ملك المغرب والرئيس الفرنسي يدشنان في طنجة انطلاق القطار فائق السرعة

حضره الأمير مقرن بن عبد العزيز والأمير عبد العزيز بن عبد الله.. وتنفذه شركات فرنسية بتمويل تشارك فيه صناديق خليجية

TT

أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس بحضور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود رئيس الاستخبارات العامة في السعودية، والأمير مولاي رشيد شقيق العاهل المغربي، بمحطة قطار طنجة المدينة (شمال المغرب)، أمس، على انطلاقة أشغال إنجاز خط القطار فائق السرعة (تي جي في)، الذي سيربط بين مدينتي طنجة والدار البيضاء، بكلفة إجمالية تبلغ 20 مليار درهم (1.8 مليار يورو)، وهو المشروع الأول من نوعه في أفريقيا والعالم العربي، وتنفذه شركات فرنسية بتمويل تشارك فيها صناديق خليجية.

وخلال مراسم إطلاق المشروع التي حضرها أيضا الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي، قدم كريم غلاب وزير التجهيز والنقل، عرضا حول أهمية هذا المشروع الذي سيمكن من تعزيز وتحسين شبكة النقل بالمغرب، والذي يندرج في إطار سياسة المشاريع الكبرى التي تعرفها البلاد. وأشار غلاب إلى أن هذا المشروع، الذي يعد مرحلة مهمة في مسار تطوير البنيات التحتية للنقل بالمغرب، يتضمن إنشاء خط سككي جديد يربط بين طنجة والقنيطرة بطول 200 كيلومتر، مصمم من أجل سرعة قصوى تبلغ 350 كيلومترا في الساعة، وسيتم استغلاله بسرعة تجارية تبلغ 320 كيلومترا في الساعة. كما يشمل تجهيزات منها السكك ونظم الإشارات والاتصالات والمعدات الكهربائية إضافة إلى اقتناء قطارات ذات سرعة فائقة وبناء ورشة لصيانتها في طنجة.

وأضاف أنه ستتم تقوية الخط الحالي بين القنيطرة والدار البيضاء حتى تتمكن القطارات فائقة السرعة من دخول محطتي «الرباط أكدال»، و«الدار البيضاء المسافرين»، وأوضح غلاب أن مشروع خط القطار فائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء يعد المرحلة الأولى من المخطط المديري لخطوط القطارات فائقة السرعة الذي تقرر إنجازه منذ عام 2006، ويشمل إنجاز خطوط جديدة يبلغ طولها 1500 كيلومتر تشمل المحور «الأطلسي» طنجة والدار البيضاء ومراكش وأغادير، والمحور «المغاربي» الرباط وفاس ووجدة.

وقال إنه من المرتقب أن يؤدي تسيير هذا القطار فور الشروع في استغلاله في ديسمبر (كانون الأول) 2015، إلى تقليص مدة السفر، حيث سيتم قطع المسافة بين مدينتي طنجة والرباط في ظرف ساعة و20 دقيقة عوضا عن 3 ساعات و45 دقيقة، وبين طنجة والدار البيضاء في ظرف ساعتين و10 دقائق بدل أربع ساعات و45 دقيقة، كما سيتيح رفع عدد مستعملي هذا الخط لينتقل من مليوني مسافر سنويا حاليا إلى ما بين 6 و8 ملايين مسافر سنويا خلال السنوات الأولى من استغلاله، وكذا تحقيق التقارب بين منطقتين من أكثر المناطق حيوية ودينامية، وهما القطب التاريخي الرباط والدار البيضاء والقطب الصاعد حول طنجة.

وسيمكن خط القطار فائق السرعة من تحقيق مردودية اقتصادية تصل إلى تسعة في المائة وتحسين السلامة الطرقية والمحافظة على البيئة من خلال تجنب انبعاث 20 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، إلى جانب تحرير الطاقة الاستيعابية للخط السككي الحالي لفائدة نقل البضائع (الحاويات) بين الدار البيضاء وميناء طنجة المتوسط.

وأضاف الوزير غلاب أن من مزايا هذا المشروع أيضا أنه يجسد عمليا أهم محاور النقل ذات الأولوية التي تم اختيارها واعتمادها من طرف الاتحاد الأوروبي في إطار توسيع شبكات النقل الأوروبية إلى المناطق والبلدان المجاورة للاتحاد الأوروبي والتي تمت الإشارة إليها في إعلان باريس (2008) الخاص بالاتحاد من أجل المتوسط.

وأوضح المسؤول المغربي أنه تمت الاستعانة بنحو 310 خبراء للإشراف على تفاصيل المشروع الفنية والتقنية، مشيرا إلى أن فريق العمل يضم 189 مهندسا مغربيا و60 خبيرا من الشركة الفرنسية للسكك الحديدية نصفهم مقيمون بالرباط.

وأبرز أن تقدم إنجاز الدراسات الهندسية للمشروع قد بلغ نسبة 85 في المائة، على أن تستكمل بشكل نهائي مع نهاية سنة 2011 طبقا للجدول الزمني المسطر لإنجاز الأشغال. ووصل مبلغ الصفقات المبرمة حتى الآن 10.9 مليار درهم، أي ما يمثل 55 في المائة من الكلفة الإجمالية للمشروع في حين سيتم إبرام باقي الصفقات وهي بمبلغ 9.1 مليار درهم سنة 2012. وبفضل إنجاز خط القطار فائق السرعة، سيكون المغرب أول بلد عربي وأفريقي يتوفر على نظام متطور وذي مستوى تكنولوجي عال في مجال النقل السككي بما يفتح الباب على مصراعيه لتحقيق منجزات ضخمة في المستقبل. وسيسهم هذا المشروع الذي سيفتح آفاقا جديدة لتطوير نظام النقل وقطاع النقل عبر السكك الحديدية بالمغرب في مواكبة الارتفاع المتزايد الذي يعرفه نشاط النقل عبر السكك الحديدة للمسافرين خاصة على محور طنجة الدار البيضاء (70 في المائة خلال الفترة ما بين 2002 و2009) ودعم النمو الذي يعرفه القطب الاقتصادي الجديد طنجة تطوان بتقليص المسافات بين شمال المغرب وجنوبه، وكذا تسهيل حركة نقل البضائع على هذا المحور.

ويتطلب إنجاز خط القطار فائق السرعة طنجة الدار البيضاء استثمارات مالية بقيمة 1.8 مليار يورو تسهم الدولة المغربية في تمويله بـ (414 مليون يورو) وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (86 مليون يورو)، وفرنسا (920 مليون يورو) والصندوق السعودي للتنمية (144 مليون يورو) والصندوق الكويتي للإنماء الاقتصادي العربي (100 مليون يورو) وصندوق أبوظبي للتنمية (70 مليون يورو) والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (66 مليون يورو).

كما جرت أمس مراسم التوقيع على اتفاق تمهيدي حول إنشاء معهد للتدريب في مهن السكك الحديدية في إطار شراكة بين المكتب الوطني للسكك الحديدية (مؤسسة حكومية) والشركة الوطنية للسكك الحديدية بفرنسا. ووقع الاتفاق محمد ربيع الخليع المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، وغيوم بيبي المدير العام للشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية. وسيشكل القطار فائق السرعة، الذي بإمكانه نقل 500 مسافر، وسيلة النقل المفضلة لشريحة واسعة من المسافرين وذلك بهدف دفع جميع المستعملين الحاليين للقطارات إلى استعمال الشبكة الجديدة وبوتيرة مرتفعة، لا سيما أن مؤسسة السكك الحديدية تتوقع أن يصل عدد المسافرين في أفق عام 2035 إلى 133 مليون مسافر سنويا.

ومن المتوقع استنادا إلى جدول المشروع الانتهاء من الأشغال في نهاية عام 2014 على أن يتم بدء تشغيل الخط عام 2015، أي بعد إجراء التجارب الضرورية وفق معايير السلامة المعتمدة في هذا المجال. وحسب الدراسات الأولية فإن التكلفة الإجمالية لخط طنجة الدار البيضاء تقدر بـ 20 مليار درهم (2.5 مليار دولار) بما في ذلك بناء خط سكك حديدية لقطار فائق السرعة بين طنجة والقنيطرة بسرعة تصل إلى 350 كيلومترا في الساعة. وتشمل التكلفة الإجمالية للخط أيضا مستلزمات إجراء الربط الضروري مع شبكة السكك الحديدية التقليدية الموجودة حاليا ما بين محور الرباط الدار البيضاء ثم اقتناء القطارات فائقة السرعة. وسيستفيد هذا المشروع من الخبرة الفرنسية في إطار الشراكة التي تجمع المغرب وفرنسا، وتتعلق هذه العقود بعمليات تصميم وبناء وتشغيل الخط واستغلال المعدات والقاطرات وكذا تصور العروض التجارية وصيانة الخط السككي للقطار فائق السرعة.