قيادي سابق بالحزب الحاكم «المنحل» يشن هجوما على نظام التعليم في عصر مبارك

رصد سجلا حافلا بالإخفاقات.. ويسعى بحزب جديد لنهضة مجتمعية

TT

من بين حزمة المشكلات التي يواجهها المصريون تبرز قضية التعليم كتحد أكبر، ونقطة فاصلة في عملية النهوض بالمجتمع على شتى المستويات. فحتى الآن يكافح المصريون، من أجل توفير التعليم لأبنائهم في إطار المدارس الحكومية والتي تتسم غالبا بتدني المستوى، أو في مدارس أجنبية مرتفعة المصاريف. ورغم تشدق الحكومات المتعاقبة بمجانية التعليم؛ فإنه ظل في مصر لسنين طويلة هو الآخر يعاني من التلوث والفساد كنظيريه الماء والهواء. ويأمل ملايين المصريين في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير أن تصل نسمات الثورة إلى التعليم المصري بمختلف قطاعاته ومراحله.

وعلى هامش أجندة التعليم يقف نحو 17 مليون أمي بمصر، يمثلون تحديا آخر في عملية النهضة المرجوة حاليا، وذلك حسب تقديرات الدكتور حسام بدراوي، الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل (الحاكم سابقا)، أحد أشهر الوجوه المهتمة بالتعليم في مصر لسنوات مضت.

وقبل أيام أصدر بدراوي كتابا يطرح فيه رؤيته لإصلاح التعليم في مصر تحت عنوان «التعليم.. الفرصة للإنقاذ» ألقت «رويترز» الضوء عليه، ويأتي ضمن سلسلة بعنوان «الطريق إلى النهضة»، ستتبعها معالجات لقضايا الديمقراطية والصحة والعشوائيات. في كتاب عن التعليم رصد بدراوي سجلا حافلا بالإخفاقات التعليمية في عصر الرئيس السابق حسني مبارك. وزاد بدراوي على رقم الأمية الحالك حين قال «إن الرقم لا يشمل المتخرجين من المدارس الذين لا يعرفون القراءة والكتابة كذلك الذين يعرفون الكتابة ولكنهم عاجزون عن التفكير».

ورغم أن التعليم في مصر مجاني بالأساس، فإن بدراوي وصف مجانية التعليم في مصر بالأكذوبة في ظل شيوع الاعتماد على الدروس الخصوصية التي قال إنها تستهلك سنويا 15 مليار جنيه مصري (2.5 مليون دولار أميركي) وهو ما يشكل عبئا وضغطا كبيرا على ميزانية الأسر المصرية، بالإضافة إلى أنها تفرغ مجانية التعليم من مضمونها، فهي «مدارس بلا تعليم وتعليم بلا مدارس»، حسبما وصفها أستاذ الأدب الراحل الدكتور شكري عياد.

ويعتقد بدراوي أن المستفيدين من هذه الدروس يشكلون جماعة مصالح وضغط حقيقية لمقاومة أي جهود حقيقية لإصلاح التعليم مضيفا أن الظاهرة أحبطت ملايين المدرسين المتميزين.

وكان لبدراوي، الأستاذ بكلية الطب بجامعة القاهرة، دور سياسي في الحزب الوطني المنحل حيث كان برلمانيا بارزا به كما تولى رئاسة لجنة التعليم والبحث العلمي في أمانة السياسات التي ترأسها جمال مبارك نجل الرئيس السابق، إلى أن تولى أمانة الحزب في الخامس من فبراير (شباط) الماضي في قلب الفترة التي قضت على النظام السابق في مصر، لكن بدراوي عاد من جديد للواجهة السياسية في مصر عبر حزب الاتحاد الذي يرأسه.

ويتبني حزب بدراوي الجديد مشروعا ثقافيا جديدا يقوم على إحداث تغيير سلوكي في وجدان المجتمع بالاعتماد على تطوير التعليم، وتعظيم قيمة التفكير العلمي والعمل كفريق، وتوفير المناخ الملائم للإبداع والابتكار، ويشمل هذا التطوير كل مراحل التعليم «العام والفني والأزهري والعالي»، كما يؤكد حزبه على أهمية تطوير البحث العلمي وسياسات الابتكار والعلوم والتكنولوجيا ذلك كما جاء في برنامج الحزب.

وفي بلد عانى لعقود من تهميش البحث العلمي وضآلة نسبته من الناتج القومي الإجمالي، فإن بدراوي يقترح خطة من 20 عاما لبناء قاعدة علمية قوية مؤهلة عن طريق إرسال ما لا يقل عن ثلاثة آلاف باحث ودارس سنويا إلى جامعات الدول المتقدمة لتثمر في النهاية عن 60 ألف باحث وعضو هيئة تدريس بالجامعات مسلحين بالمناهج والمهارات العلمية اللازمة للتنمية الشاملة.

ورغم أن بدراوي كان في موقف الخصم أثناء ثورة الشعب المصر كونه أحد قيادات الحزب الذي قامت الثورة ضد فساده، فإنه خصص فصلا من كتابه تحت عنوان «التعليم والمواطنة» أوضح فيه أن ما حدث أثبت أن شباب مصر يحمل جينات الانتماء لوطنه حاملا ذاكرة تاريخه وتراكما وطنيا عظيما نفخر به، ويعتقد أن قدرات مصر البشرية القائمة والكامنة لم يتم الانتفاع بها على نحو كاف.

المثير كما يقول بدراوي أن مشكلات التعليم في مصر معروفة للجميع ولكن المشكلة الأكبر تكمن في تباطؤ أو تجاهل تنفيذ الخطط والمقترحات وهو ما تناوله كتابه في 15 فصلا تحت عنوان «الفرصة الضائعة»، لكنه يعتقد، مع ملايين المصريين، أن الفرصة الضائعة، أصبحت الآن سانحة لتنفيذ كل رؤى التطوير والتقدم في كل مجالات النهضة وليس فقط التعليم.