ديك تشيني: أود أن يرحل بشار الأسد ولكني لست مع توجيه ضربة عسكرية الآن

نائب الرئيس الأميركي السابق في حوار تنشره «الشرق الأوسط» : أعتقد أنه ستكون هناك هجمات إرهابية أخرى

TT

أعرب نائب الرئيس الأميركي السباق ديك تشيني عن تأييده القوي للحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش. وأوضح في لقائه مع صحيفة «دير شبيغل» السبب في اعتقاده بصحة نظريته حتى بعد وقوع الحربين، ومستقبل الإرهاب بعد أسامة بن لادن والسبب في كون غوانتانامو منشأة متميزة.

* سيادة نائب الرئيس السابق، أنت واحد من أبرز منتقدي الرئيس باراك أوباما، لكنك في الوقت ذاته لا تبدي سعادة تجاه مواصلته العمل بالعديد من السياسات التي انتهجها الرئيس بوش مثل الحرب في أفغانستان ومعسكر الاعتقال في غوانتانامو والتخفيضات الضريبية للأثرياء؟

- أعتقد أن السياسات التي يتبنونها في الوقت الراهن أفضل من التي تبنوها في حملتهم الانتخابية، لكني ما زلت منتقدا لهم، فأنا لست من مؤيدي إدارة أوباما.

* ما هي أبرز أخطاء إدارة أوباما في رأيك؟

- أعتقد أنهم أخطأوا عندما هاجموا في حملتهم الانتخابية في عام 2008 السياسات التي انتهجناها ضد الإرهاب. الحقيقة أن هذه السياسات حافظت على أمننا خلال السنوات السبع الأخيرة في إدارة بوش. لكن أكثر ما اعترضت عليه بعد تولي إدارة أوباما تهديدهم بالتحقيق وملاحقة عناصر الاستخبارات الذين نفذوا سياسات مكافحة الإرهاب قضائيا، خاصة الذين شاركوا في برنامج التحقيق المطور، الأمر الذي كان بمثابة سابقة رهيبة.

* هذا البرنامج تضمن أعمال تعذيب مثل الإيهام بالغرق، وهذا النوع من التعذيب منعته إدارة أوباما؟

- هذا البرنامج تم وضعه بعناية، وهذه الأساليب كانت تستخدم على أفرادنا في التدريب وتم إقرارها من قبل الرئيس ومجلس الأمن القومي ووزارة العدل بأنها تتوافق بشكل تام مع التزاماتنا والمواثيق الدولية. بيد أن الحديث عن إمكانية مقاضاة الأفراد الذين نفذوا هذه التعليمات، أجد أنه مثار اعتراض كبير.

* وما هي المشكلة تحديدا؟ فقد أغلقت القضية ولم يخضع أحد للمحاكمة؟

- لقد تحدثت في مايو (أيار) 2009 عن هذه القضية. وفي النهاية تراجعوا وهو ما كان أمرا جيدا.

* أنت تدعم عمليات الإيهام بالغرق، لكن استخدامها تسبب في حدوث أضرار كبيرة لصورة أميركا في العالم، فهل كانت هذه الطريقة تستحق هذه التضحية؟

- بكل تأكيد.

* لماذا؟

- لأننا جمعنا معلومات استخبارية كان لها بالغ الأثر في حماية أمتنا، ولم يكن الأمر يتعلق بسمعتنا، بل بحماية أرواح الأميركيين، وقد قمنا بذلك بنجاح كبير.

* المعلومات التي حصلتم عليها عبر التعذيب مثيرة للجدل؟

- كان هناك الكثير من الجدال بشأن الإيهام بالغرق، لكنه لم يكن يطبق سوى على عدد قليل من الأفراد ووفق ضوابط معينة. ولو عاد الزمن لقمت به مرة أخرى دون تردد، فقد أثبتت هذه الوسيلة نجاحا كبيرا فقد زودنا أبو زبيدة، أحد أبرز قادة بن لادن بمعلومات عن رمزي بن شيبة، الذي ساعد مختطفي طائرات 11-9. وقبيل اعتقاله كان يخطط لاستخدام طائرات تجارية في شن هجمات انتحارية على مطار هيثرو وأبنية أخرى في لندن. وقد أدت المعلومات التي حصلنا عليها من أبو زبيدة ورمزي بن شيبة إلى القبض على خالد شيخ محمد، الذي قطع رأس صحافي في «وول ستريت جورنال» واعترف بأنه كان العقل المدبر لهجمات 11-9 التي أودت بحياة 3,000 شخص.

* في أعقاب هجمات 11-9 كانت الولايات المتحدة تحظى بدعم كامل من العالم الغربي، لكن هذا الدعم تلاشى نتيجة انتهاك الولايات المتحدة لحقوق الإنسان؟

- إذا كنت تود القول بأنه لا ينبغي أن نستخدم هذه الأساليب أو أنه ما كان ينبغي علينا استخدام هذه الوسائل، إذن ينبغي أن تكون على استعداد لتخبرني عن نوعية الهجمات التي يمكن أن تقبلها. وكم عدد الضحايا الذين يمكن أن تتحملهم. وأن تكون لديك الشجاعة للقول «لقد جعلنا الأوروبيين سعداء لأننا لم نقم بهذه الخطوة».

* كيف يمكن أن تكون على يقين من أن كل شيء قمت به كان خطوة استراتيجية صحيحة؟ فقد صرح أوباما بأن وجود غوانتانامو ساهم في تحول أعداد كبيرة الشباب الغاضب إلى الإرهاب تفوق أعداد المعتقلين هناك؟

- كانت هناك الكثير من الانتقادات لكن غوانتانامو منشأة ممتازة، وتدار بشكل جيد من قبل الجيش الأميركي، إنها أفضل من السجون الأخرى التي يمكن أن توجد في دول هؤلاء المعتقلين لو كانوا قد سجنوا هناك.

* في مقابلة مع قناة «سي إن إن» وصفت حياة المعتقلين في غوانتانامو بأنهم «يعيشون في أجواء مدارية ويحصلون على طعام جيد. ولديهم كل ما يمكن أن يحتاجوه»، بدا الأمر وكأنك تتحدث عن منتجع؟

- إنه سجن جيد جدا حيث يحصل الأفراد على رعاية طبية جيدة ويحصلون على احتياجاتهم الغذائية ولديهم حرية في أداء العبادة. وفي مرحلة ما قيل إن شخصا ما أحرق القرآن في المرحاض. كانت تلك كذبة وقد انطلت على وسائل الإعلام وروجوها. لا يوجد لدي وقت لأن أشرح لأصدقائنا الذين سارعوا إلى القول: «يا إلهي، ما كان عليكم أن تقوموا بهذا الشيء. يجب أن تكونوا أكثر لطفا تجاه إرهابيي القاعدة». فأنا لم أكن لأصدق هذه الفرية.

* مؤخرا، نجحت إدارة الرئيس أوباما في تحقيق نجاح لم تتمكن إدارة بوش من تحقيقه خلال سبع سنوات من المحاولات، ألا وهو عثورها على أسامة بن لادن وتصفيته. وقد قلت إن أساليب الاستجواب العنيفة هي التي أثمرت عن المعلومات الأولية التي أدت إلى مقتل بن لادن، لكن ألا تستحق إدارة أوباما بعض الثقة؟

- بالتأكيد.

* هل يضع موت بن لادن نهاية للحرب على الإرهاب؟

- لا أعتقد ذلك، وأرى أن التهديد لا يزال قائما، طالما وجد أشخاص مثل أيمن الظواهري على رأس «القاعدة»، ولو بصورة اسمية. وأعتقد أنه سيكون هناك هجمات أخرى، ولا أعتقد أن بإمكاننا القول إن هذه الهجمات انتهت في الوقت الراهن.

* هل كان أوباما مصيبا في قراره بالمشاركة في الحرب على القذافي؟

- لا أعلم بشكل كامل الدور الذي لعبناه في ليبيا.

* ما الذي تعنيه بلا أعلم بشكل كامل؟ فقد أرسل قاذفات قنابل لدعم الثوار في قتالهم ضد العقيد معمر القذافي، وكان جزءا من تحالف دولي؟

- كان يرغب في رحيل القذافي وأعتقد أن هذا أمر جيد. لكن إذا كنت قد وضعت ذلك هدفا للسياسة الوطنية، ولم تقم بتنفيذه أو تركته للآخرين فأعتقد أن ذلك ليس بالضرورة طريقة جيدة للقيام بالأمر. ولا أعلم حتى الآن ما الذي سيجري في ليبيا.

* أنت انتقدت إدارة أوباما في تصريحاتها بأن على أميركا ألا تقرر كل شيء بصورة أحادية، فشركاؤنا على مستوى العالم يشاركون في العمليات والتكلفة، وقد سماها أحد كبار مستشاري أوباما «القيادة من الخلف»؟

- هذا يبدو لي قولا متناقضا وغير منطقي تماما.

* هل تعتقد أن الوقت قد حان لتغيير الأولويات. فخلال العقد الماضي شنت الولايات المتحدة حربين باهظتي التكلفة بصورة شبه أحادية وحملت الخزانة الأميركية أعباء مالية ثقيلة. حتى في كتابك هناك معلومات قليلة للغاية عن الاقتصاد أو نهوض الصين. ألم تكن مهووسا بالحرب على الإرهاب؟

- حسنا، لقد ألقيت خطابات عندما كنت وزيرا لدفاع أصدقائنا وحلفائنا في الناتو. هذا يعود إلى بداية التسعينات. وكان لدي شعور قوي حينذاك، وأعتقد أن الأدلة كانت تتزايد عبر السنوات، وأن أصدقاءنا الأوروبيين كانوا يعتمدون على الولايات المتحدة لتولي القيادة في توفير الأمن في الغرب كي نكون مستعدين لمواجهة الاتحاد السوفياتي، لنشر قواتنا وإنفاق جزء كبير من ميزانيتنا على الجيش. وليس معنى ذلك أننا لو لم نكن قد قمنا بذلك لقام به أحد آخر. أنا أرى أننا تعلمنا من التجربة طوال الوقت من أن على شخص ما أن يتولى القيادة وقد كان هذا الشخص بطبيعة الحال: الولايات المتحدة.

* يبدو من كلامك أنك لا تكترث كثيرا للشركاء؟

- ألمانيا لا تنفق كثيرا على الجيش، وإذا ما اعتمدنا على أصدقائنا لإنفاق ما يكفي أداء دور الولايات المتحدة الذي أدته خلال السنوات السابقة ما كان ذلك ليحدث. أنا أحب أصدقائي وحلفائي الألمان، لكن في النهاية، مع بعض الاستثناءات، لن يتمكن أغلب حلفائنا في الناتو من تلبية المعايير التي نتوقع من شخص ما أن يحاول الوفاء بها كشريك ناجح.

* هناك تشكك في قدرة الولايات المتحدة على القيام بتدخل عسكري كبير، وأنت كتبت في مذكراتك أن الولايات المتحدة تعيش في وضع يتعدى إمكاناتها؟

- أنا قلق بشأن موقف الدين. وأعتقد أن غالبية الأميركيين يحسون بذلك.

* لقد أضافت إدارة بوش قدرا كبيرا إلى هذا الدين بحربين كبيرتين وخفض للضرائب على الأثرياء والحرب على الإرهاب؟

- هذه الحروب التي تتحدث عنها أسهمت بشكل واضح في مستويات الإنفاق الإجمالية، لكنها لم تكن السبب الرئيسي للدين. ما يمثل مشكلة للدين في الوقت الراهن هو برامج التأمين الوطني. المكان الذي شهد زيادة واضحة في الميزانية هو برامج بالتأمين والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وغيرها من البرامج. هذا هو المصدر الرئيسي لإنفاقنا هذه المبالغ، كما هو الحال في ألمانيا. وإذا ما نظرت إلى النسبة المئوية من الميزانية التي تذهب إلى الدفاع ستجد أنها أقل مما كانت عليه في أي وقت منذ الحرب العالمية الثانية.

* التساؤلات التي يتم الإجابة عنها الآن، في 2011، تختلف كلية عن الأسئلة التي واجهتها إدارة بوش في عام 2001. في هذه الأزمة المالية بدا في كثير من الأحيان أن الولايات المتحدة وأوروبا تتبادلان الاتهامات بشأن تعريض الاستقرار في الغرب للخطر، هل تعتقد أن المستشارة أنجيلا ميركل تمكنت من عبور الأزمة بشكل ناجح؟

- المستشارة أنجيلا ميركل تلعب دورا قياديا في محاولة التغلب على الأزمة التي تعاني منها أوروبا، وقد كنت من أشد المتحمسين لدورها، وربما لا يساعدها إطرائي هذا لكني أعتقد أنها قائد فاعل في الأوقات العصيبة.

* هل هناك ما تنصحها به بشأن أوروبا؟

- أنا لا أعلم الكثير بشأن تفاصيل هذه الظروف. وأعتقد أن ما نحتاجه هنا في الولايات المتحدة هو التركيز على التنمية الاقتصادية طويلة الأجل، ولا أعتقد أن الإدارة الحالية تقوم بذلك، فمن الواضح أنهم يركزون على التنمية قصيرة الأمد إلى حد بعيد.

* أما وقد بلغت السبعين من عمرك، ما هي أكبر نجاحاتك؟ وما هو أكثر ما تندم عليه؟

- أكثر ما أندم عليه فترة الشباب التي أهدرتها سدى.

* دخلت السجن مرتين بسبب معاقرة الخمر، وتعرضت مرتين للطرد من الجامعة لضعف درجاتك، هل هناك بعض الأخطاء السياسية التي تندم عليها؟

- أعتقد أنها التحكم في الأجور والأسعار خلال سنوات الرئيس نيكسون (تم منع زيادة الأجور والأسعار لمدة 90 يوما للسيطرة على التضخم)، وقد كنت واحدا من المسؤولين الذين اقترحوا هذه الفكرة. أنا أستشهد بذلك كمثال على السياسية غير الموجهة.

* وماذا بشأن الحرب على العراق؟ بدأت هذه الحرب اعتمادا على تقارير استخبارية خاطئة. ولم تعثر الولايات المتحدة على أسلحة الدمار الشامل التي كانت السبب الرئيسي للغزو؟

- من الواضح أنه كان هناك فشل استخباراتي وقعنا فيه كلنا. وقد حدث ذات الأمر مع ألمانيا. فأنتم أسهمتم فعليا ببعض المعلومات المغلوطة لاستخباراتنا، بحسب ما أذكر. ولذا كان من الصعب تبين صحة الأنباء مع رئيس مستبد مثل صدام حسين، فقد قام بعملية خداع هائلة حتى لشعبه.

* بالنظر إلى الماضي هل ترى أن شن الحرب كان خطأ؟

- من المهم النظر إلى نتائج مجموعة دراسة العراق، التي خلصت إلى أن العراق لديه القدرات البشرية والتكنولوجيا والمواد والخام والخبرة ويعتقدون بشكل كامل أن صدام حسين سيستأنف إنتاج أسلحة الدمار الشامل ما إن ترفع العقوبات ويغادر المفتشون. لذا كان التهديد حتميا هناك.

* وما هي أكبر نجاحاتك؟

- أعتقد أن ما فعلناه في عاصفة الصحراء عام 1991 كان نجاحا رائعا. فقد نظمنا وجمعنا تحالفا وطردنا صدام حسين من الكويت. وأعتقد أيضا أن النجاح الذي حققناه في إدارة بوش في منع أي اعتداءات أخرى في أعقاب 11-9 كان نجاحا بارزا أيضا.

* اتهمك الصحافي بوب وودوارد بأنك لم تتعلم الدرس. في عام 2007، كنت مقتنعا بأن سوريا كانت تقيم برنامجا للأسلحة النووية وأردت أن تهاجمها، ولكن عندما سئل بوش «من يتفق مع ديك؟» لم يرفع أي شخص يده للإشارة على الموافقة؟

- وما الذي كان يقوم به السوريون من وجهة نظرك.

* كان هناك العديد من علامات الاستفهام حول أداء أجهزة الاستخبارات في ذلك الوقت.

- لا، لقد كان الأمر واضحا للغاية وأظهرت الاستخبارات بشكل قاطع وجود مفاعل نووي هناك، ولم يشكك أي شخص في ذلك. ولكن لم يكن هناك أي دليل على أن الغرض من هذا المفاعل هو توليد الكهرباء، حيث لم يكن هناك شبكة كهرباء. لقد كنت أرى أن هذا المفاعل كان نسخة كربونية من المفاعل الذي أقامته كوريا الشمالية قبل سنوات واستخدمته في إنتاج البلوتونيوم لصنع الأسلحة النووية - وهذا هو السبب في إنشاء المفاعل في الصحراء السورية. وكنت من المؤيدين لتوجيه ضربة عسكرية أميركية لتدمير هذا المفاعل، ولكن الرئيس قرر عدم السير في هذا الاتجاه، وقام بدلا من ذلك بمواصلة جهوده الدبلوماسية. ومن الواضح أن الإسرائيليين لم يكونوا يهتمون كثيرا بالجهود الدبلوماسية، وقاموا بحل المشكلة بأنفسهم ودمروا المفاعل. واعتقد أن النتيجة كانت جيدة.

* هل ستهاجم سوريا اليوم؟

- لماذا؟ هل في حالة امتلاكها لمفاعل جديد؟

* بسبب انتهاكات بشار الأسد لحقوق الإنسان؟

- هل ستؤيدون مثل هذه الهجمات لأنه ينتهك حقوق الإنسان، وتعارضونها في حالة امتلاكه لمفاعل نووي؟

* لا، لن نقوم بذلك. إننا نريد معرفة وجهة نظرك.

- أود أن يرحل بشار الأسد، ولكني لست مع توجيه ضربة عسكرية لسوريا الآن. إن الخطر الأكبر الذي يواجهه الأمن القومي الأميركي لا يزال يتمثل في الإرهابيين. في المرة القادمة التي يقومون فيها بشن هجوم على الولايات المتحدة، سيكون لديهم أسلحة أكثر تدميرا من تلك التي تم استخدامها في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، مثل الأسلحة النووية أو أنواع مختلفة من الأسلحة البيولوجية، وربما ستكون الخسائر في الأرواح حينئذ مئات الآلاف من البشر. يمكننا أن نجلس دون أن نفعل أي شيء ونشعر بالقلق لأننا نتعامل بطريقة لطيفة مع تنظيم القاعدة، ولكن بعض الأنظمة السيئة في العالم لديها علاقات وثيقة بالإرهاب وتملك القدرة على تطوير الأسلحة التي من المحتمل أن يتم توجيهها لتدمير أوروبا والولايات المتحدة.

* تناولت مذكراتك بعض أعضاء إدارة بوش بقسوة شديدة، ولا سيما كولن باول وكوندوليزا رايس، أليس كذلك؟

- (مبتسما). لا.

* إذا هناك سوء فهم. لقد كانت رايس غاضبة للغاية لأنه قد تم تصويرها على أنها شخص بكاء كالأطفال؟

- لم أقل قط إنها كانت تبكي.

* ولكنك قلت إنها جاءت إلى مكتبك والدموع تملأ عينيها واعترفت لك بأنك كنت على حق؟

- أردت أن أصف الوقت الذي كنت فيه في منصبي، وقد وصفت لقائي مع الوزيرة رايس بكل دقة.

* هناك أجزاء في كتابك مثيرة للمشاعر، فعندما كنت صبيا شهدت جدك ريتشارد وهو يموت بأزمة قلبية، أليس كذلك؟

- كنت في الرابعة عشرة من عمري.

* وعندما كنت في السابعة والثلاثين من عمرك، عانيت من أول أزمة قلبية، ثم تبعها أربع أزمات أخرى وتجاوزتها جميعا. ما هو تأثير ذلك عليك؟ هل تعيش في خوف دائم؟

- (يشير إلى بطارية مضخة القلب الموجودة في جيب سترته) إنني آخذها معي في كل مكان. لقد كانت أصعب أزمة هي الأزمة الأولى. كنت أدخن بشراهة لمدة 20 عاما، وكنت أدخن ثلاث علب في اليوم. لقد كنت في منتصف حملتي الأولى للكونغرس واستيقظت في منتصف الليل وشعرت بوخز خفيف في هذين الإصبعين، ولم يكن هناك أي ألم في الصدر أو أي شيء من هذا القبيل. كنت أقيم مع الأصدقاء ونقلوني إلى المستشفي ودخلت غرفة الطوارئ وفقدت الوعي.

* نظرا لحالتك الصحية، ألم يكن من الجنون أن تعمل بالسياسة؟

- لقد واجهت احتمال التخلي عن أملي في الحياة السياسية وإلغاء الحملة، ولكن الطبيب الخاص بي قال: «العمل الشاق لا يقتل أحدا». ولم أقم بتدخين سيجارة واحدة منذ أول أزمة قلبية. يجب على الفرد أن يأكل جيدا ويحاول ممارسة الرياضة بشكل منتظم. لقد تعايشت مع هذه المشكلة لفترة طويلة، وهي مثل أي مشكلة أخرى.

* أنت لا تفكر في ذلك باستمرار، أليس كذلك؟

- لا. المرة الوحيدة التي شعرت فيها بخطورة هذه المشكلة حقا كانت عندما تركت منصبي. وفي نهاية عام 2009، عانيت من الرجفان البطيني، وتحدث هذه الحالة عندما يدق القلب بسرعة كبيرة ولكن بشكل غير منتظم. وبعد مرور شهرين، عانيت من الأزمة القلبية للمرة الخامسة. وكانت أزمة غير حادة، ولكن هذه المرة كنت قد وصلت إلى النقطة التي نطلق عليها اسم «المرحلة النهائية من الأزمة القلبية»، حيث أصبح قلبي ضعيفا للغاية لدرجة أنه لم يعد ينقل الدم بما يكفي لعمل الكلية والكبد والأجهزة الحيوية الأخرى. ولذا قمنا بالاستعانة بمضخة القلب هذه. في الواقع، إنها شيء يشبه المعجزة. إنني استخدمها منذ نحو 14 شهرا، وهناك بطاريات يتم استخدامها بشكل منتظم ويتم شحنها. (أخرج تشيني البطارية من جيب سترته، وأصدر الجهاز صوتا قصيرا وعندئذ ضحك تشيني). إنها على ما يرام، ولن تنفجر.

* ألا تفكر في الموت بشكل مستمر؟

- كلا. لقد دخلت في صراع مع مثل هذه الأشياء عندما تعرضت لأول أزمة قلبية، أي قبل نحو 30 عاما. لقد كانت التكنولوجيا تتغلب على مرضي. سوف أعيش لفترة محدودة، مثلي مثل أي شخص آخر، ولكني كنت محظوظا للغاية.

* في بعض الأحيان يطلق عليك اسم «قاتل جماعي» أو «مجرم حرب». ألا تزعجك مثل هذه الأمور؟

- عندما تكون نائب الرئيس في الولايات المتحدة، فيمكنك أن تتوقع أن يتم السخرية منك عدة مرات في الأسبوع، ولكنك لا تزال تقوم بعملك.

* شكرا جزيلا لك سيدي نائب الرئيس على هذه المقابلة.

* «دير شبيغل» - خدمات «نيويورك تايمز»