العقوبات الأوروبية تشمل قناة «الدنيا» وشركة «سيرياتيل» و3 شركات على صلة بالجيش

رجال أعمال سوريون: قرار الحكومة حظر الواردات من البضائع الأجنبية أحدث صدمة في مجتمع الأعمال

أهالي الدير الشرقي في إدلب في اعتصام رسموا فيه بأجسادهم الهلال والصليب في رسالة ردا على البطريرك الماروني في لبنان بشارة الراعي، الذي عبر عن خوفه على المسيحيين في سوريا في حال سقوط نظام الأسد
TT

دخلت العقوبات الأوروبية الجديدة حيز التنفيذ، أمس، مع نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، وأظهرت أن الاتحاد فرض عقوبات على شركة «سيرياتيل» السورية للهاتف المحمول، وشركة «شام» القابضة، أكبر شركة خاصة في البلاد، وتلفزيون «الدنيا»، وثلاث شركات ذات صلة بالجيش السوري. وجاء ذلك في وقت قال فيه رجال أعمال محليون، أمس، إن سوريا فرضت حظرا على استيراد معظم السلع المصنعة في الخارج، عدا المواد الخام والحبوب، في خطوة تهدف إلى المحافظة على احتياطيات العملة الصعبة، في ظل عقوبات غربية واضطرابات سياسية.

وقال رجال أعمال وتجار في دمشق، اتصلت بهم «رويترز»، إن الحكومة قررت، أول من أمس، حظر جميع الواردات التي تزيد رسومها الجمركية على خمسة في المائة، مما يعني كل البضائع الأجنبية من الأجهزة الكهربائية إلى السيارات والسلع الفاخرة. لكن القرار يستثني المواد الخام الضرورية للصناعات المحلية، إضافة إلى مشتريات القمح والحبوب التي تقوم بها الدولة لتلبية الاستهلاك المحلي.

وعلى مدى خمس سنوات، قبل تفجر المظاهرات، رفعت السلطات حظرا على النمط السوفياتي كان مفروضا على الاستيراد، لكنها فرضت رسوما عالية، غير أن الخطوة لم تخفف الطلب على الواردات، ولا سيما السيارات التي بدأت تدخل البلد للمرة الأولى منذ عقود.

وقبل عام 2000 كان السوريون يشترون السيارات الخاصة وكثيرا من السلع الفاخرة، من خلال شركات تديرها الدولة.

وقال التجار إن حظر الاستيراد أحدث صدمة في مجتمع الأعمال بالبلاد، ومن المتوقع أن يزيد الضغوط التضخمية، ويلحق مزيدا من الأضرار بثقة الشركات المتأثرة سلبا بالفعل، من جراء الاضطرابات الاجتماعية.

وقال تاجر سيارات في منطقة السبع بحرات التجارية بدمشق، لـ«رويترز»، طالبا عدم كشف هويته: «لا يوجد بيع أو شراء، والوضع سيئ، حتى إن التجار ورجال الأعمال لا يبيعون نقدا أو بالائتمان.. أسعار البضائع الأجنبية الموجودة ستقفز». وقال رجل أعمال آخر في حي الحلبوني بالعاصمة: «هذه الخطوة لن تسفر إلا عن أن يزيد الوضع سوءا، ويزيد عدم اليقين»، مضيفا أن المستثمرين والتجار يتخذون موقف الانتظار والترقب، وقال: «إنهم يقبضون أيديهم ولا يشترون أي بضائع، بل يجلسون وينتظرون، لكنهم ليسوا في حالة ذعر حتى الآن».

وقال رجال أعمال إن الاقتصاد يواجه ضغوطا في سوق الصرف، نتيجة للاحتجاجات، مما قد يستنزف الاحتياطيات الأجنبية التي كانت نحو 18 مليار دولار في وقت سابق هذا العام. ويقول اقتصاديون ومصرفيون إن الاحتياطيات تتراجع مع قيام البنك المركزي بضخ العملة الصعبة، لوقف تراجع سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء، ويبلغ سعر الصرف الرسمي 47.4 ليرة للدولار، لكن الدولار متداول بسعر 51 ليرة وأكثر في السوق السوداء.

وتأثر الاقتصاد السوري سلبا جراء عقوبات دولية للضغط على الأسد، تشمل حظر صادرات النفط السورية إلى الاتحاد الأوروبي، ويقل محللون في سوريا إن الاستثمار الأجنبي تراجع بدرجة كبيرة.

وقال اقتصاديون ورجال أعمال، إن الاضطرابات وتضرر الإنتاجية في صناعات حيوية، قد نالا من اقتصاد البلد الذي كان يوما ذا قطاع سياحي مزدهر، كما تأثرت الواردات.

وتوقع صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، أن ينكمش اقتصاد سوريا اثنين في المائة هذا العام، بعد أن كان يتوقع نموا نسبته ثلاثة في المائة في أبريل (نيسان)، نظرا للصراعات والاضطرابات الإقليمية في أنحاء المنطقة.

وجاء ذلك في وقت دخلت فيه العقوبات الأوروبية الجديدة ضد النظام السوري حيز التنفيذ مع نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد في بروكسل، وشملت العقوبات الجديدة وزيري العدل والإعلام، وست شركات لتورطها في قمع الاحتجاجات.

ونشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي ببروكسل، أسماء الأشخاص والكيانات التي شملتها العقوبات الإضافية ضد النظام السوري، وأصبحت العقوبات الجديدة نافذة ابتداء من تاريخ نشرها، أي يوم أمس. ومن خلال العقوبات الإضافية، أدرج الاتحاد الأوروبي وزيري الإعلام والعدل في سوريا وأكبر «شركة قابضة» في سوريا، ضمن قائمة المسؤولين والشركات التي ستتعرض لعقوبات بسبب قمع الاحتجاجات هناك، وشملت أيضا شركة الهاتف المحمول الرئيسية في سوريا «سيرياتيل»، وقناة «الدنيا» التلفزيونية، وثلاث شركات للتشييد والاستثمار ذات صلة بالجيش السوري، ويأتي ذلك استكمالا لحظر فرضه الاتحاد الأوروبي على استيراد النفط الخام السوري، ومنع الشركات الأوروبية من الاستثمار في صناعة النفط السورية، وهي الخطوة التي اتفق عليها، الأسبوع الماضي، بهدف الحد من إمكانية حصول الأسد على الأموال، حيث لا تزال قواته تقتل المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية.

وبحسب الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي، تقرر تجميد أرصدة وزير العدل السوري، تيسير قلا عواد، وحظر دخوله دول الاتحاد، لـ«دعمه سياسات وممارسات الاعتقال التعسفي»، ووزير الإعلام، عدنان محمود، لـ«دعم وتشجيع السياسة الإعلامية» للنظام السوري.

كما نشرت أسماء ست شركات سورية أخرى ستتعرض لفرض عقوبات عليها، بينها «شام هولدنج»، التي يسيطر عليها رامي مخلوف، أحد أقارب الرئيس السوري بشار الأسد، والتي تعتبر أكبر مجموعة شركات في البلاد، «تنتفع من النظام وتدعمه»، طبقا للوثيقة الرسمية الخاصة بالاتحاد الأوروبي، وستفرض عقوبات على شركتين أخريين يسيطر عليهما مخلوف، وهما: «صروح» لمشاريع الصناعات العسكرية والأسلحة، و«سيرياتيل»، وتتضمن القائمة أيضا قناة «الدنيا تي في» بالتلفزيون السوري، المسؤولة عن «التحريض على العنف ضد الشعب المدني». والشركتان المتبقيتان هما «التيل» لتصنيع أجهزة الاتصالات وتزويد الجيش بها، و«راماك» للتشييد والبناء.