باريس متمسكة بمبادرتها رغم الرفض الإسرائيلي لدولة فلسطينية غير عضو في الأمم المتحدة

مشاورات فرنسية مكثفة للتسويق لخطة ساركوزي.. وتساؤلات حول الموقف الأميركي منها

TT

سارعت إسرائيل أمس إلى إطلاق النار على المبادرة الفرنسية التي أعلنها الرئيس نيكولا ساركوزي من على منبر الأمم المتحدة الأربعاء الماضي وضمنها ما سمته الخارجية الفرنسية «خارطة طريق» جديدة توفر لفلسطين صفة الدولة المراقب غير العضو في الأمم المتحدة وتطرح آلية لمعاودة المفاوضات برعاية دولية وبعد مؤتمر للمانحين في باريس.

غير أن باريس رفضت أمس الخوض في جدل مع إسرائيل التي كان من بين أهداف مبادرتها إخراجها من العزلة، واكتفت الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي أمس، بالقول إن فرنسا «أخذت علما» بالتحفظات الإسرائيلية وأن العرض الفرنسي «ما زال قائما». وشدد الناطق المساعد باسم الخارجية رومان نادال على الحاجة إلى «التحرك لأن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر»، مما يجعل باريس متمسكة بمقترحاتها التي تبقى «على الطاولة».

وتمحور الرفض الإسرائيلي على الفكرة الفرنسية الداعية إلى منح فلسطين وضع الدولة غير العضو، غير أنه ليس من المؤكد أن السلطات الإسرائيلية تتقبل العناصر الأخرى من الخطة الفرنسية خصوصا ما يتناول منها الجدول الزمني الصارم للمفاوضات التي من المفترض أن تبدأ خلال شهر، على أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود والأمن خلال ستة أشهر والانتهاء من التفاوض وإبرام اتفاق خلال عام.

ويقول الجانب الفرنسي إنه سعى إلى توفير التوازن في خطته بحيث يكون إعطاء فلسطين صفة الدولة غير العضو في الأمم المتحدة مقابل عودة الفلسطينيين إلى المفاوضات «من غير شروط مسبقة» بحجة أن التبادل في وضع الشروط والشروط المضادة أدى إلى فشل المفاوضات. وبذلك تكون باريس تتبنى الموقف الإسرائيلي الذي يطالب بعودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات من غير شروط.

فضلا عن ذلك، فسرت باريس مطلبها الداعي إلى التزام الفلسطينيين بعدم اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية في حال تحولوا إلى دولة غير عضو في الأمم المتحدة بالحاجة إلى عدم وضع العراقيل بوجه المفاوضات وليس حرمان الفلسطينيين من حقهم في مقاضاة إسرائيل.

وليست المرة الأولى التي تجهض فيها إسرائيل الجهود السلمية الفرنسية في الشرق الأوسط. فقد عارضت في العامين الأخيرين مقترحات فرنسية بعقد مؤتمر دولي في باريس يكون بمثابة «منصة» لمعاودة إطلاق المفاوضات. وليس من المؤكد أن واشنطن ستدعم المساعي الفرنسية، إذ إن الرئيس الأميركي رفض التعليق على خطة ساركوزي فيما اكتفت الأوساط الأميركية بالقول إن الأفكار الفرنسية بحاجة إلى «بلورة». وقال وزير الخارجية ألان جوبيه أمس في مقابلة تلفزيونية إنه تناول مقترحات بلاده مع الأميركيين الذين «أخذوا علما بها» ودعوا إلى التعمق فيها واعدين بالعمل عليها في الأيام المقبلة.

وفي الساعات الأخيرة ركزت باريس على الحاجة إلى التدارس ومناقشة هذه الأفكار مع كل الأطراف بما فيها الأطراف الأوروبية. وقالت الخارجية إن باريس كانت تعمل على عناصر خطتها «منذ شهور» نافية بذلك ما جاء في الصحافة الألمانية التي أكدت أن ما طرحه ساركوزي في مجلس الأمن بلورته اللجنة الرباعية. كذلك ردت باريس على انتقادات منظمة هيومان رايتس ووتش التي انتقدت حرمان الفلسطينيين من حق التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية بالقول إن الغرض «تفادي المبادرات الأحادية» التي لم يشر إلى طبيعتها من الجانب الإسرائيلي والتي من شأنها إجهاض المفاوضات.

ومجددا، حذر الوزير الفرنسي من «الطريق المسدود» الذي ستقود إليه المبادرة الفلسطينية في مجلس الأمن بسبب الفيتو الأميركي على حد قوله. لكن أوساطا سياسية فرنسية ترى أن الحكومة تتلطى وراء الفيتو الأميركي من أجل تفادي الإعلان عن موقف محدد وهو ما امتنعت عنه ليس باريس فقط ولكن غالبية الدول الأوروبية بحجة زيادة الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ويؤكد جوبيه أن الجهد الفرنسي الدبلوماسي يريد، من ضمن أهدافه، تحاشي الوصول إلى التصويت عن طريق تقديم بديل للفلسطينيين هو الجمعية العامة. غير أن رفض إسرائيل المبكر للمبادرة الفرنسية لا يساعد باريس بل يضعها في موقف حرج ويعيد كل الوضع إلى المربع الأول.