«علماء اليمن» يفتون بحرمة المظاهرات والخروج على الرئيس صالح

تجدد الاشتباكات في الحصبة ومقتل اثنين من أنصار الأحمر

محتج يمني مطلي بألوان العلم اليمني وقد كتب على صدره بيتا من الشعر لتحدي النظام في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

تجددت، أمس، الاشتباكات في العاصمة اليمنية صنعاء بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسلحين التابعين لزعماء قبيلة حاشد، في الوقت الذي استمرت فيه المظاهرات المطالبة برحيل النظام ومحاكمة رموزه. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجل الرئيس، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قامت بقصف مدينة صوفان، التي يقع فيها منزل الشيخ حميد الأحمر، نائب رئيس مجلس النواب وشقيق زعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر. وأفادت المصادر أن اثنين من حراس الأحمر قتلا وأصيب 5 آخرون، دون أن تعرف أسباب استئناف المواجهات في الحصبة، رغم استمرار تطبيق الهدنة بين الأطراف المتناحرة، ورغم الجهود التي يقوم بها نائب الرئيس، فإن مصدرا رسميا أورد إشارات قد تكون السبب في تجدد المواجهات، حيث قال إن «ميليشيات حزب الإصلاح وعصابة أولاد الأحمر وعلي محسن الأحمر قاموا باحتلال ملعب نادي الشعب الرياضي في منطقة مذبح بالعاصمة صنعاء والعبث بمحتوياته ونهب ممتلكاته التي تقدر تكاليفها بمئات الملايين، كما قاموا في الساعة الرابعة فجرا (أمس) بقصف منزل الشيخ صغير بن عزيز عضو مجلس النواب بالبوازيك والصواريخ ومدافع الهاون وهو ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من المواطنين». وأضاف المصدر أن «معهد الميثاق التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، تعرض لقصف مماثل أدى إلى إصابة أحد الأشخاص بجراح، كما تعرضت بعض منازل المواطنين والمنشآت العامة والخاصة والمدارس بمنطقة الحصبة وحي صوفان وبير الشايف وشارع عمران لأضرار جراء القصف العشوائي والمكثف من قبل تلك الميليشيات، كما قامت تلك الميليشيات بقصف مدرسة المتنبي بمنطقة جدر وهي مكتظة بالطلاب والمدرسين والإداريين مما أدى إلى إصابة عدد من الطلاب إصابة بعضهم خطيرة». واعتبر المصدر اليمني الرسمي أن «هذه الاعتداءات تمثل رفضا واضحا وصريحا للدعوة الصادقة من فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية لكافة أطراف العمل السياسي والعسكري والأمني في السلطة والمعارضة إلى هدنة كاملة وإيقاف إطلاق النار تماما بما يتيح العمل لإفساح المجال للتوصل إلى الاتفاق والوفاق بين كل الأطراف السياسية». كما اعتبر المصدر «هذه الاعتداءات من قبل ميليشيات علي محسن وأولاد الأحمر وحزب الإصلاح تمثل تصعيدا خطيرا ومحاولة لنسف الجهود الرامية للحوار والتوافق على آلية مناسبة لتنفيذ المبادرة الخليجية، وإصرارا واضحا من قبل الانقلابيين والمتمردين على الشرعية الدستورية إلى تفجير الوضع عسكريا وجر البلاد إلى أتون حرب أهلية».

من ناحية ثانية، علمت «الشرق الأوسط» أن جدلا وخلافات دارت في مؤتمر «جمعية علماء اليمن» بشأن مضامين البيان الختامي، خاصة بعد أن طرح بعض المشاركين في المؤتمر مقترحات بأن يقدم صالح تنازلات «من أجل حقن دماء اليمنيين»، إضافة إلى أن وسائل الإعلام منعت من التغطية. وأصدر المشاركون في الاجتماع بيانا حرموا فيه الخروج على ولي الأمر وكذا المظاهرات وغيرها من الاحتجاجات التي يواجهها نظام الرئيس علي عبد الله صالح منذ أكثر من 8 أشهر، وتضمن البيان عددا من المواقف والفتاوى والنقاط الهامة، أبرزها: «حرمة سفك الدماء وإزهاق الأرواح والتسبب في ذلك. حرمة الاعتداء على المعسكرات والجنود الذين يقومون بواجب حفظ الأمن والنظام في البلاد. المظاهرات والاعتصامات الحالية في الطرقات العامة والأحياء السكنية وما يحدث فيها محرمة شرعا وقانونا لما يترتب عليها من مفاسد كسفك الدماء والتعدي على الأمن وقطع للطرقات وإقلاق للسكينة العامة ولما تحمل من شعارات مخالفة للشرع، الاستجابة للدعوات والمخططات المغرضة الداخلية والخارجية الداعية لتفريق الأمة وتمزيق الوطن. حرمة تضليل الشباب وتعبئتهم والزج بهم في أعمال العنف وما يحصل اليوم لا يعد جهادا بأي وجه من الوجوه. يدعو علماء اليمن جميع الأطراف إلى رفع المظاهر المسلحة حقنا للدماء وتحقيقا للأمن والاستقرار، دعوة من أفتى بجواز الخروج على ولي الأمر إلى تقوى الله ومراجعة أنفسهم ومراقبة الله في السر والعلن والالتقاء بالعلماء والتحاور معهم على محكم كتاب الله وسنة رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم. ويدعو علماء اليمن الخارجين عن الجماعة من عسكريين ومدنيين بالرجوع إلى وحدة الصف ولم الشمل والوفاء بالعهد والقسم».

وكان الرئيس صالح اجتمع بالعلماء، في بداية المؤتمر، ووجه إليهم خطابا طالبهم فيه بإصدار ما سماه بـ«بيان حكم الشرع» تجاه ما يجري في اليمن، وهو ما فسرته المعارضة بأنه دعوة للعلماء لإصدار فتوى تبيح له القيام بحرب أهلية ضد مناوئيه وضرب ساحات الاعتصام بصورة شاملة.

وعقب اختتام مؤتمر العلماء، التقى صالح وفدا منهم وقال خلال اللقاء إن «ما يمر به الوطن من أزمة خانقة بسبب تعنت بعض الأطراف السياسية والممارسات الخارجة عن الدستور والقانون لأولئك الانقلابيين والرافضين للديمقراطية والمتمردين على الشرعية الدستورية بهدف الوصول إلى السلطة رغما عن إرادة الشعب التي عبر عنها في الانتخابات وعبر صناديق الاقتراع». ودعا العلماء إلى قول كلمة الحق وأن «يقدموا النصح لأولئك الذين لا تهمهم مصلحة الوطن ومصالح أبنائه الذين ينشدون الأمن والأمان والاستقرار بعيدا عن أجواء الخوف والرعب والإرهاب الذي تمارسه تلك القوى الانقلابية التي تعمل على تعطيل المصالح العامة والخاصة وتخريب المنشآت وتدميرها والاعتداء على المعسكرات وقتل أفراد الجيش والأمن الذين يؤدون واجبهم الديني والوطني في الدفاع عن الأمن والحفاظ على الأمن والاستقرار وكذلك عرقلة سير الدراسة في الجامعات والمدارس التي احتلوها وحولوها إلى ثكنات عسكرية وحرموا الطلاب والطالبات من التعليم الذي هو فريضة دينية وحق دستوري لكل أبناء الوطن». وتساءل «إذا كانت المعارضة تقوم بكل هذا التخريب وهي لا تملك أدوات السلطة فماذا ستعمل إذا وصلت إلى السلطة؟».