الصيام من أجل كبح الفساد.. ظاهرة تنتقل من الهند إلى باكستان

الناشط الهندي هازاري يتلقى دعوات لنقل تجربته الناجحة إلى بلدان أخرى في المنطقة

TT

بعد نجاحه في توعية الرأي العام بالفساد في الهند، يستعد آنا هازاري، الناشط السائر على خطى غاندي، إلى تطبيق التجربة في باكستان.. وقد تلقى هازاري دعوة من وفد باكستاني زاره في مسقط رأسه، قرية راليغان سيدهي التابعة لولاية مهاراشترا في غرب الهند، لزيارة باكستان بهدف إرشادهم في مجال مكافحة الفساد. ووافق هازاري على زيارة باكستان عندما تسمح الظروف، وقال: «بمجرد أن أسترد قواي وأنهي طقوس الياترا الهندية، سأذهب إلى باكستان. تواجه باكستان مثل الهند مشكلة الفساد، ومن واجبنا مساعدتها. إذا كانت زيارتي ستشجع النشطاء هناك، فسأقوم بها بالتأكيد». ويضم الوفد الباكستاني وزير العدل السابق، إقبال حيدر، والقاضي المتقاعد ناصر زاهد، وكرامات علي، مدير «المعهد الباكستاني للعمل والتعليم والأبحاث».

وقال كرامات علي في مقابلة: «نحن نقدر هازاري لمبادرته من أجل مقاومة الفساد في الهند. ونحن نواجه الفساد أيضا مثل الهند، لكن على عكس الهند، ليس لدينا آنا هازاري. نريد منه زيارة باكستان للضغط على حكومتنا. نريد منه أن يرشدنا إلى كيفية مواجهة ومقاومة الفساد». ولا يزال ناصر زاهد وكرامات علي، حتى الآن، في الهند، بينما قالت مصادر مقربة منهما لـ«الشرق الأوسط»: إنهما سينظمان مؤتمرا صحافيا فور عودتهما إلى باكستان.

كان آنا هازاري، الذي يستخدم الأساليب التي استخدمها غاندي، ومنها الإضراب عن الطعام احتجاجا على الفساد والظلم، قد دخل إلى دائرة الضوء في أبريل (نيسان) الماضي عندما أضرب عن الطعام لمدة 5 أيام من أجل سن قانون فعال لمقاومة الفساد. وقد أجبر الحكومة الهندية على تشكيل لجنة من 10 أعضاء لصياغة القانون. بعد ذلك بـ4 أشهر، بدأ هازاري إضرابا آخر عن الطعام للسبب نفسه، عندما رأى أن الحكومة لم توافق على كل شروطه، لكنه في تلك المرة أسر ألباب الناس بفضل التغطية التلفزيونية لما قام به. ومن الأحداث المشابهة التي حظيت أيضا بتغطية إعلامية كان صيام رجل يبلغ من العمر 74 عاما الذي أصبح كابوسا للنخبة السياسية الحاكمة، لكنه كان بطلا في نظر الهنود الذي يرزحون تحت وطأة الفساد المستشري والنظام الذي لا يستجيب لطلباتهم.

وصرح زاهد لوسائل الإعلام الهندية قائلا: «أصبحت الخطوة التي اتخذها هازاري محل اهتمام كبير في باكستان وبلدان أخرى في العالم. وقد حملنا إليه تهاني الشعب الباكستاني، ووجهنا له الدعوة لزيارة باكستان وقد قبلها». وكان الوفد حريصا على معرفة رأي آنا هازاري في إطلاق حملة مشابهة في باكستان على حد قول مؤسسة «سانجاي ناهار أوف سارهاد» الهندية التي نظمت الاجتماع. وأبلغ الوفد الزائر آنا هازاري أن الناشط الباكستاني راجا جاهانغير أختار بدأ إضرابا عن الطعام في إسلام آباد منذ 12 سبتمبر (أيلول) الحالي لسن قانون لمكافحة الفساد، مستلهما ذلك من تجربة آنا هازاري.

وقد حث الوفد الباكستاني هازاري على مد قضيته إلى خارج حدود الهند، وصولا إلى جنوب آسيا. وقال كرامات علي: «نود أن يزور بلدنا ويقابل الذين يريدون التصدي للفساد. لقد شاهدت باكستان آنا هازاري وهو يصوم على أرض رامليلا في نيودلهي ورأته وهو يحشد الرأي العام لدعم القضية». بدوره، قال القاضي المتقاعد زاهد: «الفساد يعرقل تقدم المجتمعات بشكل كبير. ولقيت معركة هازاري دعما كبيرا من المواطنين؛ لأن هدفه هو تحقيق ديمقراطية ذات معنى في الهند. إنه يستطيع لعب دور مماثل خلال زيارته إلى باكستان». ويقول علي: «الفساد من القضايا الكبيرة في جنوب آسيا. وأنا متأكد من أن جهوده سوف تمتد إلى كل دول جنوب آسيا. هناك حاجة إلى قانون فعال وتغييرات مؤسسية».

على الجانب الآخر، انتقد الأمين العام لحزب المؤتمر الحاكم في الهند، ديغفيجاي سينغ، الزيارة المرتقبة لآنا هازاري إلى باكستان. كان فريق آنا هازاري قد تحدى قيادة الحزب الحاكم من خلال الإضراب عن الطعام لمدة أسبوعين من أجل سن قانون صارم لمقاومة الفساد.

وكتب سينغ في حسابه على موقع «تويتر»: «ياللعجب، سيذهب هازاري إلى باكستان. يالها من فكرة، إنهم بحاجة إليه أكثر منا. ترى من الذي سيدير حملته هناك؟». وزعم سينغ مرارا أن حملة هازاري لمناهضة الفساد حظيت بالدعم الكامل من مؤسسة «آر إس إس» الهندوسية. وكانت آخر ملاحظاته في أعقاب قيام إل. كيه أدفاني، زعيم الجناح الأيمن في حزب بهارتيه جنتا، بطقوس الياترا التي يمارسها هازاري. وقد بدأ معلم اليوغا بابا رامديف بالفعل مسيرة الياترا لمسافة 100 ألف كم مطلع الأسبوع الحالي.

وحدد جاهانغير أختار مدة 9 أيام لإضرابه عن الطعام في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، مشترطا إقدام الحكومة على تفعيل قوانين محاربة الفساد. وبالفعل، تلقى وعدا من برلمانيين بارزين من الحزب الحاكم بالسعي لتمرير قانون مناهض للفساد في البرلمان، فأوقف الإضراب. وقال جاهانغير أختار، الذي تعهد بمواصلة نضاله ضد الفساد المالي في الدوائر الحكومية: إن قبول آنا هازاري الدعوة لزيارة باكستان «يعتبر إشارة مرحبا بها جدا». بدورها، أشارت تقارير باكستانية إلى أن آنا هازاري تلقى تهديدا من قبل منظمة هندوسية متطرفة تدعى «شيف شينا»، حتى لا يقوم بزيارته المرتقبة إلى باكستان.

وتشهد عدة مدن باكستانية بروز ناشطين مشابهين لآنا هازاري، هددوا جميعهم باستنساخ تجربة الإضراب عن الطعام إذا لم تتخذ السلطات إجراءات للحد من الفساد المستشري في الدوائر الحكومية. كان ضمن هؤلاء كاتب عمود صحافي بارز يدعى علي مسعود. وأعلن مسعود أنه سيبدأ قريبا إضرابا عن الطعام من مدينة لاهور (البنجاب) وينظم من هناك مسيرة تجاه العاصمة إسلام آباد. وحظي مسعود بدعم شخصية بارزة أخرى: مهندس القنبلة النووية الباكستانية عبد القدير خان.