رئيس المجلس الانتقالي الليبي يسعى لتأمين طرابلس من الطابور الخامس

عبد الجليل طالب قوات الثوار بإعادة الحياة إلى طبيعتها بالعاصمة في أسرع وقت ممكن

ثائر ليبي يتحدث مع مواطن في أحد شوارع طرابلس أمس (أ.ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن جانبا كبيرا من الاجتماعات المغلقة التي بدأها المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي في طرابلس، ركزت على تأمين العاصمة، وإعادة ترتيب أوضاع الوحدات العسكرية والكتائب الأمنية التابعة للثوار ولجيش تحرير ليبيا الوطني المناهض لنظام حكم العقيد الهارب معمر القذافي.

وقالت مصادر مقربة من عبد الجليل لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس «إن عبد الجليل استأنف اجتماعاته أمس في مكان غير معلوم فرضت عليه الإجراءات الأمنية المشددة مع قيادات الثوار العسكرية»، مشيرة إلى أن الاجتماعات ناقشت إعادة تمركز قوات الثوار حول وداخل طرابلس لتوفير المزيد من الأمن والاستقرار لسكان العاصمة الذين يربو عددهم على نحو مليون ونصف المليون نسمة.

وأشارت المصادر إلى غياب عبد الحكيم بلحاج، رئيس المجلس العسكري لطرابلس، عن الاجتماعات، لكنها لم تكشف مبررات هذا الغياب غير المتوقع، فيما لم يكن متاحا الحصول على تعقيب فوري من بلحاج الذي أغلق هاتفه الجوال. وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، إن الاجتماعات المغلقة تتم مع مجموعة محدودة من قيادات الثوار العسكرية والأمنية، مشيرة إلى أن النقاشات كلها تتمحور حول الوضع العسكري والأمني في ضوء رغبة المجلس الوطني في ضبط إيقاع الأمور في العاصمة، على حد تعبيرها. وأوضحت أن الاجتماعات ناقشت أيضا التفاصيل المتعلقة بوضع كل سرايا الثوار وأماكن تمركزها، بالإضافة إلى الصلاحيات المخولة لكل منها في المناطق التي سيتم توزيعها عليها في محاولة لإنهاء أي وجود لأي عناصر محسوبة على نظام القذافي أو ما يعرف باسم الطابور الخامس.

وقال مسؤول عسكري من الثوار شارك في اجتماعات أمس لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس المجلس الانتقالي شدد في كلامه مع مسؤولي الثوار على ضرورة تأمين العاصمة بشكل جيد، وحرمان فلول نظام القذافي من محاولة تشويه الوضع في المدينة بأي شكل من الأشكال أو القيام بعمليات إرهابية لترويع المواطنين. وأضاف «هذه اجتماعات سرية مغلقة، ناقشنا فيها كل ما يتعلق بالوضع الأمني والعسكري في مدينة كبيرة ومهمة بحجم طرابلس. لا يمكننا كشف كل شيء علنا لوسائل الإعلام، لكننا تحدثنا عن كل التفاصيل التي يمكن تصورها بما في ذلك قواعد ضبط الخارجين عن القانون أو النظام». وتابع «لا نريد أن نعطى فرصة لفلول نظام القذافي لأن تربك حياة المواطنين العاديين. الثوار لديهم مهام جسيمة في هذه المرحلة ونسعى للقيام بها».

كما طالب عبد الجليل قوات الثوار بالمساهمة في إعادة الحياة إلى طبيعتها في طرابلس بأسرع وقت ممكن، مؤكدا على أهمية حسن التعامل مع الجماهير واحتواء مشاكلهم المختلفة. وبينما كان عبد الجليل يجتمع مع قيادات الثوار جرت عمليات سلب ونهب لبعض المؤسسات الحكومية في طرابلس، فيما قال مسؤولون من قيادات الثوار لـ«الشرق الأوسط» إن من يقومون بها هم قلة من المندسين الذين يستهدفون تشويه صورة الثوار لدى الرأي العام المحلي.

وكان مقررا أن يعقد الدكتور محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي التابع للمجلس الانتقالي، مؤتمرا صحافيا مساء أمس في طرابلس للرد على كل الانتقادات الموجهة إليه بخصوص الحكومة الانتقالية التي يترأسها وتأجل الإعلان عنها مرتين بسبب تصاعد الجدل السياسي في العاصمة.

ميدانيا، سيطرت قوات الثوار على مطار مدينة سرت مسقط رأس العقيد القذافي وإحدى بؤرتي دعم رئيسيتين له، فيما قال مصدر من الأمم المتحدة إن المجلس الوطني الانتقالي طلب من المنظمة الدولية الحصول على وقود لسيارات الإسعاف لإجلاء الجرحى من مدينة سرت المحاصرة.

وأضاف المصدر لوكالة «رويترز» أن مدنيين كانوا يفرون من المدينة الساحلية التي يسيطر على بعض مناطقها مقاتلون موالون للقذافي قبيل الفجر عندما بدأت القوات الموالية للقذافي في حراسة نقاط التفتيش.

وبعدما أعلن أن الأمم المتحدة ترسل صهاريج من مياه الشرب النظيفة بسبب زيادة تدفق المدنيين ممن اكتظت بهم السيارات في الطريق القادم من سرت في اتجاه بنغازي غربا أو مصراتة شرقا، لفت إلى أن القتال المحيط بالمدينة واستمرار زعزعة الأمن حول منطقة بني وليد، وهي المعقل الوحيد الآخر للموالين للقذافي، منع الأمم المتحدة من إرسال عمال الإغاثة إليهما. وأضاف «هناك مكانان نريد حقا الدخول إليهما هما سرت وبني وليد بسبب القلق من أثر الصراع على المدنيين». وقال «نعلم أن هناك معارك مستعرة ونريد الدخول إلى سرت لكن ما من أحد تمكن من دخول المدينة. سمعنا أن هناك الكثير من القتلى والجرحى الذين يرسلون في اتجاه مصراتة». وأضاف «تلقينا طلبا بالحصول على وقود لسيارات الإسعاف من المجلس الوطني الانتقالي لنقل الجرحى من خطوط الجبهة غربا. هذا يعطي مؤشرا على أن الإمدادات ربما لا تكون تصل بشكل فعال كما يرغبون، وأننا نحتاج إلى التدخل لندعمهم».

وقال إن مسؤولي الأمم المتحدة ليس لديهم اتصال مباشر بالقوات الموالية للقذافي المتحصنة في سرت حيث يتبادل الجانبان الاتهامات بقطع الماء والكهرباء، مضيفا «وردت لنا تقارير قبل يومين عن أن ما يصل إلى 250 سيارة يوميا تتجه غربا قبل أن تبدأ القوات الموالية للقذافي في حراسة نقاط التفتيش».