتهت «الزفة» كما يقولون.. ماذا ستقولون للشارع الفلسطيني الذي لم يوفر جهدا في دعمه لكم.. التوقعات كبيرة والعودة من دون شيء ملموس ربما تشكل حالة إحباط يكون لها تداعيات؟

- حتى لا يكون هناك سوء فهم في الشارع الفلسطيني.. هناك من يعتقد أننا سنعود من الأمم المتحدة والدولة في جيبنا.. وهناك من يعتقد أن التصويت سيتم في نفس اليوم.. لكن الرئيس كان واضحا وصريحا في خطابه يوم 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، ولو استمعوا إليه لعلموا أنه لن يكون هناك تصويت، بل مجرد تقديم طلب. وخطاب الرئيس في الأمم المتحدة وضح الكثير من اللبس لدى شعبنا.

* لنتحدث عن المصالحة.. هناك من قال إن المصالحة أجلت إلى ما بعد استحقاق سبتمبر، هل تعتقد أنها الآن ستجري بخطى متسارعة؟

- المصالحة لم تؤجل، بل إنها بدأت بتوقيع اتفاق القاهرة (في 4 مايو/ أيار) ولم يكن تعني أنها ستسير بخطى متسارعة، بعد سنوات من القطيعة (نحو 4 سنوات وثلاثة أشهر تقريبا). نعم لم يجر الاتفاق على اسم رئيس الحكومة وقرروا البت فيما بعد استحقاق سبتمبر، وركزوا في مناقشاتهم على القضايا الأخرى التي لا خلاف عليها. وهذا بتوافق بين حركتي حماس وفتح (يذكر أن المالكي لا ينتمي إلى أي منهما بل شخصية مستقلة). إذا لم تؤجل المصالحة بل أجل البت فيها.

* وهل سيتحقق التعديل الحكومي الذي طال انتظاره؟

- ليس لدي أي علم وهذا مرتبط بقرار الرئيس. والتعديل الوزاري ليس أولية من أولويات الحكومة.. والأولوية بالنسبة للقيادة الفلسطينية الآن هي إكمال إجراءات الطلب.