مخاوف من أن يلقى الناشط أنس الشغري مصير غياث مطر بعد أنباء عن تعذيبه وإصابته بجروح

أول من دعا للتظاهر في بانياس.. وخدعه النظام بوعده بالإفراج عن ناشطين من بلدته إذا سلم نفسه

أنس الشغري
TT

أعرب المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «قلقه العميق» على حياة الناشط السوري أنس الشغري الذي كان محرك المظاهرات في مدينة بانياس الساحلية قبل اعتقاله في أبريل (نيسان) الماضي من قبل أجهزة الأمن السورية.

وكشف المرصد، الذي يتخذ من لندن مقرا له، أن «معلومات جديرة بالثقة تؤكد أن أنس قد تعرض للتعذيب وأصيب بجروح في رأسه في مقر أجهزة الأمن الذي يعتقل فيه منذ 14 مايو (أيار) الماضي»، ويبدي ناشطون قلقا من أن يلقى الشغري مصير الناشط الدمشقي غياث مطر الذي اقتلعت أجهزة الأمن حنجرته وسلمته إلى أهله جثة هامدة.

وكان ناشطون سوريون قد أنشأوا العديد من الصفحات على شبكة «فيس بوك» دعما للناشط الشاب أنس الشغري، الموقوف في السجون السورية بتهمة «التخطيط لإقامة إمارة إسلامية» هو وزير داخليتها، وفقا لتلفزيون «الدنيا» السوري.

ويتحدث أصدقاء أنس الشغري والمقربون منه عن أخلاقه العالية وحبه لأبناء منطقته ومساعدته الدائمة لهم؛ فهو، وفق ما يروون عنه صاحب شخصية قوية ومميزة وثقافة واسعة تثير الإعجاب.

ويتحدر أنس، الذي يدرس الاقتصاد في جامعة تشرين الحكومية، من قرية البيضا التي اقتحمتها أجهزة الأمن السورية منذ فترة واقتادت شبابها إلى ساحة، حيث نكلت بهم وأهانتهم وداستهم بالأقدام. وتداولت وسائل الإعلام أكثر من شريط يظهر هذه الممارسات بالصوت والصورة. وكان أنس، منذ اندلاع الثورة السورية برز في واجهة الأحداث، إذ إنه، وفق أحد أصدقائه، أول من دعا للتظاهر في بانياس بالتزامن مع انطلاق مظاهرة درعا، حيث كان يصلي يوم الجمعة في مسجد الرحمن في بانياس بتاريخ 18 مارس (آذار) الماضي، وبعد انتهاء الصلاة وقف في المسجد وقال: «أيها الناس.. من يرِد أن يطالب بحريته فليذهب معنا.. ومن لا يرِد الحرية فليعد إلى بيته». وما إن بدأ بالتكبير حتى تبعه عدد كبير بدأ يتزايد مع خروج الناس واتصالهم ببعض من مناطق أخرى في بانياس. واستفاد أنس كثيرا من الكاريزما التي يتمتع بها وعلاقاته الواسعة، لجذب الناس وإقناعهم بالتظاهر والمطالبة بالحرية.

ويؤكد ناشطون أن أنس، الذي تم اعتقاله يوم السبت 14 من مايو الفائت، هو من ذهب إلى أجهزة الأمن وسلم نفسه بعد تلقيه وعدا بالإفراج عن جميع معتقلي قرية البيضا، لكن سرعان ما تبين أن الوعد كاذب، وتعرض لحملة تشويه عبر تلفزيون «الدنيا» الذي اتهمه «بتزعم عصابة مسلحة وتوزيع السلاح على الإرهابيين وتنصيب نفسه وزير داخلية للإمارة الإسلامية التي يزعم النظام وجودها». وهذه المعلومات، وفق الناشطين، عارية عن الصحة، والسبب الحقيقي لاعتقال أنس دعوته للتظاهر والمطالبة بالحرية، وكونه المنظم الرئيسي لمظاهرات بانياس والمحرك الفعال الذي يجمع الناس ويدعوهم للتظاهر السلمي، فضلا عن أنه من أبرز الناشطين إعلاميا في مدينة بانياس وعلى اتصال شبه دائم مع عدد من الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية.

ويبدي أصدقاء أنس الشغري قلقهم على حياته، فهو يعاني قصورا كلويا، كما يقولون، وقد تضاربت الأنباء في الأيام الأولى لاعتقاله عن تعرضه لتعذيب شديد وإجباره على الظهور على التلفزيون الرسمي للإدلاء باعترافات تحت الضغط، في وقت تخوف ناشطون من أن ينفذ النظام حكم الإعدام بحقه بعد تضارب الأنباء بهذا الشأن؛ وأنشئت مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» تطالب بعدم تنفيذ الحكم.

ويبدي ناشطون اعتقادهم أن «النظام السوري قد يعمد إلى استخدام استراتيجية إضافية لقمع المظاهرات وردع الناس عن النزول إلى الشارع والمطالبة بحقوقهم، تقضي بإعدام مجموعة من منظمي المظاهرات، ليس بشكل علني إنما داخل المعتقلات، ليكونوا عبرة لسواهم ويخاف البقية، تماما كما فعل النظام الإيراني في قمع مظاهرات الثورة الخضراء ونجحوا في ذلك». ويضيف الناشطون أن «هذه الخطوة لن تنفع في ردع المحتجين عن المطالبة بحريتهم، بل إنها ستثير غضب أهالي بانياس وتجعلهم أكثر تصلبا في مطالبهم».

ويُذكر أن مدينة بانياس شهدت قمعا ممنهجا من قبل أجهزة الأمن السورية، كما شهدت موجة اعتقالات واسعة استهدفت أعدادا كبيرة من الشباب الذين شاركوا في المظاهرات أو دعوا إليها، كما عانت المدينة الساحلية الصغيرة ولا تزال تعاني حصارا خانقا يمنع عنها المواد الأساسية ويخضع سكانها للتفتيش على الحواجز الأمنية أثناء دخولهم وخروجهم من المدينة.