ساركوزي في وضع صعب قبل 7 أشهر من الانتخابات الرئاسية

اليسار الفرنسي يحقق فوزا تاريخيا بسيطرته على الأكثرية المطلقة في مجلس الشيوخ

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي (وسط) لدى وصوله أمس جامعة بانثيون - آساس في فرنسا للحديث عن الإصلاحات الجامعية المرتقبة أمس (رويترز)
TT

مني اليمين الفرنسي الحاكم ومعه رئيس الجمهورية، نيكولا ساركوزي، بهزيمة انتخابية قاسية، تحمل في طياتها تحذيرات من هزائم قادمة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية ربيع عام 2012.

وللمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة التي أرساها الجنرال شارل ديغول في عام 1958، ينجح اليسار الفرنسي في السيطرة على مجلس الشيوخ المعروف دوما بكونه محافظا ويمينيا بسبب آلية انتخاباته غير المباشرة والمنوطة بالمجالس المحلية والإقليمية.

وأسفرت انتخابات أول من أمس عن فوز اليسار بـ177 مقعدا، مما يضمن له الأكثرية المطلقة، الأمر الذي سيؤهله لانتزاع رئاسة مجلس الشيوخ، وهو واحد من المجلسين التشريعيين في فرنسا (على جانب مجلس النواب) ويمكنه من عرقلة أو على الأقل تعقيد العمل الحكومي. وتناط بمجلسي الشيوخ والنواب دراسة مشاريع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والتصويت عليها وإقرارها. غير أن الدستور يعطي مجلس النواب الكلمة النهائية في حال تضارب المواقف. لكن مجلس الشيوخ قادر على إعاقة عمل الرئيس والحكومة. وسبق لليمين أن توكأ على مجلس الشيوخ الذي كان يسيطر عليه وحوله إلى رأس حربة زمن رئاسة الاشتراكي فرنسوا ميتران. وعلق فرنسوا هولند، أحد أبرز مرشحي الحزب الاشتراكي على نتائج يوم الأحد بقوله إن «رئيس الجمهورية اليميني خسر الأكثرية في مجلس الشيوخ».

غير أن أهمية انتخابات أول من أمس، الأحد، أنها الاختبار الأخير قبل استحقاقات الربيع المقبل. وبينما تستمر استطلاعات الرأي في إظهار تخلف ساركوزي وهزيمته أمام منافسيه من الاشتراكيين، وتحديدا المرشحين فرنسوا هولند وأمين عام الحزب السيدة مارتين أوبري، فإن المحللين السياسيين يرجعون نكسة اليمين إلى تكاثر الفضائح المالية والسياسية (عمولات صفقات السلاح مع باكستان ودول خليجية، وأموال ثرية فرنسا الأولى ليليان بتنكور) فضلا عن تدهور الوضعين المالي والاقتصادي والشائعات عن صحة البنوك الفرنسية.

وسعى قصر الإليزيه، ومعه قادة اليمين، إلى التخفيف من وقع الهزيمة. وجاء في بيان عن أمانة الرئاسة أن الإليزيه «أخذ علما» بنتائج الانتخابات التي تفسرها نتائج الانتخابات البلدية والإقليمية السابقة التي حسن اليسار بفضلها مواقعه، مما مكنه من تحقيق التقدم والسيطرة على مجلس الشيوخ. وذهب جان فرنسوا كوبيه، أمين عام حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني (الحاكم) في الاتجاه نفسه عندما أعلن أن «الهزيمة» لم تشكل «مفاجأة» وإنما «محصلة الهزائم المتلاحقة منذ عام 2004». أما رئيس الحكومة، فرنسوا فيون، فقد سعى إلى استنهاض الهمم بتأكيده أن ما حصل يوم الأحد «بداية المعركة»، وأن «ساعة الحسم هي في انتخابات الربيع».

وفي المقابل، فقد سعى اليسار بكل تشكيلاته إلى «توظيف» النتائج وإدراجها في دينامية سياسية ستفضي إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية والتشريعية. واعتبر هولند أن ما حصل أول من أمس، الأحد، «بداية تفكك النظام الساركوزي». ويرجح أن يكون هولند المنافس الأول لساركوزي، إذ إن استطلاعات الرأي تفيد بأنه سيفوز بترشيح الحزب الاشتراكي في الانتخابات الداخلية التي ستجرى الشهر المقبل.

وكان اليمين عول كثيرا على انقسامات الاشتراكيين حيث يتنافس 5 مرشحين لهذه الانتخابات، كما عول على انسحاب دومينيك ستروس - كان من السباق بسبب فضائحه الجنسية ومغامراته النسائية في نيويورك وغيرها. فضلا عن ذلك، رأى كثيرون أن ترؤس فرنسا عام 2011 لمجموعة الـ8 للدول الأكثر تصنيعا ومجموعة الـ20 التي ستعقد قمتها المقبلة بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في مدينة كان (المتوسطية) ستوفر لساركوزي حضورا قويا على الساحة الدولية سيساعده على الاحتفاظ بالقصر الرئاسي. والحال أن هذه الحسابات لا يبدو أنها كانت صائبة، إذا أخذنا في الاعتبار نتائج يوم الأحد وما تأتي به استطلاعات الرأي منذ أشهر.