الجيش السوري ينتشر في إدلب وحمص ويحكم حصاره للرستن

فرنسا تحتج لدى سوريا بعد التعرض للسفير الفرنسي في دمشق.. وارتفاع الأسعار في سوريا بعد قرار وقف الاستيراد

لقطة بثها موقع «شام نيوز» التابع للمعارضة السورية لمتظاهرين ضد نظام بشار الأسد في عامودا بمحافظة القامشلي أمس (أ.ب)
TT

أفاد ناشطون سوريون، أمس، بأن الجيش السوري انتشر في القصير في محافظة حمص (وسط)، وأحكم سيطرته على الرستن القريبة منها، كما انتشر في بلدات عدة في محافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «التوتر شديد في محافظة حمص. والجيش انتشر في بلدات في منطقة القصير (جنوب حمص) حيث تم انتشال جثتين مجهولتي الهوية من نهر العاصي»، وأضاف المصدر نفسه أن «جثثا مشوهة نقلت إلى مستشفى مدينة القصير» التي شهدت السبت عمليات عسكرية، قتل خلالها 12 مدنيا واعتبر 15 في عداد المفقودين. وتابع المصدر أنه في شمال حمص «انتشرت الحواجز الأمنية بكثافة شديدة على الطرق المؤدية للرستن، وخيم الهدوء الحذر على المنطقة الآن إثر إطلاق نار كثيف وقصف بالرشاشات الثقيلة استمر لمدة نصف ساعة صباح اليوم في محيط مدينة الرستن». وأعلن المسؤول عن إحدى تنسيقيات مدينة حمص السورية، فادي حناوي، أن «الجيش السوري أحكم حصاره على منطقة الرستن في حمص، بلواء من المدرعات، أي بما يزيد على 70 دبابة، إضافة إلى المدافع الثقيلة».

وكشف المنسق المذكور لـ«الشرق الأوسط»، أن الرستن «قصفت مساء أول من أمس بالدبابات وبالمدفعية في محاولة من الجيش السوري للقضاء عن مجموعة كبيرة من الضباط والجنود المنشقين عن الجيش، الذين أبدوا مقاومة شديدة حالت دون تمكن قوات النظام من السيطرة على المنطقة»، مؤكدا أن الوضع في حمص وتحديدا في الرستن وتلبيسة دقيق للغاية وقابل للتفجر على نطاق واسع، في ظل معلومات تتحدث عن تعزيزات إضافية لاقتحام المنطقة والقضاء على المنشقين»، جازما بأن «الحالة وصلت في محافظة حمص كما في كل المحافظات الثائرة إلى نقطة اللاعودة، وكما يقول المثل الشعبي (يا قاتل يا مقتول)، وليس هناك من حل وسط بعد الآن».

وقال: «من سابع المستحيلات على الناس أن ترفع (العشرة) بعد كل ما حصل، وتسلم للنظام بخياراته، لأن التسليم له يعني الإبادة».

أما بالنسبة لمدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية، فأشار الناشط السوري مالك الأعور، إلى أن «الوضع الآن (أمس) يسوده الهدوء الحذر، وهو شبيه بنار تحت الرماد وقابل للاشتعال في أي لحظة».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا تزال النفوس محتقنة بعد المجزرة التي ارتكبها الأمن السوري وعناصر الشبيحة في القصير يوم الجمعة (الماضي) وأسفرت عن سقوط 13 شهيدا و12 مفقودا اعتقلهم الأمن و32 جريحا»، مشيرا إلى أن «الأهالي عثروا على جثة أحد الشهداء مرمية بين البساتين، يبدو أنه أعدم بعد اعتقاله وجرى تشييع جثمانه اليوم (أمس)، في حين لا تزال جثث الشهداء الباقين رهينة لدى النظام السوري، الذي يرفض تسليمها إلى ذويها قبل أن يوقعوا على اعتراف بأن هؤلاء قتلوا على أيدي إرهابيين، وهو ما يرفضه ذوو هؤلاء الشهداء».

وأضاف الناشط السوري: «إن المفقودين اعتقلوا من داخل البساتين حيث كانوا يقطفون مواسمهم الزراعية، علما بأنهم لم يقاوموا عناصر الأمن والجيش، وبالتالي لا نعرف سبب اعتقالهم».

ووصف الناشط منطقة القصير بـ«مدينة أشباح»، لافتا إلى أن «رائحة البساتين التي كانت تعبق بها الأحياء، تجتاحها الآن رائحة البارود والحرائق التي أضرمها الشبيحة بالمنازل والمحال التجارية التي يملكها معارضون للنظام وناشطون، الذين لهم دور في التحركات الاحتجاجية والمظاهرات التي تشهدها المدينة كل يوم جمعة».

وفي محافظة إدلب (شمال غرب) «اقتحمت قوات عسكرية وأمنية صباح أمس قرى كفرعميم والريان والشيخ إدريس الواقعة شرق مدينة سراقب ونفذت حملة مداهمات واعتقالات واسعة ونصبت الحواجز على الطرق، وأسفرت الحملة حتى الآن عن اعتقال 17 شخصا». وفي مدينة حماة (شمال) على بعد 210 كيلومترات شمال دمشق «قضى مدني وأصيب ثلاثة بالرصاص، مساء أول من أمس، على طريق محردة - حلفايا». وفي الجنوب في داعل بمحافظة درعا «سجل إطلاق نار كثيف طوال الليل بعد إحراق مبنى المجلس البلدي». ونظمت مظاهرات طلابية في قرى عدة في المحافظة.

وذكرت وكالة الأنباء السورية أن «أسلحة وذخائر» ضبطت في منزل في نصيب (جنوب) قرب الحدود مع الأردن. وعثر في حمص على سيارة محملة بالأسلحة الإسرائيلية وعبوات ناسفة. وأضافت الوكالة أنه تم تشييع أربعة عسكريين وعناصر أمنيين وطبيب قتلوا في حمص.

إلى ذلك، احتجت فرنسا لدى سوريا بعد مهاجمة سفيرها في دمشق السبت، ودانت هذه الحادثة حسبما أعلنت الخارجية الفرنسية أمس. وقال برنار فاليرو المتحدث باسم الوزارة خلال مؤتمر صحافي: «ندين هذا الاعتداء. السلطات السورية مسؤولة عن أمن موظفينا، وبهذا المعنى احتججنا صباح (الاثنين) لدى السفيرة السورية في فرنسا»، لمياء شكور. وأفاد شهود عيان بأن السفير الفرنسي في سوريا اريك شوفالييه تعرض صباح السبت والوفد المرافق له للرشق بالبيض والحجارة في ختام لقاء مع بطريرك الروم الأرثوذكس، إغناطيوس الرابع، في الحي المسيحي للمدينة القديمة في دمشق. والخميس زار السفير الفرنسي أربع مدارس في دمشق وضاحيتها للتعبير «عن قلقه العميق» من المعلومات التي تحدثت عن قمع مظاهرات طلابية. واتخذ السفير الفرنسي ونظيره الأميركي في الأشهر الماضية خطوات ترمي إلى إدانة قمع المتظاهرين في سوريا، أثارت استياء النظام السوري.

من جهة ثانية، سبب الإعلان المفاجئ عن «تعليق» الاستيراد حفاظا على احتياط العملة الصعبة في سوريا، في ارتفاع كبير للأسعار في هذا البلد الخاضع أصلا لعقوبات اقتصادية قاسية بسبب قمع حركة الاحتجاج. وفي أحد شوارع دمشق، تضاعفت أسعار النظارات الشمسية في حين ارتفع سعر التلفزيونات بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف ليرة سورية. وفي حي الأزبكية، أكد بائع ثريات أن «التاجر السوري لا يقبل أبدا خسارة المال». وقال ضاحكا: «أبيع ثريات إيطالية وألمانية وصينية. الأسعار ستقفز لأن النماذج المباعة لا يمكن استبدالها. عندما أبيعها كلها، سأبدأ في بيع ثريات سورية الصنع».

وقال تاجر سيارات في دمشق إن «أسعار السيارات ارتفعت بشكل كبير خلال الأيام الماضية. فسيارة (كيا ريو) التي كان سعرها الأسبوع الماضي 725 ألف ليرة سوريا (14500 دولار)، أبيعها اليوم بـ900 ألف ليرة سوريا (18 ألف دولار). الزبائن هم الذين سيدفعون ثمن هذا الإجراء».

وأضاف أن مخزون السيارات يمكنه أن يغطي ثلاثة أشهر أخرى من الطلب. وفاجأت الحكومة الجميع، عندما أعلنت مساء الخميس، عشية نهاية الأسبوع، «تعليق استيراد بعض المواد التي يزيد رسمها الجمركي على خمسة في المائة ولمدة مؤقتة، وذلك باستثناء بعض السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن ولا تنتجها الصناعة المحلية». وتبنت الحكومة أيضا مشروع موازنة 2012 بلغت نفقاتها 26.5 مليار دولار، أي بزيادة 58 في المائة مقارنة بهذه السنة، كما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من دون توضيح قيمة العائدات ولا قيمة العجز. وتخضع سوريا لعقوبات اقتصادية أوروبية وأميركية قاسية بسبب القمع الذي أسفر، بحسب الأمم المتحدة، عن مقتل 2700 شخص. وبالنسبة إلى وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعار، فإن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الخميس بـ«تعليق استيراد المواد التي تشمل بمعظمها الكماليات والسيارات السياحية يهدف إلى الحفاظ على مخزون البلد من القطع الأجنبي».