جدل حول هوامش الحركة والتصريحات المتاحة لعائلة القذافي في الجزائر.. والمجلس الانتقالي يطالب بتسليم عائشة

بعد هجوم ابنة القذافي على «الانتقالي» ودعوتها إلى دعم والدها في تسجيل صوتي

عائشة القذافي بعد كلمة ألقتها أمام أنصار والدها في باب العزيزية، في إطار دعمها له ضد الثوار في أبريل الماضي (رويترز)
TT

أثارت تصريحات أطلقتها ابنة العقيد الليبي السابق، معمر القذافي، انطلاقا من الجزائر، جدلا يتعلق بهامش حرية التنقل والتصريح المتاح لعائلة القذافي، التي تستضيفها الحكومة الجزائرية منذ نهاية الشهر الماضي. وقالت مصادر جزائرية لـ«الشرق الأوسط»: «إن أبناء القذافي وزوجته لم يبلغوا بأي شيء يفيد بأنهم ممنوعون من الإدلاء بتصريحات».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن «المجلس الانتقالي بصدد توجيه طلب رسمي إلى الحكومة الجزائرية لتسليمه عائشة ابنة العقيد الهارب معمر القذافي، بسبب تطاولها المعلن على قيادات المجلس خلال أحدث كلمة صوتية لها بثتها مساء أول من أمس، قناة (الراي) الفضائية التي تبث من العاصمة السورية دمشق».

وقالت مصادر مسؤولة بالمجلس: «إن هذه التصريحات تمثل خرقا لقواعد اللجوء السياسي الممنوح لابنة القذافي، وبالتالي يتعين على حكومة الجزائر إنهاء وجودها على أراضيها، وتسليمها في أسرع وقت إلى المجلس».

وعلى الرغم من أن شكوكا قوية تحيط بإمكانية استجابة الجزائر لهذا الطلب حال تقديمه, فإن مصادر المجلس أكدت في المقابل أن بقاء عائشة في الجزائر يمثل تهديدا مباشرا وخطيرا لثورة السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي.

وأعلنت الجزائر عن دخول عائلة القذافي، وعلى رأسها زوجته السيدة صفية فركاش، وابنته عائشة، في وقت سابق من الشهر الحالي، بدعوى أن ابنة القذافي كانت بحاجة إلى وضع طفلها الجديد, لكن الآن تقول مصادر المجلس الانتقالي إن هذا الأمر يجب أن يتغير.

وقد ذكرت عائشة القذافي، في تسجيل صوتي بثته قناة فضائية ليلة السبت، أن والدها معمر القذافي «بخير ويقاتل». وشنت هجوما عنيفا على السلطة الجديدة في ليبيا، التي اتهمت قياداتها بـ«الخيانة»، وقالت عائشة: «إنه يحق لليبيين أن يفخروا بقائدهم العظيم؛ فهو بخير والحمد لله، ومعنوياته مرتفعة، يحمل السلاح ويقاتل هو وأبناؤه»، ويفهم من كلام عائشة عن «معنويات والدها» أنها على اتصال به.

ودعت ابنة القذافي الوحيدة (35 سنة) «الشعب الليبي الصامد» إلى «الصبر»، وحرضته على «الانتفاضة»، ووصفت، في التسجيل الصوتي الذي دام لحظات قصيرة، السلطة الجديدة في ليبيا بـ«المهزلة»، وشنت عائشة هجوما حادا ضد أعضاء «المجلس الوطني الانتقالي» الذين اتهمتهم بـ«خيانة العهد، فكيف لا يخونون الشعب الليبي؟»، تقصد أن مسؤولي «الانتقالي» كانوا من المقربين للقذافي.

وانتقدت، بشدة، محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي، الذي قالت عنه إنه «قدم الولاء والطاعة»، تقصد الاستعانة بحلف شمال الأطلسي في الصراع مع القذافي، وانتقدت أيضا رئيس «المجلس العسكري للثوار الليبيين في طرابلس»، الإسلامي عبد الحكيم بلحاج، الذي وصفته بـ«خائن العهد»، كما انتقدت نائب رئيس «الانتقالي» عبد الحفيظ غوقة. وأفادت عائشة بأن حلف الأطلسي «في ليبيا وجد من يحمل السلاح في صدر أخيه»، وحملت على المسؤولين العرب، قائلة: «الخزي والعار على الحكام العرب الذين شاركوا في ذبح الليبيين». وتعتبر تصريحات عائشة الأولى لفرد من عائلة القذافي، التي دخلت إلى الجزائر في 28 أغسطس (آب) الماضي. ومن دخلوا الجزائر هم: زوجة العقيد المخلوع صفية، ونجلاه محمد هانيبال، وابنته عائشة التي وضعت مولودا في اليوم التالي لدخولها التراب الجزائري، إضافة إلى زوجها، وزوجتي نجلي القذافي، و4 من أبنائهم.

ولم تعلق السلطات الجزائرية على تصريحات عائشة، ولا يعرف إن كانت الحكومة وضعت لعائلة القذافي خطوطا حمراء بخصوص احتمال نشاطهم سياسيا، وتعاطيهم مع تداعيات الأزمة التي عاشتها ليبيا. ويرجح أن خوض عائشة في القضية بتلك الطريقة الحادة والداعمة لوالدها، يعني أن الجزائريين لم يبلغوا العائلة بما يفيد بأنهم ممنوعون من التصريح للإعلام.

وسألت «الشرق الأوسط» مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية، منذ أيام، عن الهوامش المتاحة لأفراد القذافي في الحركة والتنقل والتصريح، فقال: «ما أستطيع قوله الآن أن أبناء القذافي وزوجته ضيوف عندنا، وبعدها لكل حادث حديث». ورفض المسؤول نفسه الخوض في مصير الأسرة ومكان وجودها: «بإمكان عائلة القذافي الإقامة بالجزائر الوقت الذي تتطلبه هذه الإقامة، فهم بيننا لدواع إنسانية، ونعتزم الوفاء بتعهداتنا ضمن الأطر الإنسانية، سواء تعلق الأمر بأبناء القذافي أو آخرين»، مشيرا إلى أنهم «ما زالوا في إليزي»، وهي أقرب منطقة إلى المركز الحدودي. أما عن احتمال نقلهم إلى العاصمة، فقال المصدر: «هذا جانب أمني في قضية عائلة القذافي، تتكفل به المصالح المختصة».

يشار إلى أن الجزائر أعلنت، الخميس الماضي، اعترافها رسميا بالسلطة الجديدة في ليبيا، وطوت بذلك صراعا حادا مع «الانتقالي»، نشب على خلفية تهمة «دعم القذافي بالمرتزقة»، ويرجح أن تثير تصريحات عائشة حساسية قيادات «الانتقالي» الذين طالبوا الجزائر بتسليمها أبناء القذافي.