الجزائر: مسؤول هيئة حقوقية مرتبطة برئاسة الجمهورية يدعو إلى تحديد مدة حظر السياسة على نشطاء «الإنقاذ»

TT

قال رئيس هيئة حقوقية جزائرية تعمل تحت إشراف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إن السلطات مدعوة لتحديد مدة منع نشطاء «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، من العودة إلى السياسة، وأن تكون العقوبة بحقهم فردية وليست جماعية، مما يعني مراجعة مضمون «ميثاق السلم والمصالحة» الذي تقول الحكومة إنه «كسر شوكة الإرهاب». ودعا المسؤول نفسه إلى صرف تعويضات لضحايا الأزمة الأمنية أسوة بالطريقة التي اعتمدها المغرب.

وأوضح فاروق قسنطيني، رئيس «لجنة حماية حقوق الإنسان»، في لقاء مع صحافيين أمس بالعاصمة، أن سياسة «المصالحة» التي مضى أمس على تطبيقها ست سنوات (استفاء المصالحة جرى في 29 سبتمبر/ أيلول 2005) «حققت نتائجها». وأهم ما «أنجزته» حسب قسنطيني، أنها «أقنعت آلاف الأشخاص بعدم جدوى حمل السلاح»، ولم يوضح كيف تم ذلك عمليا، لكن يفهم من كلامه أن التعويضات التي صرفتها الدولة على ضحايا الإرهاب وعائلات ضحايا الاختفاءات القسرية، أزالت حالة احتقان حادة في أوساط ما يعرف بـ«ضحايا المأساة الوطنية»، وقطعت الطريق أمام احتمال التحاقهم بالمسلحين الإسلاميين.

وسئل قسنطيني عما يتضمنه «ميثاق المصالحة»، بخصوص منع قيادات ومناضلي «جبهة الإنقاذ» من العودة إلى السياسة، ومدى جواز ذلك قانونا، فقال «ينبغي أن تحدد فترة الحظر السياسي بالنسبة لهؤلاء، وأن تحدد أسماؤهم لأن العقوبة ينبغي أن تكون فردية وليست جماعية». ومعروف أن «الميثاق» يحمّل «الإنقاذ» أو «الحزب المحظور»، كما تسميه أغلب الصحف، مسؤولية الدعوة إلى الجهاد مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي. وعلى هذا الأساس، يتحمل قادته مسؤولية الدماء التي سالت، مما جعل الرئيس يقرر منعهم من العودة إلى السياسة. لكن «الميثاق» لا يشير إلى أحد منهم بالاسم، والشائع أن المعنيين هم عباسي مدني، رئيس «الإنقاذ» سابقا، ونائبه علي بن حاج، وبعض القياديين الذين دخلوا السجن.

وطالب قسنطيني بصرف تعويضات لفائدة مئات الأشخاص الذين فقدوا أملاكهم بسبب أعمال الإرهاب. واعتبر ملف ضحايا الاختفاءات القسرية مغلقا، رغم إصرار قطاع من عائلات المفقودين على القصاص من المتسببين في اختفاء ذويهم. يشار إلى أن «الميثاق»، يتضمن تحريك دعوى قضائية ضد أي شخص يتهم هيئة أو عضوا بقوات الأمن بالمسؤولية في ملف الاختفاءات.

وطلب قسنطيني من السلطات «أن تحذو حذو الدولة المغربية التي صرفت نصف مليار دولار، على ضحايا انتهاكات ماضي حقوق الإنسان على سبيل التعويض، فلماذا لا يحصل ضحايا المأساة عندنا على التعويض ما دامت الجزائر أغنى من المغرب؟».

وحول الجدل الذي أثير في وقت سابق، بخصوص عفو شامل محتمل لفائدة أفراد الجماعات المسلحة، قال قسنطيني إن الرئيس بوتفليقة «هو وحده من يمكنه اتخاذ قرار سياسي كهذا»، مشيرا إلى أن بلدانا كثيرة عاشت ظروفا مشابهة لظروف الجزائر، عالجت أزماتها بواسطة عفو شامل عن المتسببين فيها «فلا مانع إذن أن تفعل الجزائر الشيء نفسه».

وطرح موضوع «العفو الشامل» عام 2006، من منطلق أن سياسة التهدئة التي انتهجتها السلطات (المصالحة وقبلها الوئام المدني عام 1999)، عاجزة عن إقناع المسلحين بالعدول عن الإرهاب. وكان بوتفليقة أول من تعاطى مع الفكرة، لكنه لم ينفذها لأسباب غير معروفة.