قتيلان أحدهما أميركي في تبادل إطلاق نار في قلب السفارة الأميركية بكابل

هجوم مسلح على مقر «سي آي إيه» في العاصمة الأفغانية

جنود أفغان يجربون بندقية آلية من طراز «إم 16» الأميركية الصنع من فوق سطح نقطة حصينة في منطقة غازي آباد بمقاطعة كونر أمس (رويترز)
TT

قال مسؤولون أميركيون وأفغان إن موظفا أفغانيا لدى الحكومة الأميركية فتح النار في مكتب لوكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه» في العاصمة الأفغانية كابل الليلة الماضية، مما أسفر عن قتل أميركي وإصابة آخر، وذلك في ثاني اختراق كبير لأمن السفارة الأميركية بالمدينة في غضون أسبوعين.

ووصف مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، الوضع في المبنى الذي استهدفه الهجوم بأنه به بعض الفوضى، مشيرا إلى أن ذلك المبنى الواقع ضمن مجمع السفارة الأميركية في كابل، عادة ما يستخدمه مسؤولو الحكومة الأميركية في العاصمة الأفغانية.

ومن المعروف أن مجمع السفارة الأميركية يستخدمه موظفو السفارة ومسؤولون أميركيون آخرون، سواء في العمل أو الإقامة، كما يستخدم في قيادة بعض العمليات الاستخباراتية.

وبينما ذكرت تقارير سابقة أن الهجوم استهدف مقرا تابعا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في كابل، وأسفر عن سقوط ثلاثة قتلى على الأقل، امتنعت متحدثة باسم «سي آي إيه» عن التعليق على الهجوم، وشهدت أفغانستان سلسلة هجمات متزايدة على مدار الأيام القليلة الماضية، حيث شن مسلحون موالون لحركة طالبان هجوما واسعا، قبل أقل من أسبوعين، استهدف مركز قيادة الناتو، ومبنى السفارة الأميركية، وعددا من مقار الأجهزة الأمنية والهيئات التابعة للحكومة الأفغانية.

وعزز القتل شعورا بانعدام الأمن كان قد تعزز بعد حصار استمر 20 ساعة للمنطقة التي تقع بها السفارة الأميركية في منتصف سبتمبر (أيلول)، وبعد اغتيال الرئيس السابق برهان الدين رباني الذي كان مبعوث السلام في الحكومة الأفغانية بعد ذلك بأسبوع.

ومجمع وكالة المخابرات المركزية الأميركية من أكثر المناطق التي تحظى بحراسة مشددة في كابل، وظل منطقة يحظر دخولها لقرابة عشر سنوات منذ الإطاحة بحكومة طالبان عام 2001. ويقع المجمع أيضا وسط المنطقة العسكرية والسياسية والدبلوماسية شديدة التحصين في كابل، والتي لا يسمح للأفغان العاديين بدخولها. ولم يتضح ما إذا كان الأميركيان ضحيتين لموظف منشق تعاطف مع المقاتلين، أو أن ما حدث تصعيد لخلاف في كابل التي يكثر فيها التوتر ويحمل الكثير من الأشخاص الأسلحة فيها. وسبق أن حدث الأمران.

وقال جفين صندوول المتحدث باسم السفارة الأميركية في كابل أمس إن المهاجم قتل ونقل الأميركي المصاب إلى مستشفى عسكري، وأضاف أنه أصيب بجروح لا تهدد حياته.

وأضاف: «وقع حادث لإطلاق نار في مبنى ملحق بالسفارة الأميركية في كابل الليلة الماضية تورط فيه موظف أفغاني قتل. ما زال الدافع وراء الهجوم قيد التحقيق في الوقت الراهن».

وجاء إطلاق النار بعد سلسلة هجمات شنها إما جنود أفغان منشقون وإما أفراد شرطة منشقون أو مقاتلون تسللوا إلى صفوف قوات الأمن الأفغانية على القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق فوري من حركة طالبان.

من ناحية أخرى، نقلت «سي آي إن» عن الميجور جاسون واغنر من قوة «إيساف» قوله إن ذلك كان هجوما واحدا، لا هجمات متعددة. وأوضح المسؤول الأميركي أن الوضع غير مستقر في المبنى الذي استهدفه الهجوم، والذي يستخدمه مسؤولو الحكومة الأميركية في العاصمة الأفغانية. ورفض متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) التعليق على الهجوم. وتعرف هذه المنطقة بأنها مكان يستخدمه الموظفون الأميركيون في الإقامة والعمل، وبعضهم يعمل في العمليات الاستخباراتية. كما نقلت الشبكة الأميركية عن المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية صديق صديقي قوله: «سمعت الشرطة دوي طلقات نارية في المنطقة». وأضاف: «استمر إطلاق الأعيرة النارية لمدة ثلاث أو أربع دقائق».

كانت الشرطة الأفغانية أعلنت في وقت سابق أمس أن تبادلا لإطلاق النار وقع في مكتب الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في كابل. وقال الجنرال محمد أيوب سالانجي، قائد شرطة كابل: «نعم، أستطيع أن أؤكد أن تبادلا لإطلاق النار وقع في مبنى الاستخبارات المركزية الأميركية في كابل». وأضاف: «لكنه لم يكن عملا إرهابيا أو نشاط تمرد، ولكن كان مجرد اشتباك بين العاملين داخل المبنى». وقد سمع دوي إطلاق نار في وقت متأخر من أمس الأحد، تبعه انفجار محدود ثم المزيد من إطلاق النار. وذكرت محطة تلفزيونية محلية مساء أمس أن جنديين أفغانا وحارس أمن فلبينيا أصيبوا في الحادث.

وقالت شرطة كابل إنه لا يتم إبلاغها عادة بمثل هذه الحوادث. وأوضح حشمت ستانيزاي، المتحدث باسم الشرطة، أن «أمرا ما حدث داخل مكاتبهم، وهم عادة لا يخبرون الشرطة الأفغانية بذلك».

وقال وحيد مجهدة من المركز التحليلي والاستشاري الأفغاني في كابل إن الحادث ألقى الضوء على مستوى انعدام الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأفغان. وأضاف: «هذه ليست هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا ولن تكون الأخيرة». وأضاف: «يمثل الأمر مبعث قلق أمني كبير لدى الأميركيين، ويشير إلى أنه لا يمكنهم الثقة بشكل كامل في طاقم العمل الأفغاني لديهم، لكنّ الأميركيين لا يريدون أبدا قبول فكرة أن هناك قضايا جدية تتعلق بالثقة والتعاون، وسبق أن واجهوا ذلك في عملياتهم الأمنية مع القوات الأفغانية».

وتعرضت وكالة المخابرات المركزية الأميركية لواحدة من أخطر الهجمات في تاريخها على قاعدة أفغانية في نهاية عام 2009 عندما فجر أردني نفسه وقتل سبعة من ضباط الوكالة.

وجاء إطلاق النار في نفس الشهر الذي سيطر فيه مقاتلون على مبنى شاهق تحت الإنشاء بالقرب من وسط المدينة الذي يضم منشآت عسكرية وسياسية ودبلوماسية تحظى بحراسة مشددة، وأطلق المقاتلون من داخل المبنى وابلا من الصواريخ على السفارة الأميركية ومقر حلف شمال الأطلسي.

واستمر الهجوم 20 ساعة، وألقت الولايات المتحدة باللوم فيه على شبكة حقاني التي اتخذت من مناطق الحدود الباكستانية المضطربة مقرا لها لفترة طويلة، لكنها تقول الآن إنها عادت إلى أفغانستان. واتهمت واشنطن جهاز المخابرات الباكستاني بتقديم الدعم لشبكة حقاني، لكن باكستان نفت بشدة هذه المزاعم.

ويقع مكتب وكالة المخابرات المركزية الأميركية في فندق «اريانا» الواقع قرب قصر الرئاسة والسفارة الأميركية، وتستخدمه وكالة المخابرات المركزية الأميركية كقاعدة لها في كابل. وقال أيوب سالانجي قائد الشرطة في كابل إن تبادلا لإطلاق النار وقع في الفندق الذي وصف بأنه مكتب لوكالة المخابرات الأميركية، لكنه رفض أن يعلق أكثر على ما حدث في منطقة يحظر حتى على القوات الأفغانية دخولها.

وكان الفندق قد أغلق وفرضت عليه حراسة مشددة منذ الإطاحة بحكومة حركة طالبان في أواخر عام 2001. واستخدمت الأنظمة الحاكمة الفندق لسنوات قبل هذا، ربما بسبب قربه من قصر الرئاسة.