الأدميرال مولن: باكستان وراء الهجمات ضد قواتنا

في آخر يوم له في منصبه كقائد للقوات الأميركية المشتركة

رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الأدميرال مايك مولن يدلي بإفادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أول من أمس (أ.ب)
TT

في آخر يوم له في منصبه كقائد للقوات الأميركية المشتركة، اتهم الأدميرال مايك مولن الاستخبارات العسكرية الباكستانية (آي إس آي) بأنها وراء هجوم الثالث عشر من سبتمبر (أيلول) في كابل على السفارة الأميركية وقيادة قوات الناتو هناك، وهو الهجوم الذي جرح فيه 77 من جنود الناتو.

وقال مولن، في خطاب ألقاه أمام اللجنة العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ، إن الهجوم «خططته وأجرته» منظمة «حقاني»، التي وضعتها الحكومة الأميركية في قائمة الإرهاب، وقال إن قيادتها في باكستان، وإن الهجوم كان «بدعم من الاستخبارات الباكستانية». وأضاف «اختارت الحكومة الباكستانية، خاصة الجيش الباكستاني والاستخبارات الباكستانية التابعة له، استخدام التطرف العنيف كأداة من أدوات السياسة العامة»، وأن الهدف هو المحافظة على النفوذ الباكستاني في أفغانستان في المستقبل.

وتحدث في الجلسة أيضا وزير الدفاع ليون بانيتا، وأيضا انتقد الاستخبارات الباكستانية. وقال مراقبون في واشنطن إن خطاب مولن، في آخر يوم له في وظيفته، كان صريحا جدا بالمقارنة مع تصريحاته خلال السنوات الأربع التي تولى فيها منصبه، رغم صدور انتقادات في الماضي من جانب مسؤولين أميركيين للحكومة الباكستانية، الحليفة في الحرب ضد الإرهاب منذ عشر سنوات تقريبا. وكان وزير الدفاع قال في وقت سابق إن التحالف مع باكستان «أمر مزعج للغاية، لكن ليس لنا خيار».

وقال الأدميرال أمس في الجلسة «أوضحنا للباكستانيين أننا سنقوم بكل شيء.. يتعين علينا للدفاع عن قواتنا». وعندما سئل عن هذه الخطوات، قال «لا أعتقد أنه سيكون مفيدا وصف تلك الخيارات، وما هي الخطوات التنفيذية التي يجوز أو لا يجوز اتخاذها». وأضاف «أعتقد أن الأمر اول الآن هو، بصراحة، الضغط على باكستان».

وقال مراقبون في واشنطن إن مسؤولين أميركيين كانوا أعلنوا أن هجوم الثالث عشر من سبتمبر قادته مجموعة يقودها سراج الدين حقاني، ومقرها في منطقة شمال وزيرستان القبلية الباكستانية، وإن المجموعة جزء من عدد من فروع طالبان التي تتمتع بملاذات في باكستان، وإنها «تشكل أكبر تهديد للقوات الأميركية في أفغانستان». ونشرت مصادر أميركية أن مسؤولي الأمن القومي في البيت الأبيض حذروا، خلال اجتماعات جرت الأسبوع الماضي، مع قادة الجيش الباكستاني وقادة الاستخبارات العسكرية الباكستانية ووزير الخارجية الباكستاني، من أن تسامح الولايات المتحدة «وصل إلى نقطة النهاية».

وحذرت باكستان الولايات المتحدة، أمس، من أنها ستخسر حليفا لها إذا واصلت الأخيرة اتهام الهيئات الاستخباراتية الباكستانية بدعم عناصر طالبان.

وقالت وزيرة الخارجية الباكستانية، حنا رباني خار، لقناة «جيو» التلفزيونية الباكستانية: إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتحمل تنفير وإبعاد شعب وحكومة باكستان. وأضافت خار، في مقابلة من نيويورك؛ حيث تحضر اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة: «ستخسرون حليفا (لكم)». وأضافت: «لا يمكن أن تتحملوا تنفير وإبعاد باكستان، لا يمكن أن تتحملوا تنفير إبعاد الشعب الباكستاني، إذا اخترتم القيام بذلك وإذا اختاروا القيام بذلك سيخسرون».وعن تصريحات الأدميرال مولن، قال مراقبون في واشنطن إنها ذات أهمية خاصة، لأن مولن كان المسؤول الأميركي الأول في التعامل مع قادة باكستان، مدنيين وعسكريين، وكان التقى مرات كثيرة بالجنرال أشفق كياني، قائد القوات الباكستانية. وكانت تقارير صحافية نشرت أن الرجلين أسسا علاقات شخصية بالإضافة إلى العلاقات الرسمية. لكن تصريحات الأدميرال أمس أوضحت أن الأمن الأميركي يعلو على أي نوع من العلاقات، وأضاف «قد يقول البعض إنني ضيعت وقتي مع الباكستانيين، وإن باكستان ليست أقرب إلى الولايات المتحدة مما كانت عليه في الماضي. لكني اختلف مع هؤلاء. بمساعدة باكستان، نحن دمرنا منظمة القاعدة وقيادتها العليا في مناطق الحدود». وقال «لكن استخدام باكستان للجماعات المتمردة كوكلاء لها للحصول على نفوذ في أفغانستان قوض أمنها الداخلي، وقوض مركزها في المنطقة».

إلى ذلك، حثت رئيسة لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ الأميركي، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس الخميس، على تصنيف شبكة «حقاني» المتشددة ومقرها باكستان رسميا كجماعة إرهابية أجنبية بعد أن اتهمها مسؤولون أميركيون بالضلوع في هجمات إرهابية على مستوى عال، بينها هجوم استهدف السفارة الأميركية في كابل. وقالت السيناتورة ديان فينشتاين، في رسالة بعثت بها إلى كلينتون «ما من شك في أن شبكة حقاني تتوافر فيها معايير هذا التصنيف». وأضافت لكلينتون «أكرر طلبي بأنه يتعين اعتبار شبكة حقاني منظمة إرهابية أجنبية، وأطالبك بالرد كتابة».

وعلى الرغم من كونها واحدة من أكثر الجماعات المتشددة التي تعمل في أفغانستان ارتكابا لأعمال فتاكة، فإن شبكة حقاني غير مدرجة على القائمة الرسمية لوزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. ويقول مسؤولون ومحللون إن السبب في ذلك هو أن بعض مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية كانوا يتعشمون في إمكانية المصالحة مع شبكة حقاني في إطار محادثات السلام بأفغانستان بين الحكومة والمتمردين.

ومن غير المرجح إجراء هذه المحادثات في الوقت الحالي. وقال مسؤولون أميركيون هذا الأسبوع إن شبكة حقاني (المدعومة من المخابرات الباكستانية) كانت وراء هجوم السفارة يوم 13 سبتمبر، إضافة إلى تفجير شاحنة قبل ذلك في وردك بأفغانستان تسبب في مقتل خمسة أفغان وإصابة 77 من أفراد القوات الأميركية بجراح.

وأحجمت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية عن التعقيب على الفور. وقالت «لا نعلق على إضافات محتملة لقائمة الإرهاب». وسميت شبكة حقاني ومقرها منطقة وزيرستان الشمالية القبلية باسم الزعيم جلال الدين حقاني الذي كان ضمن زعماء المجاهدين الأفغان الذين قاتلوا القوات السوفياتية في أفغانستان في حقبة الثمانينات، وكانت جماعته تتلقى دعما من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) آنذاك.

وتكرر رسالة فينشتاين طلبا سبق أن تقدمت به في مايو (أيار) 2010 لإضافة شبكة حقاني وحركة طالبان الباكستانية لقائمة الإرهاب. وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة طالبان الباكستانية على القائمة في سبتمبر 2010، بعد أشهر من ظهور أدلة على ارتباطها بصلات بفيصل شاه زاد الذي قام بمحاولة فاشلة لتفجير سيارة ملغومة في ساحة «تايمز سكوير» بنيويورك.