«ارتباك» في تعامل الجيش مع الإعلام المصري.. وجدل حول عودة الرقابة

تعطيل طبع «الفجر» واستقالة بلال فضل ومحمود سعد من «التحرير».. ومداهمة مقر «الجزيرة مباشر مصر» للمرة الثانية

TT

شهدت الساحة الإعلامية المصرية على مدار اليومين الماضيين جدلا كبيرا بسبب ما تردد عن مصادرة السلطات المصرية العدد الجديد من صحيفة «الفجر» الخاصة التي يرأس تحريرها الصحافي عادل حمودة، الذي اشتهر بمشاغباته الصحافية التي أدت به أكثر من مرة إلى قفص الاتهام في محاكم نظام الرئيس السابق حسني مبارك، بالإضافة إلى إعلان الصحافي بلال فضل والإعلامي محمود سعد استقالتيهما من قناة «التحرير» الفضائية، التي تعد من أبرز القنوات الفضائية التي تأسست بعد ثورة 25 يناير.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن عدد صحيفة «الفجر» تعطل في مطبعة مؤسسة «الأهرام» الحكومية لمدة أربع ساعات بسبب موضوع كتبه الدكتور محمد الباز نائب رئيس تحرير الصحيفة، يتعلق باجتماعات القائد العام للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مع الرئيس السابق مبارك خلال أيام الثورة، حيث ذهب ضابط جيش برتبة عميد إلى مطبعة «الأهرام» وطلب نسخة من الموضوع ليقرأه قبل الطبع، وأبدى اعتراضه عليه باعتبار أنه يخالف ما جاء في شهادة المشير طنطاوي أمام المحكمة في قضية قتل المتظاهرين السبت الماضي؛ إلا أن إدارة الصحيفة رفضت أي تعديل في الموضوع مستندة إلى أن شهادة المشير لم تُنشر ولم يُعلن عن فحواها رسميا، وإن رشحت عنها تسريبات غير رسمية، وبعد اتصالات أجراها الضابط لمدة أربع ساعات، سمح بطبع العدد دون أي حذف أو تعديل على الموضوع.

وقال الدكتور محمد الباز لـ«الشرق الأوسط»: «العدد لم تتم مصادرته، وهو موجود في الأسواق يوم أمس، بنفس العناوين والموضوعات ودون حذف».

وأضاف الباز: «أرى أن هناك ارتباكا شديدا في التعامل مع الصحافة، لأن العسكريين غير محنكين في التعامل مع الإعلام بشكل كاف، فالعسكريون تركيبتهم أنهم يصدرون الأوامر فتنفذ وتطاع».

واعتبر الباز أن هذا التعامل لا يصلح مع الصحافة التي اعتبر أنها شهدت قفزات واسعة في الحريات في عهد الرئيس السابق، وقال: «ستكون هناك مقاومة لأي محاولة لإعادة الإعلام للمربع صفر مرة أخرى».

وأضاف: «قد يكون هناك شيء خفي يدبر وهم يتعاملون مع الإعلام بهذه القسوة والقوة حتى لا يقترب منه أحد ويبقى خفيا»، إلا أنه يفصح عن طبيعة ما يدبر.

من جهة أخرى، أعلن الصحافي بلال فضل والإعلامي محمود سعد استقالتيهما من العمل في قناة «التحرير» الفضائية، التي تعد أبرز القنوات التي تأسست بعد ثورة 25 يناير.

ونفى بلال فضل على حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أن يكون سبب رحيله عن القناة هو الضغوط السياسية. وقال قررت الانسحاب «لخلافات إدارية وفنية مع إدارة القناة». وتابع: «ما فيش أي ضغوط سياسية ولا دياولو، وربنا يفرجها بحتة كويسة الواحد يعمل برنامج عصير الكتب».

ونفى بلال وجود أي خلافات مع الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى أحد مقدمي البرنامج مع محمود سعد وعمرو الليثي، موضحا: «عيسى ليس مديرا للقناة، لكنه مساهم فيها وشاهدت معه حلقة محمود سعد وهو يعرف موقفي». وقال: «مديرو المحطة أشخاص محترمون لكني لم أتوافق معهم».

ورفض بلال ما تردد عن أن استقالته جاءت بسبب شبهات حول مصادر تمويل القناة، قائلا: «من العيب أن يصمت الإنسان على اتهامات توجه للقناة بخصوص التمويل، لأنني لم أكن سأشارك في قناة هناك شبهات حول تمويلها أساسا ما تسمعوش أي كلام». وقال: «اللي يهم الناس ما إذا كان في ضغوط سياسية ساعتها هاطلع أهلل ومش هاسكت.. إنما تفاصيل إدارية وفنية.. ودي حاجات ماتهمش حد».

وحول وجهته القادمة، أوضح فضل قائلا: «هدفي الوحيد الآن في موضوع البرامج هو إعادة استئناف عصير الكتب وقد حاولت مع التلفزيون المصري لكن يبدو أنني ما زلت على القوائم السوداء حتى الآن».

وقال فضل: «الموضوع كله مش مستاهل بالنسبة لي لإني ماكملتش ثلاث شهور؛ لكن الخسارة الحقيقية لأي قناة هي خسارة محمود سعد وجمهوره العريض».

وكان سعد قد أعلن استقالته على الهواء مباشرة في حلقة برنامج «في الميدان» الليلة قبل الماضية، موضحا أنه سيستقيل من القناة لأسباب شخصية، لم يوضحها.

إلى ذلك، داهمت الشرطة المصرية أمس مقر قناة «الجزيرة مباشر مصر» للمرة الثانية خلال شهر واحد.

وكانت شرطة المصنفات الفنية قد داهمت من قبل مقر قناة «الجزيرة مباشر مصر» وصادرت أجهزة بث مباشر وأوقفت مهندس البث لبعض الوقت قبل أن تطلق سراحه، وقالت الحكومة المصرية إن القناة خالفت القوانين واللوائح لأنها لم تستخرج تصريحات رسمية لعمل تلك الأجهزة.

وقالت مصادر إن شرطة المصنفات الفنية عاودت أمس مداهمة مقر القناة، رغم أنها لم تعد تعمل من القاهرة، واحتجزت اثنين من العاملين لبعض الوقت، مشيرة إلى أن المقر الحالي هو عبارة عن استوديو للتسجيل، به أجهزة كومبيوتر لبث المحتوى عبر الإنترنت، وهو أمر لا يخالف القانون، على حد قول المصادر.