وكالة الطاقة تتبنى قرارا لحظر الانتشار النووي بالشرق الأوسط لا يذكر اسم إسرائيل

113 دولة أيدت القرار مع امتناع 8 دول بينها أميركا.. وإسرائيل ترحب بالموقف العربي وتعتبره إيجابيا

إيران تمثل التهديد الرئيسي بالانتشار النووي في الشرق الأوسط (رويترز)
TT

تبنت الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قرارا أمس يدعو كل دول منطقة الشرق الأوسط إلى الانضمام لمعاهدة عالمية لحظر الانتشار النووي بعد سجال ألقى الضوء على انقسامات عميقة بين إسرائيل والدول العربية.

وامتنعت إسرائيل والولايات المتحدة عن التصويت على النص الذي اقترحته مصر، ويحمل عنوان «تطبيق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الشرق الأوسط»، لكن معظم الدول الأخرى أيدته خلال الاجتماع السنوي للدول الأعضاء في الوكالة. وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي لم توقع على اتفاقية حظر الانتشار النووي. وتقول إسرائيل والولايات المتحدة: إن إيران، وبشكل أقل سوريا، تمثلان التهديد الرئيسي بالانتشار النووي في الشرق الأوسط، واتهمتا طهران بالسعي إلى تطوير القدرة على التسلح النووي سرا.

وعلى الرغم من ترحيب إسرائيل بقرار المجموعة العربية في فيينا بتجميد تقديم مشروع قرارها الذي يدين القدرات النووية الإسرائيلية ويطلب من مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفع تقرير حولها، فإن إسرائيل أصرت على أن يصوت مؤتمر عام الوكالة على مشروع القرار المصري بمجمله حول تطبيق الضمانات في منطقة الشرق الأوسط.

واعتمد المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مشروع القرار المصري الذي يؤكد حظر انتشار الأسلحة النووية بمنطقة الشرق الأوسط، بتأييد 113 صوتا وامتناع 8 أصوات. وأكد القرار، الذي تضمن 13 نقطة، أن تحقيق هذا الهدف بالكامل ستعززه مشاركة جميع دول المنطقة، من دون أن يذكر أي دول من دول المنطقة بالاسم، بما في ذلك دولة إسرائيل الوحيدة غير الموقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي وقعتها بقية دول المنطقة.

كانت إسرائيل قد طالبت بضرورة إخضاع القرار بمجمله للتصويت، كما طالبت بتصويت إضافي على فقرته الثانية التي تنص على: «ويطلب من جميع دول المنطقة أن تنضم إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية».

وبينما صوتت إسرائيل منفردة بـ«لا» على الفقرة الثانية ممتنعة عن التصويت على مشروع القرار ككل، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت في الحالتين، بينما وصف مندوبها موقف بلاده بأنه ليس استخفافا وإنما تأكيد لإيمانهم أن تحقيق الضمانات في منطقة الشرق الأوسط لا بد أن يسير وفق أسس الحوار والتفاوض، معبرا عما قال إنه سوء حظ لازم عدم التفاوض مع دول المنطقة حول تغييرات اعترت الصورة الأصلية التي اتفق عليها لمشروع القرار الذي ظل مؤتمر عام الوكالة يجيزه لفترة 14 عاما بالإجماع. وأضاف أن امتناعهم عن التصويت لا ينبغي أن يفسر كتغيير في موقف بلاده الثابت والتزامها تجاه أن تصبح منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، مكررا القول: إن عزل دولة واحدة وانتقادها لن يوصل للنتائج المرجوة.

ولفت الانتباه إقدام عدد من الدول الأفريقية، مثل نيجيريا والسنغال وبتسوانا وأوغندا، على الامتناع عن التصويت في حالة الفقرة الثانية، بجانب امتناع كندا كذلك، كما فضلت دول مثل إريتريا وبنين والغابون وساحل العاج وبوركينا فاسو وموريشيوس وتشاد ودولة جزر مارشال وهايتي الغياب في الحالتين.

من جانبها، بادرت دول مثل كوبا وإيران وفنزويلا بالإدلاء ببيانات قوية منفردة تدعم جنبا إلى جنب البيانات التي قدمها العرب كمجموعة وفرادى والتي تضمنت إشادات بالقرار العربي الخاص بتجميد مشروع القدرات النووية الإسرائيلية لهذه الدورة كبادرة حسن نية لإنجاح المنتدى يومي 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل الخاص ببحث إمكانية أن يصبح الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي. ورفضت هذه الدول ازدواجية المعايير الدولية والعمل بمبدأ «أن يرث عمرو وألا يرث زيد»، مشددين على ضرورة شمولية اتفاقات الضمانات بمنطقة الشرق الأوسط، وألا يسمح لإسرائيل بأن تستمر في انتهاكاتها الدولية وبناء ترسانتها النووية التي تحظى بدعم أميركي. كما عدد بعضهم، مجمعين على أهمية أن يواصل يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية، جهوده حتى يكتب للمنتدى المتوقع النجاح، وضرورة أن يضع له جدول أعمال يعكس التوافق الدولي والجدية، وصولا لهدف أن يصبح الشرق الأوسط منطقة غير نووية.

ورحبت إسرائيل، أمس، بالقرار الذي اتخذته الدول العربية بألا تخصها بالذكر في اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووصفت هذا بأنه «خطوة إيجابية». ووصفت الوفود العربية ذلك بأنه لفتة «لحسن النوايا» قبل محادثات نادرة تستضيفها الوكالة في وقت لاحق من العام الحالي حول الجهود نحو عالم خالٍ من الأسلحة النووية ومؤتمر اقترحت مصر عقده عام 2012 لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.

وذكرت الوفود العربية في وقت سابق أنها لن تطرح تقريرا يحمل عنوان «قدرات إسرائيل النووية» للتصويت في الاجتماع السنوي للدول أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما فعلت عامي 2009 و2010. وكانت هذه لفتات توفيقية نادرة جاءت خلال سجال محتدم في اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا - التي تضم في عضويتها 151 دولة - ألقى الضوء مجددا على انقسامات عميقة بين إسرائيل والدول العربية.

وبينما أدان مندوب إسرائيلي «المساجلات السياسية» ضد بلاده على الرغم من «التهديدات الخطيرة الناجمة عن تطورات الانتشار النووي المفزعة» في الشرق الأوسط، فقد رحب بالتحرك العربي. وقال ديفيد دانيلي، نائب مدير لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية، للمؤتمر المنعقد في مقر الوكالة: «قرار المجموعة العربية مهما كانت الدوافع أو القيود بعدم طرح مشروع قرار هذا العام.. خطوة إيجابية». واستطرد: «لكن من أجل تعزيز الثقة الحقيقية بين جميع الأطراف الإقليمية يجب أن يترافق هذا في العام المقبل مع سحب نهائي لهذا الموضوع المثير للخلاف من على جدول أعمال المؤتمر».

في سياق آخر، كان المؤتمر العام قد صادق، أول من أمس، على اختيار المملكة العربية السعودية لعضوية الدورتين المقبلتين لمجلس أمناء الوكالة ممثلة لمجموعة «ميسا» التي تضم دول الشرق الأوسط، عدا إسرائيل، ودول جنوب آسيا، كما تم انتخاب مصر بالتصويت، وذلك بعد أن تمسكت كل من مصر وليبيا بحق تمثيل المجموعة الأفريقية، بالإضافة إلى دولة تنزانيا. وبهذه النتيجة يضم مجلس أمناء الوكالة المكون من 35 دولة في اجتماعاته المقبلة وحتى موعد انعقاد مؤتمر عام الوكالة المقبل سبتمبر (أيلول) 2012 خمس دول عربية هي: المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات العربية المتحدة وتونس اللاتي تنتهي دورتهن عام 2012، بالإضافة للمملكة العربية السعودية ومصر اللتين تنتهي دورتهما عام 2013.