غضب في مصر بعد إصدار المجلس العسكري إعلانا دستوريا بـ«شكل سري»

22 حزبا هامشيا يطالبون الجيش بالاستمرار.. والقوى الرئيسية تتجه لخوض الانتخابات البرلمانية

فريق من ضباط الجيش والشرطة يضعون اللمسات الأخيرة على عملية ضد تجار المخدرات والسلاح في منطقة القليوبية، أمس (أ.ب)
TT

سادت حالة من الارتباك في دوائر صنع القرار في مصر، انعكست على مواقف الأحزاب والقوى السياسية، التي أعربت عن شكوكها بشأن مسار انتقال السلطة للمدنيين. وبدا مستغربا إعلان المجلس العسكري (الحاكم) أمس عن إصداره إعلانا دستوريا مكملا قبل ثلاثة أيام، تضمن تعديلا للمادة 38 من الإعلان الدستوري الذي صدر نهاية مارس (آذار) الماضي، المتعلقة بالانتخابات البرلمانية. وتزامن الكشف عن تعديل الإعلان الدستوري مع نفي مصدر عسكري وجود أي نية لدى المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، للترشح في الانتخابات الرئاسية، التي لم يتحدد موعدها بعد.

وفي حين دخلت الأحزاب الرئيسية في البلاد سلسلة اجتماعات لتحديد موقفها من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، والاستجابة للدعوة إلى مظاهرة مليونية يوم غد (الجمعة) تحت شعار «استرداد الثورة»، احتجاجا على قانون انتخابات البرلمان الذي أعطى المستقلين حق التنافس على ثلث مقاعد البرلمان، وهو ما ترفضه القوى السياسية التي تطالب بقصر التنافس بين القوائم الحزبية، طالب رؤساء 22 حزبا هامشيا المجلس العسكري بتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة ستة أشهر، لإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية الجديدة لاختيار مرشحيها، ووضع الآليات المناسبة لمواجهة ما سموه بالأحزاب الدينية، التي تهدد مصر، وتسعى إلى ترسيخ الدولة الدينية.

وفي خطوة مثيرة للجدل، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أمس، إن الصحيفة الرسمية نشرت في الخامس والعشرين من الشهر الحالي إعلانا دستوريا مكملا للإعلان الذي أصدره المجلس العسكري في 30 مارس (آذار) الماضي.

وظلت التكهنات حتى يوم أمس تدور حول إصدار المجلس العسكري إعلانا دستوريا جديدا، لكن وكالة الأنباء الرسمية نشرت تفاصيل الإعلان الذي احتوى على مادة واحدة.

ونص الإعلان الجديد على تعدل المادة (38) من الإعلان الدستوري، ليصبح على النحو الآتي: «ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابي يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردي، بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقي للثاني».

وكانت المادة تنص في الإعلان الدستوري، على أن القانون «ينظم حق الترشيح لمجلسي الشعب والشورى وفقا لأي نظام انتخابي يحدده، ويجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة في المجلسين».

وأثار الإعلان عن التعديل الدستوري غضب القوى السياسية، وشنت جماعة الإخوان المسلمين هجوما شديد اللهجة، قائلة: «إن الشعب فوجئ بمواقف وقرارات وقوانين تتم وتصدر من وراء ظهره، ومن فوق رأسه، وعلى الرغم من أنفه، وعلى رأسها الإعلان الدستوري الذي صدر سرا يوم 25/ 9/ 2011، ولم يعلن إلا مساء يوم الثلاثاء 28/ 9/ 2011 مشفوعا بخمسة مراسيم بقوانين تتعلق بقوانين انتخابات مجلسي الشعب والشورى، مع الزعم بأن هذا الإعلان الدستوري تم بموافقة قيادات الأحزاب السياسية، وهو قول غير صحيح».

وتابع البيان: «هذا الأسلوب يثير القلق والمخاوف، لأنه لا يحترم إرادة الشعب، ويمكن استخدامه في إصدار إعلانات دستورية أخرى قد تطال الدستور ذاته، أو اللجنة التأسيسية التي سيناط بها وضع مشروع الدستور، كما تم تسريبه في بعض الصحف، وهذا الأمر لو حدث – لا قدر الله – فلن يسمح الشعب بمروره، وسيعرض البلاد لمخاطر جمة، لأنه إهدار لاستفتاء مارس (آذار) 2011، وافتئات على إرادة الشعب، وعودة إلى أسلوب النظام القديم الذي ثار الشعب من أجل خلعه».

وعلى الرغم من حدة البيان، فإنه خلا من أي مطلب بتعديل قانون انتخابات البرلمان، واقتصر البيان على المطالبة بـ«الإقرار بانتهاء حالة الطوارئ عملا بالمادة (59) من الإعلان الدستوري الصادر في مارس الماضي، ووفاء بالوعود المتكررة بإنهاء الحالة قبل إجراء الانتخابات، وتطهير مؤسسات الدولة من رؤوس الفساد الباقين في مواقعهم أو الذين عادوا إليها، على الرغم من جرائمهم في حق الشعب والوطن، وإعلان نتائج التحقيقات في موضوع الأموال التي ضختها مصادر أجنبية لإفساد الحياة السياسية».

وفي غضون ذلك لوحت قوى سياسية بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، في حال إصرار المجلس العسكري على عدم الاستجابة لمطلبهم بقصر حق التنافس على مقاعد البرلمان على الأحزاب السياسية بالقائمة النسبية المغلقة، قائلين إن القانون الحالي يسمح بعودة أعضاء الحزب الوطني المنحل للبرلمان مرة أخرى.

لكن مصادر مطلعة داخل تحالف الكتلة المصرية، التي تضم قوى ليبرالية ويسارية، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن التلويح بمقاطعة الانتخابات موقف غير جدي.. ستذهب الأحزاب جميعها للانتخابات».

وبدا أن التحالف الديمقراطي من أجل مصر الذي يضم حزبي الوفد الليبرالي، والحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة لأحزاب وحركات سياسية أخرى، يسير على الدرب نفسه. وقال الدكتور وحيد عبد المجيد، منسق ملف الانتخابات بالتحالف، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الموقف الرسمي للتحالف سوف يصدر عقب المشاورات التي ستخرج عن اجتماع اليوم (أمس)، لكن الاتجاه العام هو عدم المقاطعة، دون الاستسلام للأمر الواقع.. سوف نضغط لتحسين الشروط المطروحة».

وقالت مصادر بالهيئة العليا لحزب الوفد: «إن القوى الرئيسية في التحالف مع قرار المشاركة في الانتخابات، لكن هذا الموقف قد يهدد بإضعاف التحالف الذي يضم 34 حزبا وحركة سياسية».

إلى ذلك، طالب بيان أصدره ممثلو 22 حزبا (هامشيا)، من بينهم العربي الناصري، مساء أول من أمس، المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالاستمرار لحين عودة الأمن والاستقرار للمجتمع، كما دعوا إلى ضرورة التأني في دراسة قوانين مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية حتى يأتي النظام الانتخابي مناسبا للشعب المصري، مهددين بمقاطعة الانتخابات إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم.