لبنان: الزعماء الموارنة يناقشون مع البطريرك الراعي قانون الانتخابات الأنسب لتفعيل الدور المسيحي

شمعون لـ «الشرق الأوسط»: قاطعت اللقاء لأن بكركي صرح ديني لا يجب إقحامه بالسياسة

TT

اجتمع الزعماء اللبنانيون الموارنة أمس في بكركي لبحث ملف قانون الانتخاب، على ضوء الاقتراحات المقدمة من قبل أكثر من حزب ومسؤول مسيحي، وأبرزها اقتراح اعتماد النسبية في الانتخابات النيابية المقبلة في عام 2013، وعلى وقع العاصفة السياسية التي أثارتها مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة حول سلاح حزب الله والأحداث في سوريا.

وتضمن جدول الأعمال بندا وحيدا هو قانون الانتخابات النيابية، وعلمت «الشرق الأوسط» أن مسودة قانون جديد يشكل قاسما مشتركا لكل تصورات القوى المسيحية قد قدمت من قبل البطريرك الراعي للمجتمعين، وهي تركز على نقطتين، الأولى حماية التمثيل المسيحي الصحيح، والثانية الحفاظ على الطابع الوطني للقانون، بمعنى أن تكون الأطراف السياسية جميعها موافقة عليه. كذلك تضمنت المسودة كل التفاصيل المتعلقة بالعملية الانتخابية لجهة حجم الدوائر الانتخابية، سواء إذا كانت كبيرة أو صغيرة.

وكان قد حضر الاجتماع إلى جانب البطريرك الراعي كل من رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، إضافة إلى عدد من النواب والشخصيات المارونية، فيما تغيب كل من رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون، ورئيس حزب الكتلة الوطنية كارلوس إدة.

وبرر شمعون، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أسباب غيابه عن اللقاء الماروني بالإشارة إلى أن «بكركي هي بنظره صرح ديني ولا يجب إقحامها بالمواضيع السياسية»، لافتا إلى أن «اللقاءات التي تحصل فيها هي من دون نتيجة فعلية، واللقاء الأخير شأنه شأن كل اللقاءات السابقة التي فشلت في جمع القادة المسيحيين على حد أدنى من القواسم المشتركة». ورأى أن «قانون الانتخاب لا يبحث في بكركي، بل في مجلس النواب»، لافتا إلى أن «البطريرك الراعي يتحدث كل يوم في السياسة ويعالج الملفات الأساسية المطروحة ويعبر عن اتجاهاته السياسية، وفي كل مرة يصرح يقترف المزيد من الأخطاء».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن المجتمعين عرضوا خلال الاجتماع الأفكار المقدمة من اللجنة الرباعية التي شكلها البطريرك الراعي، والتي حملت كل الاقتراحات المقدمة من القوى السياسية كافة حول قانون الانتخاب الجديد. وقد ناقشوا تقريرا حول قانون الانتخاب وضعته اللجنة التي اجتمعت في مجلس النواب أول من أمس بحضور الوزير السابق للداخلية زياد بارود وخبراء ونواب. وتضمن هذا التقرير خلاصة لبعض مشاريع القوانين الانتخابية المقترحة، مع تحديد جدول مقارنة حول سلبيات وإيجابيات كل مشروع والتقسيمات الانتخابية المرافقة له، مع الإشارة إلى أن اقتراح النسبية كان من الأفكار المتقدمة التي بحثتها هذه اللجنة من دون تبني أي منها، علما بأن الأساس هو التوصل إلى قانون انتخابي يوفر التمثيل المسيحي الحقيقي في المجلس النيابي في انتخابات عام 2013.

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر اللجنة لـ«الشرق الأوسط» أن «اقتراح النسبية غير مقبول من كل القوى المسيحية، وخصوصا حزب الكتائب الذي يرفض النسبية، ويميل إلى اقتراحات أخرى توفر أفضل تمثيل للمسيحيين وتحظى بتأييد كل الطوائف اللبنانية الأخرى». وأوضحت أن عمل هذه اللجنة سيستمر بعد لقاء بكركي الثاني، وسيأخذ في الاعتبار ملاحظات المسؤولين الموارنة حول الأفكار المقترحة، وخصوصا النسبية، التي تحظى بتأييد الأكثرية النيابية وتحديدا قوى «8 آذار»، ويعارضها النائب وليد جنبلاط، كما «الكتائب» الذي يعتبرها غير قابلة للتطبيق في ظل النظام الطائفي واللاحزبي الحالي، وفي ظل التقسيم الإداري الحالي.

وفي إطار المواقف الصادرة بعد انتهاء الاجتماع، وصف جعجع الأجواء بأنها «كانت جيدة جدا وتخللتها مناقشات في العمق استفدنا منها جميعا». ورأى أنه «في ضوء المناقشات التي جرت هناك إمكانية للتوصل إلى قانون موحد»، موضحا في الوقت عينه أن «الموضوع يلزمه بحث أكثر، ونحن كقوات لبنانية يناسبنا القانون مهما كان، ولكننا نفتش عن القانون الأنسب للمسيحيين وللبنانيين ككل».

وأشار النائب عن حزب الكتائب سامي الجميل إلى أن الأجواء كانت إيجابية والبحث تناول حصرا قانون الانتخاب، مشيرا إلى تعليمات بعدم تسريب وقائع المشاورات التي حصلت خلال اللقاء الموسع.

وأوضح النائب بطرس حرب، الذي كان أول المغادرين، أن البحث «لم يتجاوز موضوع قانون الانتخاب وتبين أنه بحاجة إلى تعميق في ضوء الأفكار التي قدمتها اللجنة»، مشيرا إلى «اجتماع سيعقد قريبا لأن موضوع الانتخابات كبير وخطير جدا، وهو قضية استراتيجية تكتيكية، والبحث هو حول مستقبل البلد والصيغة السياسية التي يمكن أن نبني عليها مستقبل لبنان والأجيال المقبلة». وأشار إلى أنه يؤيد شخصيا «القانون الذي يسمح لكل مواطن بانتخاب مرشح ونائب واحد لأنه يشكل أفضل تمثيل نيابي ويعطي اللبنانيين الطمأنينة لإيصال رأيهم إلى مجلس النواب». وانتهى المجتمعون، وفق ما أفاد به بيان ختامي صدر بعد انتهاء اللقاء تلاه رئيس الدائرة الإعلامية في بكركي وليد غياض، إلى الاتفاق «على أن تتابع اللجنة الرباعية عملها لتعميق ما جرى مناقشته وبلورته، وللتنسيق مع القوى السياسية توصلا إلى قانون انتخابات يؤمن الميثاقية والمناصفة». وأشاروا إلى أن «المسيحيين المؤمنين بالدولة اللبنانية ومؤسساتها يعتبرون أن قانون الانتخابات هو المدخل الصحيح والأساسي لتفعيل الدور المسيحي وبناء شراكة حقيقية مبنية على المناصفة الفعلية، تعيد التوازن إلى مؤسسات الدولة بما يؤدي إلى تعزيز العيش المشترك بين مختلف المكونات اللبنانية».