معركة الانتخابات البرلمانية تشتعل في مصر رغم غموض موعدها وقوانينها

مرشحو شباب الثورة: ستشهد نهاية سطوة المال ونفوذ الإسلاميين

TT

على الرغم من عدم تحديد موعد رسمي لها حتى الآن، وبينما ما زالت القوى السياسية في تنازع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة حول قواعد وقوانين تنظيمها، اشتعلت المنافسة في الانتخابات البرلمانية مبكرا في مصر، بعد أن أعلن الكثير من الفرقاء السياسيين رسميا نيتهم خوض الانتخابات، والوقوف وجها لوجه لنيل الحصانة، في أول برلمان بعد ثورة «25 يناير».

وبعيدا عن صخب العاصمة القاهرة وميدان التحرير الذي لا يخلو من مظاهرات ومطالبات سياسية، وربما اشتباكات أمنية، بين الحين والآخر، تصدرت كالعادة محافظة الإسكندرية، المدينة ذات المزاج السياسي المعارض دائما، قائمة الدوائر الانتخابية الأكثر سخونة، بعد أن دخلت قوى الثورة في منافسة قوية لأقطاب الانتخابات في النظام السابق، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين، ذات الشعبية الواسعة في المحافظة.

ووفقا لمصادر في الهيئة العليا للانتخابات، فإنه ينتظر أن يصدر المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي، مرسوما نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، يحدد فيه موعد انتخابات مجلسي الشعب والشورى (غرفتي البرلمان)، التي يُتوقع إجراؤهما بدءا من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وخلال الأيام القليلة الماضية، دارت في الإسكندرية حرب خفية بين المتنافسين الجدد من قوى الثورة على انتخابات مجلس الشعب من جانب، وبين رجال الحزب الوطني (المنحل)، الذين يستعد الكثيرون منهم لخوض الانتخابات إما كمستقلين وإما كمنتمين لأحزاب جديدة، ومعهم جماعة الإخوان من جانب آخر.

وبرز، بقوة، المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق، الذي يعد أحد رموز تيار الاستقلال في القضاء المصري، حينما أعلن رسميا عن ترشحه كمستقل، في دائرة سيدي جابر التي كانت تحتكرها أسرة الملياردير الشهير طلعت مصطفى وأبنائه منذ أكثر من 20 عاما. في وقت ترددت فيه أنباء قوية عن اعتزام طارق طلعت مصطفى، القيادي بالحزب الوطني المنحل، شقيق هشام المحكوم عليه بالسجن بتهمة التحريض على قتل الفنانة سوزان تميم، المنافسة، بعد انتشار لافتات تحمل اسمه بأنحاء مناطق الدائرة.

يقول الخضيري إنه سيعتمد على حب الناس له ورغبتهم الحقيقية في أن يكون لهم برلمان وطني خالص يعبر نوابه عن معاناتهم وتطلعاتهم في التغيير الحقيقي الذي قامت من أجله ثورة «25 يناير». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أباطرة المال انتهى عهدهم للأبد بسقوط النظام السابق الذي كانت الأولوية في ظل حكمه لرجال المال وليس الأعمال».

وطالب الخضيري بضرورة صدور قانون بمنع قيادات وأعضاء الحزب الوطني من خوض الانتخابات وممارسة الحياة السياسية، مشيرا إلى خطورة استخدامهم لسلاح الأموال الطائلة التي قاموا بجمعها خلال عهود الفساد في التأثير على البسطاء لاستقطابهم لخدمة مصالحهم الشخصية.

في الدائرة ذاتها (سيدي جابر) أيضا، أعلن عامر عيد، نقيب الصحافيين السابق لنقابة الصحافيين الفرعية بالإسكندرية، خوضه الانتخابات ضمن قوائم ائتلاف شباب الثورة، ويواجه عيد منافسة شرسة من القيادي الإخواني صبحي صالح الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الدائرة.

يقول عيد إنه لا يخيفه منافسة التيارات الدينية، مشيرا إلى أن الوضع الانتخابي بعد الثورة تغير تماما؛ فلم يكن يذهب المواطنون غير المنتمين لقوى سياسية منظمة من قبل للإدلاء بأصواتهم لعلمهم مسبقا بالتزوير، وبالتالي لم يكن يذهب للتصويت سوى أعضاء جماعة الإخوان وأعضاء الحزب الوطني المنحل، لكن الآن الملايين سيدلون بأصواتهم.

ويضيف عيد: أنا على ثقة في أن الغالبية العظمى من المصريين لا يميلون لتيارات بعينها، وأن الاعتدال والوسطية هما القاسم المشترك بين أبناء الشعب المصري، وهما ما سيرجح كفة من لهم أفكار وبرامج جادة.

وفي دائرة محرم بك، يواجه أحمد عراقي نصار، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية، منافسة شرسة من القيادي الإخواني مدحت الحداد، مدير المكتب الإداري للجماعة، بعد أن أكدت تسريبات من داخل الجماعة خوضه الانتخابات. يقول نصار: لقد سبق أن واجهت مفيد شهاب، أحد أباطرة النظام السابق، ولن تكون مواجهة أحد قيادات الإخوان أصعب منها.

ويشير نصار إلى أن الائتلاف سيبدأ حملاته الانتخابية بالقيام بجولات توعية تتضمن قوائم سوداء بأسماء المرشحين من أعضاء الحزب الوطني الذين سيخوضون الانتخابات المقبلة لتوعية الناس بخطورة انتخابهم، وقائمة بيضاء بأسماء المرشحين الوطنيين من وجهة نظرهم حتى إن كانوا خارج الائتلاف. من جهته، أعلن إسلام الحضري، منسق حركة شباب 6 أبريل بالإسكندرية، خوضه الانتخابات، بدائرة الدخيلة والعامرية. الطريف أن إسلام سيكمل 25 عاما قبل فتح باب الترشيح بيومين فقط (يتوقع أن يفتح الترشيح يوم 27 سبتمبر الحالي)، ويحدد القانون 25 عاما كحد أدنى للترشح. وتعد الغلبة في هذه الدائرة للعائلات الكبيرة وقبائل الأعراب؛ حيث تنتشر العائلات البدوية بصحراء العامرية، وهو ما يصعب مهمة الحضري، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيذهب للبدو ويقوم بجولات وحملات لطرق الأبواب لشرح برنامجه الذي يقوم على ركائز الحرية والكرامة وتوفير حياة كريمة لجميع المواطنين.