«النزاهة» تطارد رعد شلال من بيجي إلى حديثة.. و«العراقية» تعدها «حرشة سياسية» تسبق اجتماعات الكتل الأسبوع المقبل

المتحدث باسم «الحل» لـ«الشرق الأوسط»: وزير الكهرباء السابق تجاهل قضية قديمة لا صلة لها بمنصبه

TT

في الوقت الذي لا تزال فيه مذكرات قبض واعتقال بحق مسؤولين عراقيين من بينهم وزراء منهم وزير الكهرباء الأسبق أيهم السامرائي الذي احتمى بجنسيته وجواز سفره الأميركيين ووزير التجارة السابق صفاء الدين الصافي الصادر بحقه مذكرة اعتقال من قبل إحدى المحاكم في محافظة البصرة بتهم تتعلق بالفساد المالي، غير مفعلة، فقد طاردت لجنة النزاهة الحكومية وزير الكهرباء المستقيل رعد شلال الذي ينتمي إلى القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي بقضية قديمة تعود إلى عام 2006 أيام كان مديرا لمحطة بيجي الكهربائية وذلك عندما حملت مذكرة لاعتقاله إلى مدينة حديثة حيث يقطن حاليا.

وفيما تضاربت الأنباء بشأن ما إذا كانت العملية هي استجواب من قبل محققين في هيئة النزاهة أم مذكرة إلقاء قبض، فإن النائب في البرلمان العراقي والناطق باسم كتلة «الحل» البرلمانية المنضوية في القائمة العراقية زياد الذرب، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «العملية كانت مذكرة إلقاء قبض صدرت بحق وزير الكهرباء المستقيل رعد شلال الذي ينتمي إلى كتلة (الحل) النيابية التي هي أحد مكونات ائتلاف العراقية على قضية قديمة تعود إلى عمله عامي 2006 و2007 عندما كان مديرا لمحطة بيجي الكهربائية، وحيث إن الوضع الأمني وقتذاك لم يكن يسمح له بالتحرك بصورة طبيعية، فإنه تجاهل مذكرات استقدام إلى هيئة النزاهة في وقتها لقناعته بأن المسألة بسيطة ولا تتعلق بتهم فساد مالي أو إداري»، مشيرا إلى أن «هيئة النزاهة تذكرت الآن أنها سبق أن خاطبت شلال أكثر من مرة ولم يحضر إلى بغداد، علما بأنه شغل في ما بعد منصب مستشار في وزارة الكهرباء، ومن ثم وزيرا لها. ولم يتم تفعيل مثل هذه المذكرة التي تحولت الآن إلى مذكرة اعتقال من منطلق أنه في حال عدم حضوره حين يستدعى مرتين، فإنه في المرة الثالثة يتحول الأمر إلى عملية إلقاء قبض بحقه». وحول إذا ما كانت العملية استهدافا سياسيا للقائمة العراقية أم إنها مسألة مهنية بحتة، قال الذرب: «لا نستبعد أن تكون العملية برمتها حرشة سياسية بـ(العراقية) خصوصا لإصرارها على فتح ملف الفساد كلها، لا سيما أن ما يسمى بالعقود الوهمية هي ليست من صنع رعد شلال، وإنما تمت بأسلوب طبيعي عبر عملية الدفع بالآجال وبمبالغ تعدت صلاحياته كوزير. وبالتالي، فإن التوقيع عليها تم من قبل لجنة الطاقة التي يرأسها نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني وبمصادقة من مجلس الوزراء، ولكن ظهر أن الشركة مفلسة.. فهذه مسألة أخرى. ثم إن الدولة لم تدفع فلسا واحدا لهذه الشركات». وأوضح الذرب أن «شلال أطلق سراحه بعد تدخلات من قبل جهات ومسؤولين على أن يتعهد بالحضور الأسبوع المقبل إلى هيئة النزاهة في بغداد للإجابة عن أسئلة واستفسارات تسبق عمله الوزاري بعدة سنوات، علما بأن لا دليل على رعد شلال في أي ملف من ملفات الفساد، وهو واثق من نفسه تماما، فضلا عن أنه رجل مهني وكفء في إطار عمله».

من جهته، أكد الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار البيرقدار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود «مذكرة اعتقال بحق وزير الدولة الحالي لشؤون مجلس النواب صفاء الدين الصافي على خلفية تهم تتعلق بالفساد المالي عندما كان يعمل وزيرا للتجارة بالوكالة»، مشيرا إلى أن «تفعيل المذكرة أمر يخص الجهات التنفيذية، لا سيما أن مكان صدور المذكرة هو محافظة البصرة».

من جانبها، أكدت القيادية في «العراقية» وعضو البرلمان ناهدة الدايني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لو كان رعد شلال يخفي عمليات فساد أو متورط بها لكان قد لحق الوزراء الذين سبق أن سرقوا ونهبوا المال العام وهربوا أو تم إخراجهم علنا إلى الخارج دون أن يلاحقهم أحد، وليس أن يذهب إلى مدينته (حديثة) بعد أن تحدث بشكل واضح أمام البرلمان بشان قضية العقود الوهمية في وزارة الكهرباء»، مشيرة إلى أن «شلال الذي سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال قبل مدة، يبدو الآن مستهدفا مثلما أن القائمة العراقية التي ينتمي إليها هي الأخرى مستهدفة، خصوصا مع اقتراب موعد اجتماعات الكتل السياسية الأسبوع المقبل، حيث حان وقت تنفيذ الاتفاقيات والاستحقاقات»، مشيرة إلى أن «افتعال قضايا جانبية مثل إصدار مذكرة إلقاء قبض بحق الوزير المستقيل بخصوص مسألة لا تتعلق بمنصبه الوزاري، بينما لم يسأله أحد عليها طوال السنوات الماضية حيث تم تأجيلها إلى اليوم، إنما هي محاولة لإضعاف القائمة العراقية، خصوصا أنها الآن في موقع قوي بعد أن تم استنفاد كل المحاولات الهادفة إلى تمييع اتفاقات الشراكة وآخرها الآن نقل المعركة بعيدا عن الاستحقاقات المطلوب تنفيذها».

وأوضحت الدايني أن «القائمة العراقية تطالب بفتح كل ملفات الفساد ولا تحمي أحدا، بل إنها هي التي تطالب بكشف حساب لكل الفاسدين والمفسدين ومنهم وزراء في الحكومة وعليهم مذكرات اعتقال ولكنهم ينتمون إلى أحزاب السلطة فإنهم محميون، بينما التقارير الدولية تضع العراق في المراتب الأولى في قائمة الفساد، علما بأن الفساد هو أحد أهم عوامل انهيار أية حكومة ما لم تجد الآليات الصحيحة لمحاربته، ولكن ليس عبر استهداف جهة وحماية جهة أخرى». وأشارت الدايني إلى أنه «مما يستغرب له المرء هو أن العديد من وزراء (العراقية) أو مرشحيها من النواب لمناصب وزارية ومنها منصب وزير الدفاع، سرعان ما تثار ضدهم قضية شمولهم بإجراءات (المساءلة والعدالة)، علما بأنهم كانوا نوابا ولم يتم التطرق إلى هذا الموضوع الذي أصبح سيفا مسلطا على (العراقية) متى ما أراد الآخرون ذلك، وهو ما يخل بأهم أسس الشراكة الوطنية». يأتي ذلك، في وقت تستعد فيه الكتل السياسية لعقد اجتماعات حاسمة بعد عودة رئيس الجمهورية جلال طالباني من نيويورك، فضلا عن وصول وفد سياسي كردي إلى بغداد الأسبوع المقبل، إضافة إلى زيارة وشيكة لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أجرى خلال اليومين الماضيين سلسلة اتصالات هاتفية مع عدد من الزعماء العراقيين؛ أبرزهم زعيم «العراقية» إياد علاوي الذي نقل مقربون عنه لـ«الشرق الأوسط» استياء الإدارة الأميركية مما اعتبرته تنصلا من رئيس الوزراء نوري المالكي من التعهدات التي سبق أن قطعها للإدارة الأميركية، سواء في ما يتعلق بتطبيق أسس الشراكة الوطنية أو قضية المدربين الأميركيين للقوات العسكرية العراقية.