آمال دمشق ضئيلة في بيع نفطها للصين والهند

بعد إغلاق الأسواق الأوروبية في وجهها

TT

حاولت السلطات السورية التخفيف من وطأة العقوبات الأوروبية التي استهدفت قطاعها النفطي، وأكد مسؤولون سوريون أن بإمكانهم إيجاد أسواق أخرى في آسيا، وأنهم ليسوا بحاجة للأسواق الأوروبية التي كانت تستهلك 95 في المائة من النفط السوري. ومن الأرجح أن سوريا قصدت الهند والصين عندما تحدثت عن أسواق في آسيا. ولكن هل تفكير السلطات السورية صائب؟ وما هي احتمالات أن يقدم العملاقان الآسيويان على استيراد النفط السوري، علما بأن بيانات الشحن في سوريا في شهر سبتمبر (أيلول) الحالي تظهر أنه لا شحنة واحدة غادرت المرافئ السورية؟

تعمل شركة النفط الوطنية الصينية، التي تمتلك حصصا في 40 حقلا نفطيا سوريا، وشركة النفط والغاز الطبيعي الهندية، التي تمتلك حصصا في 36 حقلا، بالشراكة مع سوريا رغم الضغوط الأميركية. وبمقدور الهند والصين استيعاب 150 ألف برميل نفط يوميا كانت تبيعها سوريا إلى دول الاتحاد الأوروبي، قبل بدء العقوبات.

وتشكل الصادرات النفطية 25 في المائة من عائدات التصدير السورية، وبموجب أسعار النفط اليوم، تقدر شحنات النفط السورية بنحو 4 مليارات دولار سنويا. ويشير اقتصاديون إلى أن سوريا قد تقبل بأسعار منخفضة لتصدير النفط إلى هاتين الدولتين نظرا لأن تكلفة تكرير النفط الخام السوري ووسائل النقل وتكلفة النقل بالنظر إلى المسافة ستضاعف من أسعار النفط في هاتين الدولتين اللتين يعيش فيهما ثلث سكان العالم.

ويقول اقتصادي بارز: «بقدر الاهتمام الهندي والصيني، ربما تحاول هاتان الدولتان شراء بعض كميات النفط السوري، لكن الكميات أقل من أن تجازف كلتا الدولتين من أجلها». وفي الوقت نفسه، أشارت شركة النفط الوطنية الصينية إلى أن «حجم الصادرات السورية من النفط صغيرة نسبيا، لذا فلن يكون من الملائم تحميل ونقل النفط الخام السوري إلى الصين. ولا نتوقع إمكانية الطلب على النفط السوري في الآونة القادمة. لكن إذا كان النفط السوري رخيصا بما يكفي فلا نستبعد إمكانية شرائه من أجل المستقبل».

وإذا ما حاولت الصين القيام بهذه الخطوة فسيكون من الصعب عليها القيام بذلك لأن سوريا تنتج نفطا خاما ثقيلا يتطلب منشآت مكلفة ومتخصصة لتكريره، في الوقت الذي تفتقر فيه الصين إلى معامل التكرير الملائمة للتعامل مع النفط الخام الثقيل. وعلى الرغم من تحديث الصين بعض معامل التكرير للتعامل مع النفط الخام الثقيل، فإنها مصممة للتعامل مع نوع النفط الخام الذي تحصل عليه من فنزويلا. ومن ثم يتوقع ألا تتمكن الصين من القيام باستيراد النفط الخام السوري الثقيل.

في الوقت ذاته تواردت أنباء عن إمكانية قيام شركة النفط والغاز الطبيعي الهندية بفتح أبوابها أمام النفط الخام السوري، الذي تستورده الهند في الوقت الحالي. وتفكر الشركة في إرسال بعض النفط إلى معمل تكرير مانغالور ريفينري وبتروكيمكالز نظرا للمعاناة السورية في بيع النفط إلى الاتحاد الأوروبي. وتبلغ حصة شركة النفط والغاز الطبيعي من الشراكة المشتركة في سوريا ما بين 13 ألفا إلى 14 ألف برميل يوميا.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول رفيع في الشركة قوله: «ربما يكون من المعقول جلب النفط إلى الهند، وسيكون ذلك مكسبا كبيرا بالنسبة للهند فنحن بحاجة إلى النفط ونوعية النفط السوري جيدة، وإذا ما تمكنا من إحضاره إلى الهند فستتم الاستفادة منه بشكل كامل». بيد أنه عندما حاولت «الشرق الأوسط» الحصول على الموقف الرسمي للهند حيال شراء النفط السوري، لم يبد أي مسؤول استعداده للتعليق على الخبر.

وعلى الرغم من ذلك أكدت مصادر في الشركة أنهم يدرسون الفكرة لكنهم ينتظرون موافقة الحكومة الهندية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الشركة ستقوم بشراء حصتها من النفط من الحقول السورية أم شراء حصة الصين.

يذكر أن الهند تستورد 70 في المائة من احتياجاتها النفطية وتملك خامس أضخم طاقة تكريرية على مستوى العالم، وتعتبر المملكة العربية السعودية أضخم مزود نفطي لها حيث تزودها بنحو 18 في المائة من وارداتها النفطية تليها إيران بنسبة 16 في المائة ثم الكويت 10 في المائة والعراق 9 في المائة.