معركة «كسب الأصوات» في مجلس الأمن تشتعل بين الفلسطينيين والأميركيين

تباين في تفسير بيان الرباعية بين السلطة وإسرائيل يثير شكوكا حول نجاحه.. والسلطة ترد غدا

فلسطينية تمر أمام لافتة بالقرب من بيت لحم أمس كتب عليها بالعبرية والعربية «أرض إسرائيل هي هنا يا صلاح» (أ.ف.ب)
TT

بعد أيام قليلة من تقديم الفلسطينيين طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة، احتدمت معركة كسب الأصوات في مجلس الأمن بينهم وبين الأميركيين، فبينما يسعى الفلسطينيون إلى تأييد 9 دول من أصل 15 في مجلس الأمن من أجل الاعتراف بالدولة، يسعى الأميركيون ومعهم إسرائيل لامتناع 9 دول عن التصويت، حتى يسقط الطلب وحده من دون أن تضطر الولايات المتحدة لاستخدام حق النقض (الفيتو).

وفي حين بدأت أمس المناقشات في مجلس الأمن حول الطلب الفلسطيني، فإن الفلسطينيين ليس لديهم سوى 6 أصوات فقط مؤيدة للدولة الفلسطينية، وجميعها من مجموعة دول «بريكس» التي تضم الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا إلى جانب لبنان من خارج المجموعة. ويأمل الفلسطينيون في تجنيد دول مثل الغابون ونيجيريا والبوسنة وكولومبيا، وهي دول ما زالت مترددة في المسألة، للوصول إلى أغلبية الـ9.

ويطير الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) شخصيا بعد أقل من أسبوع إلى بوغوتا، في مسعى لتجنيد كولومبيا لصالح طلب العضوية الفلسطيني، وسيلتقي أبو مازن بنظيرته الكولومبية، كما سيلتقي وزيري خارجية نيجيريا والغابون في محاولة لحسم التردد في مواقف هذه الدول.

غير أن مهمة أبو مازن لا تبدو سهلة؛ إذ ترمي الولايات المتحدة بثقلها، ومعها إسرائيل، لمنع انضمام دول أخرى للتيار المؤيد للفلسطينيين.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي هدد باستخدام الفيتو، فإن المعركة بالنسبة له تتركز على عدم الوصول أصلا إلى هذه المرحلة، منعا للإحراج، وإسقاط الطلب من دون فيتو.

واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن المعركة في أوجها، لمنع وصول طلب العضوية الفلسطيني إلى مرحلة التصويت، غير أنه ترك شكوكا حول قدرة إسرائيل والولايات المتحدة على الحصول على أصوات كافية في مجلس الأمن الدولي لهذا الغرض.

وبدأ مجلس الأمن الدولي، أمس، سلسلة مشاورات أولى بشأن طلب انضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة، وقال المندوب اللبناني في الأمم المتحدة، نواف سلام، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لشهر سبتمبر (أيلول)، للصحافيين، أنه نقل الطلب الفلسطيني إلى الدول الأعضاء الـ14 الأخرى بعدما تسلمه من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.

وأضاف: «وزعت رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودعوت أعضاء المجلس لعقد اجتماع مشاورات بشأن هذا الموضوع الاثنين».

ومن غير المعروف متى سيصل مجلس الأمن إلى مرحلة التصويت، وتوقع أبو مازن أن يأخذ ذلك عدة أسابيع.

وفي هذه الأثناء، يدرس الفلسطينيون والإسرائيليون بيان اللجنة الرباعية الذي صدر بعد ساعات من تقديم أبو مازن طلب العضوية، وجاء فيه الدعوة إلى بدء مفاوضات مباشرة تنتهي باتفاق حتى نهاية 2012، على أن يتم تقدم جوهري حول الحدود والأمن في الأشهر الـ6 الأولى، بحيث يعقد مؤتمر دولي في موسكو بعد ذلك. وبينما أعطت إسرائيل موافقة مبدئية على بيان الرباعية تجتمع القيادة الفلسطينية، غدا، لبلورة رد رسمي على البيان وسط تباين كبير في تفسيره بين الطرفين.

ويقول الإسرائيليون إن البيان لا يحمل أي دعوة لوقف الاستيطان أو الانسحاب إلى حدود 67، إلا أن الفلسطينيين يقولون إن ذلك قد ضُمن بشكل غير مباشر.

واتصلت، أمس، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالرئيس الفلسطيني، وسألته عن فهمه لبيان الرباعية، ورد أبو مازن: «إن فهمنا لما ورد في البيان يشمل حدود عام 67 بالكامل، بالإضافة إلى وقف أشمل للاستيطان، وهذا ما يعنيه عدم القيام بأعمال أحادية الجانب».

ويستند الفلسطينيون إلى فقرتين وردتا في البيان، الأولى تقول إن الرباعية «تؤكد تصميمها على البحث فعليا وجديا عن حل شامل للنزاع الإسرائيلي - العربي على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 242 و338 و1397 و1515 و1850 ومبادئ مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام وخارطة الطريق والاتفاقات التي توصل إليها الجانبان من قبل».

والثانية تقول: «تدعو اللجنة الرباعية الطرفين إلى الامتناع عن القيام بأعمال استفزازية لتكون المفاوضات مجدية. وتذكر اللجنة الرباعية الجانبين بالتزاماتهما الواردة في خارطة الطريق».

ومن المتوقع أن تؤكد القيادة الفلسطينية غدا على شروطها للعودة للمفاوضات، وفق ما تقدم، أي الاعتراف بمرجعية ووقف شامل للاستيطان، بحسب مفهوم بيان الرباعية، وهذا ما يرفضه الإسرائيليون.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أمس، أثناء لقائه القنصل الأميركي العام، دانيال روبنستين: «إن قواعد العمل السياسي، وخاصة فيما يتعلق بعملية السلام والمفاوضات والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية ودور اللجنة الرباعية، يجب أن لا يكون بعد 23 أيلول (سبتمبر) كما كان عليه قبل ذلك».

وعقب على بيان الرباعية قائلا: «على الحكومة الإسرائيلية، إن أرادت عملية سلام ذات مصداقية، أن تعلن التزامها بمبدأ الدولتين على حدود 1967، ووقف كل النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، وبما يشمل القدس الشريف». وأضاف: «على الحكومة الإسرائيلية أن تختار بين عملية السلام والاستيطان، فلا يمكن لها أن تجمع ما بين الأمرين، وأن هذه الحكومة الإسرائيلي تتحمل وحدها انهيار المفاوضات وعملية السلام، إذ اختارت الاستمرار بالاستيطان على حساب عملية السلام».