أردوغان: أريد تحقيق رغبة الشعب السوري في تنحي رئيسه

قال للأسد: لا نقبل بأن تصف أبناء شعبك بأنهم إرهابيون

TT

صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أمس، بأن الوقت حان لتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وأنه يستعد للإعلان عن جملة من الإجراءات ضد النظام السوري خلال الأيام المقبلة. وفي خطاب حماسي وبأسلوبه الارتجالي القوي، عدد أردوغان أولوياته لـ«الشرق الأوسط الجديد»، مؤكدا عزمه لدعم الفلسطينيين خاصة أهالي غزة. وبينما لفت إلى أهمية الديمقراطية في الدول العربية، قال في الوقت نفسه إنه كلما زاد تمثيل الشعوب العربية في حكوماتهم، ستزداد المطالب بتحقيق العدالة للفلسطينيين. وتحدث أردوغان في خطابه عن الخلاف مع إسرائيل، مشددا على أن جوهر الخلاف هو الحصار على غزة، كما دعا إلى الاعتراف بدولة فلسطين، منتقدا جهودا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع ذلك.

وخصص أردوغان جزءا كبيرا من خطابه في نيويورك أمس للتطورات في سوريا، وقال بوضوح إن «ما يسمى بالربيع العربي جاء إلى سوريا لا محالة، هذا أمر مؤكد علميا، والأمر الوحيد غير المؤكد هو كيف سينجح ذلك». وأضاف «نريد تحقيق مطالب الشعب السوري.. الرئيس التونسي (السابق زين العابدين بن علي) ترك البلاد.. وفي مصر أيضا (الرئيس المصري السابق) حسني مبارك استقال.. ورغبتي في أن يتوصل بشار في سوريا إلى قرار للتنحي بناء على مطالب الشعب». وشدد على أن تصرفات النظام السوري هي التي أدت إلى هذا الوضع، قائلا «الشعب السوري ليس راضيا عمن يحكمه، ولكن قبل 6 أشهر لم يكن الوضع هكذا، قبل 6 أشهر وافق السوريون على إبقاء الأسد في قيادة سوريا ولكنهم أرادوا ألا يسيطر (حزب) البعث على البرلمان، ولكن الحكومة لم تستمع، وها نحن الآن نواجه هذا الوضع اليوم».

ولفت أردوغان إلى علاقته الخاصة بالرئيس السوري، قائلا «كانت لدي علاقات جيدة مع الأسد، كنا نلتقي عائليا ونتحدث كثيرا، ولكن الآن نحن نتبع سياسة جديدة». وأضاف «إذا كنت تقمع الناس من خلال الدبابات والأسلحة، فذلك ينهي العلاقات. إنك تقصف المدن من الجو والبحر وتقول إن أبناء شعبك إرهابيون، لا يمكن أن تقول إن الشعب إرهابي، هذا أمر غير مقبول». وتابع «ولا أصدق جعل الشعب السوري ضحية، فهذا خط أحمر لنا، ولذلك غيرنا نهجنا تجاه سوريا».

وأوضح أردوغان عن جهوده لحث الأسد على الإصلاح، قائلا «تحدثت نحو 4 أو 5 مرات مع الرئيس السوري، وبعثت الموفدين، ولكن مع الأسف لم يتغير شيء.. وما زال الناس يقتلون بوحشية». وأضاف «على الرغم من وعود الأسد، فإنه لم يتخذ الخطوات الضرورية، بل جهوده لقمع الشعوب من خلال العنف غير مقبولة». واستطرد «نحن ندخل عهدا جديدا يتطلب المحاسبة»، مضيفا «نحن ملتزمون بذلك، لذا فإن على سوريا أن تتخذ خطوة إلى الإمام لوقف القتل والدم في الشوارع».

ولفت أردوغان إلى أن الفرصة لم تفت تماما لاستقرار سوريا والتوصل إلى حل مرض، قائلا «على الإدارة السورية أن تتخذ الفرصة الأخيرة الآن وإلا ستدخل مرحلة سيئة جدا». وأضاف «منذ 9 سنوات ندعوهم لإلغاء حالة الطوارئ، وإلغاء الحزب الواحد، وإلغاء البند الثامن للدستور حول حزب البعث الذي يجعله الحزب الواحد في البلاد، حيث إنه لا يمكن تجاهل عزيمة الشعب».

وعبر أردوغان عن خيبة أمله من عدم التزام الحكومة السورية بوعودها بالإصلاح، قائلا «إنهم غير صادقين ولا يتحدثون الحقيقة.. فنطالب الإدارة السورية بالقيام والالتزام بمطالب الشعب السوري». وأعلن رئيس الوزراء التركي عزمه زيارة اللاجئين السوريين في تركيا خاصة اللاجئين في المخيمات في منطقة هاتاي فور عودته إلى بلاده من نيويورك. وقال «سأعلن بعدها عن سلسلة إجراءات»، موضحا «بعد أن أزور هاتاي سندخل نظام العقوبات، إعلاني سيأتي بعد زيارة هاتاي، وسنعلن عن الخطوات حينها». وأضاف «هدفنا الوحيد هو وحدة سوريا تحت نظام ديمقراطي وليس نظاما شموليا».

وتحدث أردوغان في خطابه عن التغييرات الجوهرية في المنطقة، قائلا إن «شرق أوسط جديدا قد خرج ولا يمكن عكس ذلك، يمكن أن تتأخر هذه العجلة ولا يمكن أن تعكس، التغيير قد حدث». لكنه حذر من أن «العملية المقبلة لن تكون سهلة، كل الدول التي مرت بمثل هذه التجربة تعلم ذلك.. وأحيانا الانتقال قد يتوقف لفترة ولكن الاتجاه معروف». وتابع «مثلما رأينا في ليبيا، لا يمكن أن يواصل الديكتاتوريون من خلال القمع لشعوبهم.. لقد انتهى ذلك الزمن».

وشدد أردوغان على أن مواقفه لا تأتي بسبب خلافات أو آراء شخصية، بل بناء على المبادئ، موضحا «لو تحدثت بناء على العلاقات الشخصية والصداقة، فإنني لن أتحدث عن ليبيا أو سوريا بهذه الطريقة». وأضاف «مبادئ حقوق الإنسان العالمية تعني أن علينا أن نضع صداقاتنا الخاصة إلى جانبا». وتابع «في تونس ومصر وليبيا تحدثت إلى القادة النافذين الذين أدوا إلى هذا الانتقال، ما زال هناك قادة يريدون وقف هذا الانتقال، ولكن لا يمكن ذلك، عليهم الكف عن هذه الأفكار في أسرع وقت ممكن».

وتحدث عن التحديات في العالم، قائلا «اليوم في هذا الوقت هناك انتقال للقوة، والأطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتعرض للتساؤلات.. ونرى الأجندات المخفية من أطراف كثيرة خاصة في الدول الأقل تنمية والدول النامية، وهي تهدد الجميع». وأضاف «يجب الفصل في التصور حول الحكومات والشعوب، لماذا على كل القادة أن يكونوا منفتحين في تصريحاتهم.. ويجب ألا يتعرض القادة للانتقاد للانفتاح». واعتبر أن «الشرق الأوسط يدفع ثمنا غاليا الآن بسبب قادة ديكتاتوريين وغير منفحتين». وأضاف أن «إدارة الشعوب بناء على القوة المفرطة ظاهرة تنتهي».

ورد أردوغان على المنتقدين لتركيا ومتهميها بأنها تريد أن «تصدر» نموذج الدولة التركية إلى الدول العربية، فقال «نحن مستعدون لفعل كل ما يمكننا، نحن لا نريد أن نصدر نموذجنا، ولكن نحن مررنا بمثل هذه العمليات الصعبة، وإذا أراد البعض أخذ بعض النماذج من تركيا بالطبع سنساعدهم.. هذه المبادئ والنماذج ليست ملكنا بل لاستخدام البشرية كلها، وسنجعلها متاحة للجميع».

وشدد أردوغان أيضا على ضرورة مساعدة أهالي الصومال، متعهدا بتقديم المساعدات بكل الطرق لهم. وأضاف «سنواصل إعطاء المساعدات الفعلية مثل التغذية والخيم، وسنساعد في بناء المستشفيات والطرقات وتزويد الحافلات وجمع القمامة ونعطي كل أنواع المساعدات». وأضاف أنه سيوفد وزير خارجيته أحمد داود أوغلو كل شهرين لمتابعة تلك المساعدات والتطورات في الصومال.

وانتقل بعدها إلى قضية النزاع العربي - الإسرائيلي، مؤكدا أنه سيعمل على حل النزاع، وطالب باستئناف المفاوضات. كما قال «سندعم الطلب الفلسطيني لعضوية الأمم المتحدة بغض النظر عما يحدث، سندعم ذلك للنهاية، فحل الدولتين ليس خيارا بل واجب». وأضاف «يجب اتخاذ الخطوات لفك الحصار عن غزة، لا يمكن لمصالح بعض الدول أن تجعل أبناء غزة ضحايا.. تركيا ستدعم غزة وتوصل المساعدات لها.. سنقوم بما هو مطلوب». وأكد «لا أعترف بالحصار على غزة، وسأحارب على كل جبهة لرفع هذا الحصار.. سأرفع صوتي كلما أرى ظلما، ولن أظل صامتا عندما أرى مقتل 9 أبرياء يحملون المساعدات الإنسانية».

وانتقد أردوغان بشكل أخص نظام مجلس الأمن واستخدام الأعضاء الخمسة حق النقض (الفيتو)، وقال «يجب أن تكون المنظمات الدولية أكثر ديمقراطية، ويجب إصلاحها.. العالم يتطلب ذلك». واعتبر أن «تفعيل مجموعة دول العشرين مهم، ولا يمكن التخلي عن ذلك». واعتبر أنه «لا يمكن للأمم المتحدة أن توزع العدالة في العالم في وضعها الحالي، لا يمكن أن يوقف 5 أعضاء عزيمة الجمعية العامة». وأضاف «أعضاء مجلس الأمن لا يمثلون العالم، بل يمثلون أنفسهم ومصالحهم، وهم يتخذون قرارات تفيد أهدافهم، إذا كنا نتحدث عن الديمقراطية فإن تلك الدول الخمس تعمل ضد ذلك.. يجب أن تكون الأمم المتحدة ديمقراطية، علينا التعبير عن رغبتنا في ذلك».

وتحدث رئيس الوزراء التركي في ندوة عقدها معهد «سيتا» التركي ودعي إليها عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي والإعلاميين والدبلوماسيين في نيويورك أمس. وجاءت مشاركة أردوغان في الندوة لتتخم نشاطه في أسبوع حافل باللقاءات والفعاليات خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وعدد أردوغان التحديات في العالم في بداية القرن الـ21، بدءا بالإرهاب إلى النزاعات الإثنية، ومن التغير المناخي إلى الأزمة الاقتصادية وانتشار أسلحة الدمار الشامل.