أبو مازن: دول عربية رفضت توجهنا إلى مجلس الأمن.. وتلقيت اتصالات تأييد من رجالات حماس

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: سنناقش مع القيادة بيان «الرباعية» .. ونأخذ في الاعتبار المبادرة الفرنسية

محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

بدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أكثر ارتياحا بعد سويعات من إلقائه خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتقديم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، فهناك بالنسبة إليه ما يبرر هذا الارتياح والسعادة. فهو خيب ظنون الذين ظلوا يشككون في جدية توجهه إلى الأمم المتحدة حتى قبيل تسليمه طلب العضوية لبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة قبيل إلقائه الخطاب، فالكثير من هؤلاء ومن بينهم مسؤولون عرب، بسبب أبو مازن، ظلوا حتى اللحظة الأخيرة مؤمنين بأن خطوة الرئيس الفلسطيني «ليست أكثر من تكتيك لرفع سقف الموقف الفلسطيني».

وكان سعيدا أيضا برد فعل المشاركين والحاضرين من سياسيين ودبلوماسيين وزوار وصحافيين في جلسة الخطاب الذين اكتظت بهم القاعة وشرفاتها بأدوارها الأربعة ووقفوا مصفقين له أكثر من سبع مرات. وكان سعيدا بردود الفعل والاتصالات الهاتفية التي انهمرت عليه بعد الخطاب، من بينها اتصالات من قادة حركة حماس، التي رفضت رسميا الخطاب، وحتى فكرة الذهاب إلى الأمم المتحدة ووصفتها بـ«الخطوة الانفرادية». وعلى أي حال، فإن الأجواء في أوساط فريق أبو مازن، في الطريق إلى نيويورك كانت خالية من أي نوع من التوتر رغم الحدث الضخم والخطوة الجريئة والتحدي الكبير للولايات المتحدة التي عبرت غير مرة عن رفضها للخطوة. ولفت هذا الارتياح انتباه مراسلة شبكة «فوكس نيوز» الأميركية في القدس المحتلة التي رافقت أبو مازن في الرحلة إلى نيويورك إلى إبداء استغرابها، والتعليق بالقول «كنت أتوقع أن أعيش أجواء توتر لكن الوضع مختلف جدا فالكل سعيد وكأنكم ذاهبون إلى حفلة».

وقال أبو مازن لـ«الشرق الأوسط» مباشرة بعد عودته من مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس، إنه «مرتاح جدا ويسأل الله التوفيق». وأضاف «أشعر بالارتياح الآن رغم أنني قلقت كثيرا الليلة الماضية (الليلة التي سبقت إلقاء الخطاب) الذي شارك في إعداده عدد من المسؤولين الفلسطينيين وأمضوا ساعات طوالا استغرقت الرحلة من عمان إلى نيويورك إضافة إلى الأيام التي سبقت إلقاءه وحتى الدقائق الأخيرة من مغادرة موكبه إلى مقر الجمعية العامة».

وزاد سعادة أبو مازن رؤية حفيده الثالث عمار، نجل ابنه طارق، الذي حضر خصيصا من كندا حيث يواصل تعليمه الجامعي، ليكون إلى جانب جده في تلك اللحظات التاريخية.

بالفعل كان هذا بالنسبة لأبو مازن يوما تاريخيا وإنجازا كبيرا، أسعد ملايين الفلسطينيين والعرب ومؤيدي القضية الفلسطينية في أنحاء المعمورة. وإلى نص الحوار:

* كيف كانت مشاعركم عندما استقبلتكم القاعة بعاصفة من التصفيق وقوفا استمرت قرابة الدقائق الثلاث لدى دخولكم؟

- كان هناك أناس متأثرون بالجو الفلسطيني.. كما كانت هناك مخاوف من أن يحصل التغيير في الموقف في اللحظة الأخيرة. كان هناك أناس يأملون بأن يحصل التغيير، لذلك استقبلها الناس قبل أن نتكلم بإيجابية.. وقدمنا للناس آمالا في الأمم المتحدة. ولاحظت أن انتباه الناس كان مشدودا وهذا مثلج للصدر. ولكننا في نفس الوقت لا نريد أن ندفع الناس إلى توقعات عالية (قالها باللغة الإنجليزية).

* وهل واجهتم عقبات قبيل الذهاب إلى المتحدة؟

- الكثير من العرب والأوروبيين رفضوا فكرة الذهاب لمجلس الأمن. وأراد بعض الدول العربية التقدم بمبادرة. وسنعمل على تطوير أي مبادرة عربية كانت أو أجنبية.

* وماذا بالنسبة لبيان اللجنة الرباعية.. ما هو ردكم عليه؟

- لن أعطي رأيا فيه إلا عندما أعود إلى رام الله ونناقشه مع القيادة ومن ثم سنعلن رأينا فيه. المبادرة الفرنسية عرضت علينا وسنأخذها بعين الاعتبار وكذلك المبادرة العربية الأوروبية الجديدة. أما المبادرة الأوروبية السابقة فيجب أن ننسفها.

* وماذا بالنسبة للمبادرة العربية.. نقصد المبادرة التي تبنتها القمة العربية في بيروت؟

- هذه المبادرة يجب أن نحافظ عليها ولا يجوز أن نهملها ويجب أن نعطيها أهمية أكبر ونركز عليها لأن فيها الحل السياسي الكامل في الشرق الأوسط وهو الحل الذي لم يدرك الإسرائيليون مضمونه بعد.

* وهل يمكن التعامل مع أي مبادرة لا تحدد 1967 كمرجعية ولا ترفض الاستيطان ولا تطالب بوقفه؟

- لن نتعامل مع أي مبادرة تتجاهل هذين الأمرين.

* بالنسبة للأزمة المالية التي قد تتفاقم جراء العقوبات التي قد تفرضها الإدارة الأميركية بسبب خطوة الأمم المتحدة.. كيف ستتعاملون معها؟

- الأزمة قائمة ونحاول بكل الوسائل تلبية أبواب الميزانية الأولى فالأولى.

* وما هي أولى الأولويات إذن؟

- رواتب الناس أكثر أهمية من سد الديون.

* هل سيكون هناك تغيير في السياسات الاقتصادية؟

- نعمل على تغيير آفاق العمل الاقتصادي في السلطة. يعني أن نريد مشاريع إنتاجية صناعية وزراعية ومن هنا نحن نطالب بتعديل أو فتح اتفاق باريس.

* وما هو مصير المصالحة.. هل تتجدد الآن الجهود بتنشيطها بعد شهور من تعليقها عقب التوقيع عليها في القاهرة في 4 مايو (أيار) الماضي؟

- طبعا، نحن معنيون بالمصالحة وفي تنفيذ بنودها.

* كان هناك حديث بأن تشكل حكومة بعد استحقاق سبتمبر (أيلول).. أين نحن من ذلك الهدف؟

- نحن مستمرون في جهود المصالحة. كان هناك سوء فهم بشأن الحكومة وتشكيلها. إلى الآن أسمع الناس تتحدث عن حكومة وحدة وطنية. وكان هناك سياسيون كبار يسألون عن حكومة الوحدة الوطنية وكنت أضطر إلى أن أوضح إليهم أن الحكومة لن تكون حكومة وحدة وطنية بل حكومة انتقالية وتكنوقراط من المستقلين.

* وهل تتوجه إلى غزة كما عبرت عن رغبتك بذلك؟

- سيكون هناك حديث معمق مع حماس ليس في المصالحة فقط إنما في أفق العمل الفلسطيني.

* وهل فاجأكم موقف حماس الرافض لخطوة الأمم المتحدة؟

- منذ البداية كان موقفهم معارضا، ما يسمونه بالانفرادية في تقديم الطلب. كان هناك بعض الملاحظات التي لم تر حقيقة الموقف ولكن بالمجمل تلقيت الكثير من التأييد من رجالات حماس. (تحدث على وجه الخصوص عن ناصر الدين الشاعر من قيادات الضفة وشغل منصب وزير التعليم في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت عقب اتفاق مكة في مارس «آذار» 2007).

* الآن وقد قدمت طلب العضوية الكاملة وأثبت للفلسطينيين قبل غيرهم من العرب والأوروبيين والأميركيين، مدى جديتكم.. ماذا بعد؟

- كل الخيارات مفتوحة بما فيها العودة إلى الجمعية العامة للاعتراف بفلسطين دولة غير عضو، وهذا أمر مهم جدا.

* خلال عام من الآن هل سيحمل أبو مازن على لقب الرئيس الفلسطيني السابق.. أم رئيس دولة فلسطين؟

- نعم لا أستبعد ذلك فأنا قلت غير مرة إنني لن أرشح نفسي للانتخابات مرة أخرى، وإذا أجريت الانتخابات فلن أشارك فيها، هذا شيء مؤكد حتى لو تحققت الدولة الفلسطينية خلال عام.. سواء بدولة أو غير دولة.

* يعني يمكن القول وبكل جسارة إنه ليس ثمة أمل أو احتمال مهما كان بعيدا أن يغير أبو مازن رأيه ويخضع لرغبات الجماهير ويرسخ نفسه مجددا لفترة رئاسة ثانية؟ ولن تكون الأول الذي ينصاع للضغوط الشعبية؟

- نعم ليس هناك احتمال لتغيير موقفي.

* هل يمكن أن تقف مع مرشح ضد الآخر أما ستبقى الأب للجميع ولا تتدخل؟

- لا أعرف من سيرشح نفسه لكن بالتأكيد إذا كان هناك مرشحون كثر فأنا سأقف مع الأصلح والأفيد.

* وهل ستؤيد صعود وجوه شابة للرئاسة أم ستكون مع بقاء الرعيل القديم رغم تقدمه جدا في السن؟

- بالتأكيد نحن مع تجديد الدماء.

* ما هي الإنجازات التي يود أبو مازن أن يقترن اسمه بها كرئيس سابق؟

- أتمنى طبعا أن يقترن اسمي بالاستقلال.

* وهل حققت ما كنت تخطط لتحقيقه عندما تسلمت مقاليد الرئاسة عام 2005؟

- حققت الكثير ويبقى الكثير. حققت الأمن للناس وحققت الازدهار الاقتصادي المتواضع لكنني لم أحقق الاستقلال لشعبي.

* من هو الزعيم أو المسؤول الذي توسمت به خيرا وخيب ظنك أكثر من غيره؟

- لا أريد الإجابة عن هذا السؤال.

* ومن هو الزعيم الذي ازداد احترامك له لتوافق أفعاله مع أقواله؟

- لا أريد الإجابة عن هذا السؤال أيضا.

* هل راودتك نفسك بقول رأيك الحقيقي في زعيم ما وحالت دون ذلك البروتوكولات والدبلوماسية؟

- هناك أحيانا يكون لي موقف ما لكن منصبي لا يسمح لي أن أفصح عن هذا الرأي. الرأي موجود لكن ليس من شغلي أن أقول هذا عاطل وذاك جيد، مثل قصة الربيع العربي.

* لو طلب منكم ترتيب القادة الإسرائيليين حسب السهولة في التعامل والتفاوض.. في أي مرتبة سيقع نتنياهو؟

- مع الأسف يقع نتنياهو في المراتب الأخيرة لأن لديه مواقف سياسية صعبة وتكاد تكون آيديولوجية لذلك فإنه من أكثر الناس تشددا من الذين عرفتهم من زعماء إسرائيل بدءا بإسحاق رابين (اغتيل على يد متطرف يهودي بسبب توقيعه اتفاق أوسلو عام 1995) وشيمعون بيريس وأرييل شارون وإيهود أولمرت وتسيبي ليفني. فهؤلاء يمكن الأخذ والعطاء معهم.