دروس في قيادة الدبابات.. ونساء يتفقدن جبهة بني وليد

حضرن للاطمئنان على أقربائهن وأفراد عائلاتهن الذين يقاتلون هناك

TT

يجلس فتحي مسعود على ظهر دبابة تحلق حولها 15 مقاتلا، ملقيا على مسامع هؤلاء درسا حول كيفية قيادة هذه الآلية، في خطوة يقول الثوار الليبيون إنها تأتي ضمن حملة إعادة تنظيم للمقاتلين الساعين للسيطرة على بني وليد، على بعد 170 كلم جنوب شرقي طرابلس.

ويواجه المقاتلون الليبيون في بني وليد، أحد آخر معاقل القوات الموالية لمعمر القذافي الفار، مقاومة عنيفة، وخصوصا من نيران القناصة ومطلقي الصواريخ الحرارية، كما يقول مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي موازاة معاركهم القاسية مع قوات العقيد القذافي، التي قتل فيها منذ بداية القتال أكثر من 40 من الثوار، بحسب مصادر طبية، فإن هؤلاء المقاتلين يعانون من نقص في التنظيم والتنسيق فيما بينهم.

ويتنقل فتحي مسعود دوة (46 عاما)، الذي يقول إنه خدم في الجيش الليبي مدة 30 سنة قبل أن ينضم إلى الثورة التي أنهت أربعة عقود من حكم القذافي، على ظهر الدبابة الروسية الصنع، متحدثا تارة عن كيفية توجيهها، وتارة أخرى عن طريقة استخدام نيرانها.

ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية في موقع يبعد عدة كيلومترات عن مدينة بني وليد وتتمركز فيه سبع دبابات: «هذا أجمل يوم في حياتي».

ويضيف أن مقاتلي المجلس الوطني الليبي الانتقالي «يعبرون عن رغبة كبيرة في التعلم لخدمة الوطن في هذه المعركة، وترسيخ مبدأ التنظيم الذي غاب عن جبهتنا في بني وليد».

وكان عدد من القادة الميدانيين أبلغوا الوكالة ذاتها الأسبوع الماضي أنهم أطلقوا حملة لإعادة تنظيم صفوف الثوار الذين يقاتلون في بني وليد منذ أقل من ثلاثة أسابيع، من دون أن يحققوا اختراقا كبيرا على هذه الجبهة.

ويقول محمد أبو راس (24 عاما) من موقع يبعد كيلومترات قليلة عن وسط بني وليد: «هذه المدينة هي الأصعب جغرافيا، كما أننا نقاتل فيها جيوشا مدربة».

ويوضح أن «المقاتلين هنا لا يملكون خبرة قتالية كبيرة في استخدام الأسلحة الثقيلة، بل إن خبرتهم غالبا ما تنحصر في قتال الشوارع».

وتابع الطالب الجامعي، وهو يحتمي خلف جدار منزل تتساقط على بعد أمتار منه قذائف تطلقها القوات الموالية للقذافي من قلب بني وليد: «التنظيم هو أهم عامل للفوز في هذه المعركة، وهذا ما بدأنا نلمسه على الأرض».

وظهر أمس، تم تنسيق أكبر بين الكتائب المختلفة التي تقاتل للسيطرة على بني وليد، فتوزعت المجموعات في مواقع محصنة وتولى قادتها تنظيم القتال فيما بينهم، إلى جانب عملية دخول وخروج المقاتلين، الذين حصلوا على ملابس موحدة، عند الخطوط الأمامية للمعارك.

وانتشرت الإطارات المشتعلة بالقرب من عدد من الدبابات في محاولة لحمايتها من الصواريخ الحرارية التي أودى أحدها مساء الثلاثاء بحياة قائد الجبهة الشمالية في بني وليد، ضو الصالحين الجدك.

وقال عبد الرحيم شقوارة، الآتي من العاصمة طرابلس ليقاتل في بني وليد برفقة ثلاثة من أبنائه: «طوال الفترة الماضية كنا نتقدم ونتراجع وأحيانا نخسر رجالا بسبب سوء التنسيق والتنظيم».

واعتبر أن «المعركة ستتغير في الأيام المقبلة، بعد أن عقد القادة الميدانيون صباح أمس اجتماعا، وحدوا خلاله القيادة في الجبهة».

وتابع وسط هتاف «دم الشهداء لا يذهب هباء»، الذي كان يطلقه مقاتلون وقفوا إلى جانبه، أن «استشهاد ضو الصالحين يزيدنا عزيمة على القتال حتى تحرير المدينة والقبض على سيف الإسلام القذافي».

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع في المجلس الانتقالي، أحمد باني، أكد، أول من أمس، أن نجل القذافي موجود بالفعل في بني وليد.

وفي خطوة نادرة، تنقلت بين المواقع الأمامية للثوار أمس مجموعة من النساء اللواتي حضرن للاطمئنان على أقربائهن وأفراد عائلاتهن، الذين يقاتلون هناك.

وهلل الثوار لحضور النسوة، بينما كانت الأغاني الثورية تصدح من السيارات. وقالت إحدى الزائرات، وهي طبيبة أطفال: «جئنا للاطمئنان على أقربائنا الذين يقاتلون هناك، ونقول لهم: نحن معكم في الصفوف الأمامية والله سينصركم بالتأكيد».

وأكد شقوارة أن «معركة بني وليد ستكون آخر المعارك، ونحن بانتظار الثوار الذين يقاتلون في سرت (360 كلم شرق طرابلس) للسيطرة على تلك المدينة، والعودة إلينا حتى نسقط هذا المعقل أيضا».