كارثة القطارين تجدد مخاوف السلامة في الصين

خطأ «بشري» يتسبب في سقوط 284 قتيلا بعد شهر من حالة مماثلة خلفت 40 ضحية

TT

تساءلت الصحف ورواد الإنترنت في الصين أمس غداة حادث اصطدام بين قطارين سريعين في شنغهاي أوقع أكثر من 280 جريحا، عما إذا كانت وتيرة مشاريع البنى التحتية في سكك الحديد تجري على حساب سلامة المسافرين. ودعت وسائل الإعلام الحكومة إلى «توخي المزيد من الحذر» بعد تصادم قطارين أول من أمس، مما أدى إلى إصابة 284 شخصا بعد أشهر من حادث تحطم قطار سريع في مدينة وينغو (شرق) نتيجة خلل في إشارات السير على ما يبدو، مما أسفر عن سقوط أربعين قتيلا في أسوأ حادث قطارات تشهده الصين منذ 2008.

وأقرت شركة تشغيل قطارات مترو شنغهاي أمس لأول مرة بأن خطأ بشريا لعب دورا في حادث أول من أمس، إضافة إلى خلل في الأجهزة. وقالت الشركة في بيان إن فقدان الكهرباء تسبب في تعطل نظام الإشارات، مما دفع إلى تشغيل القطارات يدويا. وأضافت أن «الموظفين لم يتبعوا قواعد الإدارة بدقة مما أدى إلى وقوع الحادث».

وذكر الإعلام الرسمي أن موظفي القطارات كانوا يرشدون سائقي القطارين عن طريق الهاتف وقت وقوع الحادث. وكانت معظم الإصابات طفيفة، إلا أن الحادث وقع على أحدث خطوط القطارات في شنغهاي، ويعد ضربة لسلطات المدينة ولبرنامجها الطموح للتوسع استعداد للمعرض العالمي «إكسبو». واستقطب معرض شنغهاي الذي استمر ستة أشهر العام الماضي أكثر من 30 مليون زائر من مختلف أنحاء العالم، واعتبر نجاحا كبيرا للمدينة التي تسير في طريقها إلى أن تصبح عاصمة العالم التجارية. وقالت صحيفة «غلوبال تايمز» التي تصدر باللغة الإنجليزية إن الصين ليس أمامها خيار سوى تطوير أنظمة نقل عصرية للمدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي، لكن لا يمكنها أن تتحمل المزيد من الحوادث المتعلقة بالسلامة.

وقالت الصحيفة في مقالها الافتتاحي «يجب على الصين أن تكون أكثر حذرا وتركيزا لتتجنب المخاطر.. ورغم أن تحقيق ذلك صعب، فإن المأساة في مدينة وينغو وشنغهاي تذكر الناس بأن الصين لا يمكنها تحمل خطأ آخر». وشكلت شنغهاي فريقا من 15 شخصا يضم بشكل خاص عددا من مسؤولي المدينة، لإجراء مزيد من التحقيقات في سبب الحادث، بحسب الحكومة.

إلا أن رواد الإنترنت أبدوا عدم اقتناعهم بالتحقيق، واستخدموا المواقع الاجتماعية الواسعة الانتشار في الصين لانتقاد الإخفاقات المتتالية في مجال السلامة. وقال تانغ فنغ على موقع «سيناز ويبو» أكبر موقع اجتماعي في الصين «لقد تم تشكيل لجنة تحقيق مرة أخرى. من الذي سيثق بها مجددا؟ أليس من المفترض إصلاح نفس الخطأ قبل أن يتكرر 100 مرة ويروح ضحيته الناس العاديون؟».

وتركز معظم الغضب الشعبي على شركة «كاسكو» الصينية الفرنسية المشتركة التي زودت خطوط القطارات بمعدات الإشارة التي كانت أحد أسباب وقوع حادث شنغهاي، طبقا لشركة تشغيل القطارات في المدينة. و«كاسكو» هي شركة مشتركة بين شركة الستوم الفرنسية العملاقة للنقل والطاقة، وشركة إشارات القطارات والاتصالات الصينية الحكومية. وقالت شركة تشغيل القطارات في شنغهاي إنها خفضت سرعة القطارات على الخط الذي وقع عليه الحادث، وبدأت في تشغيل شخصين بدلا من شخص واحد في المناصب المهمة مثل قيادة القطارات. وتسود قطاع القطارات في الصين اتهامات بالفساد على أعلى مستوى، مما يثير مخاوف على السلامة نتيجة ذلك خاصة عقب حادث وينغو. وفي فبراير (شباط) الماضي، جرت إقالة وزير القطارات ليو زيجون بسبب اتهامات بتلقيه رشاوى تزيد من 125 مليون دولار على مدى سنوات لمنحه عقودا تتعلق بشبكة القطارات السريعة. وشهدت أسهم شركات القطارات الصينية المدرجة في البورصة انخفاضا الثلاثاء بسبب المخاوف من تأثير الحادث على نمو القطاع، بحسب المتعاملين. وخسرت شركة «شنغهاي لهندسة الأنفاق» التي تبني خطوط القطارات 2.6 في المائة من قيمتها، بينما خسرت أسهم شركة صناعة القطارات الصينية 1.7 في المائة من قيمتها.